بعد تطمينات الشرع.. كيف ترى أقليات سوريا حكام دمشق الجدد؟

تشكل الأقليات جزءًا أساسيًا من نسيج سوريا الاجتماعي والثقافي وتعايشت هذه الأقليات، التي تشمل الكرد، الأشوريين، الأرمن، الدروز، الإسماعيليين، الشيعة، والمسيحيين، مع الأغلبية العربية السنية لعقود طويلة، ولكن وجود فصائل إسلامية متشددة في نظام ما بعد الأسد يثير الجدل حول مدى تقبلهم لهذا التنوع.

وتعهد أحمد الشرع قائد هيئة المعليات المشتركة، بأن سوريا ستكون مدنية لكل السوريين، وأنه لن تكون هناك عمليات انتقامية أو انتهاكات واحترام المذاهب المختلفة.

الكرد

تشكل الأقلية الكردية في سوريا جزءًا مهمًا من التركيبة السكانية في شمال البلاد، حيث يعيش الأكراد في مناطق متعددة مثل الحسكة والقامشلي، وعلى الرغم من تاريخ طويل من التهميش، فإنهم يسعون إلى تعزيز حقوقهم الثقافية واللغوية والسياسية في إطار الدولة السورية.

وتقول لمار أركندي، الصحفية السورية الكردية، أنه في بداية العملية التي شنتها هيئة تحرير الشام وتبعتها باقي الفصائل السورية بدءاً من حلب وحتى دخول دمشق، جاء أحمد الشرع بخطاب ودي لكافة أطياف الشعب.

واكدت أركندي في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن الدروز والعلويين والكرد متخوفون كونهم خبروا هؤلاء خلال السنوات الماضية، وأول من تعرض للانتهاك في سوريا هم الكرد في تل حاصل، حيث تم قطع رؤوسهم من قبل من كانوا يسمون أنفسهم ثوارا في بداية الأزمة في 2012.

وضربت الصحفية الكردية السورية مثالا بمدينة ادلب هذه المدينة الصغيرة التي تنتشر بها القرى المتداخلة مع ريف اللاذقية والتي يعيش بها أبناء الطائفة العلوية والدرزية والأرمن والكرد، واليوم تم تهجيرهم بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها في تلك المنطقة سواء بالقتل أو التهجير أو الاستيلاء على ممتلكاتهم، وفي مدينة عفرين تعرض الكرد لأبشع انتهاكات تعرض لها شخص في العالم من عمليات قتل على الهوية وتهجير آلاف الكرد إلى الشهباء وتل رفعت والاستيلاء على ممتلكاتهم وأراضيهم.

وأوضحت أركندي، أنه توجد مئات السجون السرية المعارضة أو ما يسمى الجيش الوطني السوري، التي يقبع فيها العشرات من المدنيين الكرد من مختلف الأعمار حتى من بينهم شيوخ طاعنون في السن يتعرضون لأبشع الانتهاكات، وحول تلك السجون آبار مياه تتحول إلى مقابر جماعية للذين يموتون تحت التعذيب.

أما عن الأقلية الدرزية في سوريا تتمركز بشكل رئيسي في جبل العرب جنوب البلاد، وتعتبر جزءًا من المجتمع السوري المتنوع، كما يُعرف الدروز بولائهم للمجتمعات المحلية وتمسكهم بتقاليد دينية وثقافية خاصة، مع مشاركتهم الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية في سوريا.

السريان

يعيش المسيحيون في مختلف المدن والمناطق، ولعبوا دورًا مهمًا في الحياة الاقتصادية والسياسية على مر التاريخ، ويعتبر السريان من أبرز الأقليات المسيحية.

كشف كينو كبريئل الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية السريانية والمتحدث السابق باسم قوات سوريا الديمقراطية، أن الموقف من الجولاني حاليا هو موقف حذر، مبيناً أنه يوجد حالياً تطمينات من الحكومة المؤقتة وأنه من المبكر الحكم عليها سواء إيجابيا أو سلبياً.

وأكد كبريئل في تصريح خاص لـ"تليجراف مصر"، أنه حدثت حالات للهجوم على كنائس أو أشخاص ولكن بمناطق متفرقة، ولا يمكن تحليلها بأنها عمل منظم، ولذلك يصعب الحكم على الحكومة المؤقتة والتي تسلمت الحكم منذ ما يقل عن شهر.

أضاف السياسي السرياني، لا يمكن أن ننسى أننا نتعامل مع هيئة تحرير الشام والتي كانت جبهة النصرة وتتبع فكرياً تنظيم القاعدة وكانت مع داعش لفترة من الزمن، رغم أنه توجد محاولات من الجولاني والهيئة بشكل عام لتغيير صورتها العامين ثلاثة الماضيين، ولكن لا يمكن أن ننسى ما حدث في إدلب من اعتداءات وانتهاكات في حق السكان هناك والاجئين

الشركس

في حين تمثل الأقلية الشركسية في سوريا جزءًا من تاريخ البلاد المعاصر، حيث استقر الشركس في مناطق مختلفة بعد تهجيرهم من القوقاز في القرن التاسع عشر، ولا يزالون يحافظون على ثقافتهم ولغتهم الخاصة، مع اندماجهم في المجتمع السوري والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية. 

كشف ديب قات، السياسي السوري الشركسي، أنه غم التخوفات من هبئة تحرير الشام إلا أن الهيئة وإدارة العمليات أبدت حسن نوايا تجاه المكون الشركسي، حيث زار وفد من إدارة العمليات المشتركة للجمعيبة الشركسية وأرسلوا رسائل طمأنة لهم، رغم أن كثير من أعضاء الجمعية كانوا من رموز النظام السابق.

وأكد قات في تصريح خاص لـ"تليجراف مصر"، أن مطالب الشركس بسيطة وتختلف عن العديد من القوميات والطوائف الأخرى بسوريا مثل الاعتراف باللغة الشركسية والسماح بتدريسها في المدارس والسماح بالعادات والتقاليد الشركسية.

وأضاف السياسي الشركسي، أنه لا يوجد شركسي واحد تم استهدافه أثناء الحرب الأهلية السورية لوصفه شركسي وإنما لرأيه السياسي، مستبعدًا وجود تضييقات على الشركس لأنه مثلما كان هناك شخصيات مؤثرة شركسية مع النظام هناك شخصيات شركسية لها وزنها مع المعارضة.