عملات عائلة ترامب تشعل الأسواق.. استثمار ذكي أم فخ للمضاربين؟

في خطوة مفاجئة أثارت جدلًا واسعًا في الأسواق المالية، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عملة رقمية مشفرة تحمل اسمه "$Trump"، تبعته زوجته ميلانيا ترامب بإطلاق عملتها الرقمية الخاصة “$Melania”، وذلك عشية حفل تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة.

أثار هذا الإعلان ردود فعل متباينة بين الخبراء والمستثمرين، حيث شهدت العملة ارتفاعًا جنونيًا في قيمتها خلال الساعات الأولى، بينما حذر محللون من مخاطر التلاعب بالسوق وتأثير هذه الخطوة على النظام المالي. 

قفزة قياسية

وفقًا لمنصات تداول العملات الرقمية، سجلت عملة "$Trump" قفزة غير مسبوقة في قيمتها خلال 24 ساعة فقط من إطلاقها، حيث تضاعفت قيمتها أربع مرات، ووصل حجم التداولات إلى أكثر من 10 مليارات دولار، ما يعكس اهتمامًا واسعًا من المستثمرين والمضاربين. 

وشهدت العملة موجات شراء مكثفة دفعت قيمتها إلى مستويات قياسية، قبل أن تواجه عمليات تصحيح سريعة أفقدتها نسبة كبيرة من مكاسبها.

وفي نفس السياق، شهدت عملة "$Melania" أيضًا ارتفاعًا سريعًا في قيمتها، ولكن بدرجة أقل من عملة ترامب، حيث جذبت اهتمامًا أقل من المستثمرين مقارنة بعملة الرئيس السابق.

اتهامات بالتلاعب

أثار الإطلاق المفاجئ لهذه العملات الرقمية تساؤلات حول نوايا الرئيس السابق وزوجته، حيث رأى البعض أنها محاولة لتحقيق أرباح ضخمة عبر التلاعب بالأسواق. 

وأبدى خبراء ماليون، حسبما أفادت "رويترز"، قلقهم من احتمال أن تكون هذه الخطوة جزءًا من مخطط "رفع السعر والتخلي عنه" (Pump and Dump)، وهو أسلوب غير قانوني يستخدم للتلاعب بأسعار الأصول من خلال رفعها بشكل مصطنع قبل بيعها وتحقيق أرباح على حساب المستثمرين الآخرين.

وحذر اقتصاديون، من أن هذه الخطوة قد تشكل انتهاكًا للقوانين الأمريكية الخاصة بالأوراق المالية، حيث قد تعتبر "$Trump" و"$Melania" أوراقًا مالية غير مسجلة لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، ما قد يؤدي إلى فرض عقوبات قانونية في حال ثبوت نية التلاعب.

انتشار للعملات المزيفة

بالتزامن مع إطلاق "$Trump" و"$Melania"، شهدت منصات التداول ظهور أكثر من 700 عملة رقمية مقلدة تحمل أسماء مشابهة، ما أثار مخاوف بشأن إمكانية تضليل المستثمرين. 

وأكد خبراء، أن هذا الوضع يعكس طبيعة الأسواق الرقمية غير المنظمة، حيث يمكن لأي شخص إنشاء عملة تحمل اسم شخصية مشهورة وجذب المستثمرين دون أي ضمانات قانونية.

واستغل محتالون اسم ترامب لإطلاق عملات رقمية مزيفة لخداع المستثمرين، ما أدى إلى خسائر مالية كبيرة للعديد من المتداولين الذين لم يتمكنوا من التمييز بين العملات الأصلية والمزيفة.

منصة مالية لامركزية

لم يقتصر الأمر على إطلاق العملات الرقمية، بل أعلنت عائلة ترامب تأسيس شركة (World Liberty Financial)، وهي منصة مالية لامركزية تهدف إلى توفير نظام مصرفي رقمي يسمح للمستخدمين بالاقتراض والإقراض باستخدام العملات الرقمية دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين.

وأفادت تقارير بأن الشركة تسعى إلى تقليل تقلبات السوق من خلال تقديم حلول مالية مستقرة تعتمد على تقنية البلوك تشين، ومع ذلك، يرى البعض أن امتلاك عائلة ترامب لحصة الأغلبية في الشركة يثير تساؤلات حول استغلال النفوذ السياسي لتحقيق مكاسب مالية ضخمة.

التأثير على سياسة العملات الرقمية

يأتي هذا التحرك في ظل وعود ترامب خلال حملته الانتخابية بجعل الولايات المتحدة مركزًا عالميًا لتداول العملات الرقمية، حيث أعلن سابقًا نيته إنشاء احتياطي وطني للبيتكوين، ما يعكس دعمًا واضحًا لتكنولوجيا البلوك تشين والعملات المشفرة.

لكن في المقابل، عارضت إدارة الرئيس السابق جو بايدن هذا التوجه، حيث سعت إلى فرض تنظيمات صارمة على سوق العملات الرقمية للحد من المخاطر المالية المحتملة. ويرى محللون أن الخطوة الأخيرة التي قام بها ترامب قد تسرع من جهود الجهات التنظيمية الأمريكية لوضع ضوابط أكثر صرامة على هذا القطاع.

تقلبات عنيفة وخسائر مليارية 

رغم الأرباح الهائلة التي حققتها عملة "$Trump" لبعض المستثمرين في البداية، إلا أن السوق شهدت تقلبات حادة بعد ذلك، حيث فقدت العملة نسبة كبيرة من قيمتها خلال لحظات، ما تسبب في خسائر بمليارات الدولارات للمتداولين الذين دخلوا السوق في وقت متأخر.

وأظهرت بيانات السوق، أن بعض كبار المستثمرين باعوا كميات ضخمة من العملة في وقت الذروة، ما أدى إلى انهيار سريع في السعر، وهذا السيناريو يتكرر في العديد من العملات الرقمية التي تعتمد على المضاربة وليس لها قيمة اقتصادية حقيقية.