المفتي: الإسلام لم يكن عائقا أمام التطور العلمي

الدكتور نظير عياد
أكد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، الدكتور نظير عياد، أنه لا يوجد هناك تعارض بين الإسلام والعلم بل بينهما تكامل وتعاون، موضحا أن الشريعة الإسلامية لم تكن قط عائقًا أمام التطور العلمي، بل هي حافزًا للاكتشاف والابتكار.
العلاقة بين الإسلام والعلم
وتناول الدكتور نظير عياد، خلال حديثه الرمضاني اليومي على قناتَي dmc و"الناس"، قضية "هل العلاقة بين الإسلام والعلم علاقة تعارض أم علاقة تكامل".
وأشار إلى أن البعض يظن وجود فجوة بين الدين والعلم، وكأنهما مجالان متناقضان، في حين أن النظرة المتأملة في النصوص الشرعية والمواقف التاريخية للمسلمين تؤكد أن الإسلام قد وضع العلم في مرتبة عالية، ودعا إليه منذ أول لحظة، حيث كانت أول آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي: "اقرأ" [العلق: 1]، وهو ما يدل على أن الإسلام بدأ دعوته بالأمر بالعلم والمعرفة.
وأشار إلى أن الإسلام جعل طلب العلم عبادة، ورفع من شأن العلماء، كما في قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة".
النظر والتأمل في آيات الكون
وأضاف أن القرآن الكريم لم يكتفِ بالدعوة إلى العلم، بل وجَّه الإنسان إلى النظر والتأمل في آيات الكون، وجعل من البحث في خلق السماوات والأرض وسيلة لتعميق الإيمان بالله، كما في قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190].
وبيَّن مفتي الجمهورية أن علماء المسلمين عبر التاريخ لم يروا تعارضًا بين الإسلام والعلم، بل كانوا روادًا في مختلف العلوم، فالإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين فرَّق بين العلوم الدينية والطبيعية، واعتبر أنَّ العلوم الطبيعية إذا قُصد بها الخير فإنها من جملة العبادات، كما أكد ابن رشد أن الفلسفة لا تتعارض مع الشريعة، وقال: "الحكمة والشريعة أختان، لأن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له".
واستعرض نماذج من علماء المسلمين الذين أسهموا في النهضة العلمية، مثل ابن الهيثم مؤسس علم البصريات وصاحب المنهج التجريبي، والخوارزمي واضع أسس علم الجبر، مؤكدًا أن الإسلام لم يكن عائقًا أمام هذه العلوم، بل كان باعثًا لها.
تعارض الإسلام والاكتشافات
وفي إجابته عن سؤال حول ما إذا كان هناك تعارض بين الإسلام والاكتشافات العلمية الحديثة، أوضح مفتي الجمهورية أنه يجب التمييز بين الحقيقة العلمية والنظرية العلمية، فالحقيقة العلمية هي ما ثبت بدليل قاطع وتجربة يقينية، وهذه لا يتعارض معها الإسلام، بل نجد إشارات قرآنية توافق كثيرًا منها، مثل ما ورد بشأن مراحل تطور الجنين في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14].
أما النظريات العلمية، فهي قابلة للتغيير والتبديل، وبالتالي لا يصح أن يُبنى على تعارضها مع النصوص الدينية حكم قاطع.
ولفت إلى أن كثيرًا من مظاهر التعارض المزعومة ترجع إلى تفسيرات خاطئة للنصوص، لا إلى النصوص نفسها، فغالبًا ما يكون الإشكال في الفهم البشري وليس في الدين.
وتطرق إلى أسباب شيوع فكرة التعارض بين الإسلام والعلم، مشيرًا إلى أن من أبرزها تأثر بعض المفكرين المسلمين بالصراع التاريخي بين بعض رجال الدين والعلماء في أوروبا، وكذلك الجهل بحقيقة الإسلام، وغياب الاجتهاد الديني المعاصر في بعض القضايا العلمية الحديثة، مما يترك فراغًا تستغله التيارات المشككة.
وأكد مفتي الجمهورية أن تحقيق التكامل بين الإسلام والعلم في الواقع المعاصر يتطلب عدة خطوات، أبرزها: إحياء ثقافة العلم في المجتمعات الإسلامية، وتعزيز البحث العلمي في إطار القيم الإسلامية، وتشجيع الاجتهاد في القضايا العلمية المستجدة، مثل؛ الذكاء الاصطناعي وأخلاقيات الهندسة الوراثية، إلى جانب بناء جسور الحوار والتعاون بين العلماء الشرعيين والعلماء الطبيعيين، حتى لا تكون هناك فجوة بين الفقه والعلم، بل تكامل وتعاون يخدم الإنسان والمجتمع.
وختم المفتي حديثه بالتأكيد على أن المسلم الحقيقي هو الذي يجمع بين العلم والإيمان، فلا يرى في العلم تهديدًا لدينه، ولا في الدين عائقًا أمام تقدمه الفكري، داعيًا الله تعالى أن يجعلنا من أهل العلم النافع، وأن يعيد للأمة الإسلامية مكانتها العلمية والحضارية.

الأكثر قراءة
-
برواتب تصل لـ1800 درهم.. “العمل” توفر 195 فرصة عمل بالإمارات
-
"جيل زد" يرسم واقعا جديدا بالمغرب.. احتجاجات إصلاحية بلا انتماء سياسي
-
الإجابات الضائعة عند حسين الشحات
-
بعد 4 أيام.. استخراج آخر ضحايا حريق مصنع المحلة
-
بيزنس خفي في العيادات.. أطباء يخدعون مرضاهم بـ"اتفاق شفهي" مع الصيدليات والمعامل
-
"حبوب في اليدين".. تفاصيل انتشار فيروس HFMD بمدرسة ألسن سقارة (خاص)
-
هاجم عبدالناصر وسخر من حرب أكتوبر.. كتاب تاريخ سوري في مرمى السهام
-
راكب يأكل جواز سفره.. 15 دقيقة جنونية تجبر طائرة على الهبوط

أخبار ذات صلة
وزير الخارجية يغادر إلى السعودية للمشاركة في اجتماع قادة ميونخ بالعُلا
01 أكتوبر 2025 10:20 ص
خلال ساعات.. "الإسكان" تتلقى طلبات المستأجرين للحصول على وحدات بديلة
01 أكتوبر 2025 10:10 ص
في اليوم العالمي للمسنين.. "التضامن": غلق 15 دار مسنين في 4 محافظات
01 أكتوبر 2025 09:53 ص
اعتراضات الرئيس على "الإجراءات الجنائية".. هل يقرّها البرلمان أم يرفضها؟
01 أكتوبر 2025 09:44 ص
السودان يواجه فيضانات عنيفة.. وتحذيرات من كارثة محتملة في سد الروصيرص
01 أكتوبر 2025 09:41 ص
تعرف على رابط وخطوات الاستعلام عن قيمة المعاش بعد الزيادة
01 أكتوبر 2025 06:56 ص
أسامة السعيد يكشف استراتيجية الدولة لمواجهة حروب الجيل الرابع
01 أكتوبر 2025 04:28 ص
بعد تأجيرها.. هل تناسب أسعار عيادات المستشفيات الحكومية المواطن؟
30 سبتمبر 2025 09:35 م
أكثر الكلمات انتشاراً