الإثنين، 20 أكتوبر 2025

05:41 م

محمد وهبي مدرب الشباب، كتب تاريخ المغرب بفكر أوروبي

محمد وهبي

محمد وهبي

يُعد محمد وهبي أحد أبرز الوجوه الصاعدة في سماء التدريب المغربي، ليقدم نموذجًا لمدرب جمع بين العلم والتدريب الحديث والتمسك بالهوية المغربية.

ونشأ محمد وهبي في بلجيكا، لكنه ظل مرتبطًا بجذوره المغربية، ومنذ طفولته، شكّلت كرة القدم شغفًا لا ينتهي، حين تابع إنجاز المنتخب المغربي في مونديال 1986، ليبدأ بعد ذلك رحلة طويلة من التعلم والعمل والتكوين انتهت بتتويجه العالمي في مونديال الشباب 2025.

مونديال 86

وُلد محمد وهبي في 7 سبتمبر 1976 بشخاربيك في بروكسل ببلجيكا ضمن أسرة مغربية الأصل، أحب وهبي كرة القدم منذ أن شاهد المنتخب المغربي يصل ثمن النهائي بنسخة كأس العالم 1986، كان في العاشرة من عمره فقط، تولّد لدى محمد وهبي حبّ عميق لكرة القدم بمناسبة كأس العالم 1986، ليلعب كرة القدم لكنه لم يتكمن من احتراف كرة القدم.

وبدأ محمد وهبي، مشواره التدريبي وهو في الحادية والعشرين من عمره، إذ التحق عام 1997 بنادي بروكسل وتولّى تدريب فئات الناشئين لمدة 6 مواسم، اكتسب خلالها خبرة في إعداد الحصص التدريبية المناسبة للأعمار المختلفة، وتعلم أسس التخطيط والملاحظة وتقييم اللاعبين.

في عام 2003، انضم وهبي إلى نادي أندرلخت، إذ بدأ مع فئة أقل من 9 سنوات التي ضمت أسماء مثل عدنان يانوزاي الذي لعب لنادي مانشستر يونايتد.

محمد وهبي

مساعد فيريرا

عمل وهبي إلى جانب مدرب الزمالك الحالي يانيك فيريرا، وارتقى تدريجيًا بين الفئات السنية حتى تولّى تدريب أندرلخت تحت 21 عامًا، ثم عمل معه كمدرب مساعد في نادي الفتح السعودي.

في موسم 2014–2015، قاد أندرلخت إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا للشباب، قبل الإقصاء أمام شاختار دونيتسك بنتيجة 1–3.

وفي الموسم التالي، تمت ترقيته ليصبح المدرب المساعد للفريق الأول بجانب بسنك هاسي، أنهى الفريق الدوري في المركز الثاني وتأهل إلى تصفيات دوري الأبطال، كما قدّم مشوارًا لافتًا في الدوري الأوروبي بفوزين على موناكو وتوتنهام، وبعد إقالة هاسي في مايو 2016، عاد وهبي لتدريب فئة الشباب.

في موسم 2017–2018، حقق لقب بطولة بلجيكا لفئة تحت 17 عامًا وتأهل إلى دوري أبطال الشباب مجددًا، وفي نهاية الموسم، حصل على رخصة التدريب UEFA Pro.

وتدرّب تحت إشرافه لاحقًا نجوم مثل يوري تيليمانس، جيريمي دوكو، دودي لوكيباكيو، وياري فيرشايرن، قبل أن يعلن رحيله عام 2021 متجهًا إلى تجربة جديدة خارج أوروبا.

جيريمي دوكو

رؤية لقجع

في مارس 2022، أعلن فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، تعيين محمد وهبي مديرًا فنيًا لمنتخب أسود أطلس لأقل من 20 عامًا.

فوزي لقجع

شارك المنتخب المغربي في البطولة العربية 2022 بالسعودية، وودّع البطولة من ربع النهائي بعد الخسارة أمام مصر 1-2.

وفي نوفمبر 2024، قاد وهبي، أسود الأطلس لتحقيق لقب بطولة شمال إفريقيا تحت 20 عامًا، ليضمن تأهله إلى كأس الأمم الإفريقية للشباب.

وفي بطولة كأس الأمم الإفريقية 2025 التي أقيمت بمصر، تصدر المغرب، مجموعته ونجح في الفوز على تونس 3-1، كما أقصى الفراعنة من نصف النهائي، قبل أن يخسر أمام جنوب إفريقيا 0-1 في المباراة النهائية.

واعتمد وهبي على مزيج من اللاعبين المزدوجي الجنسية وخريجي أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.

فهم اللعبة

تأثر محمد وهبي بتكوينه الفني في نادي أندرلخت البلجيكي، إذ تشكلت فلسفته التدريبية على أساس المبادرة والسيطرة على مجريات اللعب من خلال امتلاك الكرة.

ويؤمن وهبي بأن الشجاعة في اتخاذ القرار، والانضباط التكتيكي، والتحكم في الإيقاع، هي مفاتيح الأداء الفعّال، لذلك يعتمد على منظومات مرنة مثل 3-4-3 و4-3-3، مع إعلاء قيمة السرعة في التنفيذ والذكاء في التحرك.

محمد وهبي

في البطولات الإقصائية، يولي وهبي، اهتمامًا بالغًا بالتحضير الذهني والانسجام بين عناصر الفريق، ويرتكز في خططه على تحليل دقيق للمنافسين، مع تبسيط التعليمات لتفادي إرهاق اللاعبين بالمعلومات، ويؤكد دائمًا أن “فهم اللعبة” هو الأساس الذي يسبق أي تنفيذ تكتيكي أو فني.

أما في تعامله مع اللاعبين مزدوجي الجنسية، فقد أرسا وهبي نهجًا مؤسسيًا منظمًا بالتعاون مع الجامعة الاتحاد المغربي لكرة القدم، يقوم هذا النهج على قاعدة بيانات شاملة تُتابع المواهب في القارة الأوروبية، ثم يُجرى تواصل مباشر ومدروس مع اللاعب وعائلته لتقديم المشروع الرياضي المغربي بواقعية وشفافية، دون مبالغات أو وعود مسبقة.

ويحرص وهبي، على بناء علاقة إنسانية مع هؤلاء اللاعبين، تمتد إلى فترات الإصابة أو التوقف، بما يعكس اهتمامًا حقيقيًا بالبعد النفسي والشخصي إلى جانب الجانب الفني.

مجموعة الموت

في كأس العالم للشباب 2025، تواجد أسود الأطلس مجموعة الموت في دور المجموعات، لكنه تمكن من تصدر مجموعته بعد الانتصار على البرازيل بطلة أمريكا الجنوبية، ثم على إسبانيا بطلة أوروبا، قبل أن يخسر المباراة الثالثة أمام المكسيك بالفريق الثاني بعد أن ضمن التأهل مبكرًا.

في الأدوار الإقصائية، واصل المغرب، تألقه، ليقصي كوريا الجنوبية من دور ثمن النهائي، وحثث الفوز على منتخب الولايات المتحدة في ربع النهائي، قبل أن يتغلب على فرنسا وصيفة أوروبا في نصف النهائي.

المغرب

وفي المباراة النهائية، واجه الأرجنتين وصيفة أمريكا الجنوبية والمرشح الأقوى للقب، ونجح في الفوز بثنائية نظيفة منحته أول لقب عالمي في تاريخه.

وحقق المنتخب المغربي، 6 انتصارات مقابل هزيمة واحدة فقط بالفريق الثاني، وسجل 12 هدفًا وتلقى 5.

وحدد المدرب محمد وهبي، هدفًا واضحًا منذ البداية، بلوغ النهائي ثم الفوز باللقب، تحقق الهدفان بالفعل، حين تغلب المنتخب المغربي في المباراة النهائية على نظيره الأرجنتيني، ليُتوج بطلاً للعالم لأول مرة في تاريخه، في إنجازٍ غير مسبوق رفع اسم كرة القدم المغربية إلى قمة المجد العالمي.

ولم يحقق محمد وهبي مجرد لقب عالمي، بل قدّم نموذجًا جديدًا للمدرب المغربي المعاصر، القادر على الجمع بين الفكر الأوروبي والانتماء الوطني.

تحت قيادته، لم يكن المنتخب المغربي تحت 20 عامًا مجرد فريق شاب يطمح إلى المنافسة والتمثيل المشرف، بل مشروعًا متكاملًا يعكس رؤية واضحة لمستقبل كرة القدم المغربية، رؤية تقوم على التعليم والهوية واستغلال المواهب قبل النتائج والألقاب.

اقرأ أيضًا:

الزمالك يضرب ديكيداها بثلاثية بالشوط الأول في الكونفدرالية

وزير الرياضة يلتقي رئيس كاف على هامش مباراة السوبر الإفريقي

search