الحوثيون "غصة في حلق" ترامب.. هل تنجح "القوة الساحقة"؟

في ظل تصاعد التوترات في المنطقة العربية، تتزايد التساؤلات حول مدى قدرة أمريكا على تحقيق أهدافها الاستراتيجية في اليمن، وعلى رأسها تحجيم نفوذ جماعة أنصار الله “الحوثيين” أو القضاء عليها كليا، وسط مؤشرات ميدانية تعكس تعقيد المشهد.

وتواصل القوات الأمريكية، شنّ غارات جوية مكثفة تستهدف مواقع حيوية تابعة للجماعة، من بينها مصافي النفط والمطارات ومخازن الصواريخ، في محاولة لتقويض قدراتها العسكرية وتأثيرها في الإقليم، وفق تقرير لشبكة CNN.

وأكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن واشنطن ستواصل استخدام "القوة الساحقة" حتى تحقق هدفها الرئيسي، وهو ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، التي تراجعت بنسبة 70% بعد الهجمات الحوثية.

ورغم أن الحملة العسكرية أسفرت عن مقتل عدد من قادة الحوثيين، حسب مستشار الأمن القومي مايك والتز، فإن تأثيرها يبدو محدودًا حتى الآن، في ظل استمرار الهجمات الحوثية بالصواريخ والطائرات المسيرة على السفن الأمريكية والإسرائيلية.

الحوثيون: مقاومة عنيدة وتكتيكات مستمرة

بدأ الحوثيون، حملتهم الحالية تضامنًا مع الفلسطينيين، إثر اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023. وقد نفذوا أكثر من 100 هجوم، بينها إغراق سفينتين، ويُشبه أحد المحللين صمودهم بـ"غرير العسل" الذي لا يتأثر بسهولة، حتى بعد لدغات مميتة.

وعلى الرغم من مقتل نحو 80 ضابطًا حوثيًا، فإن قادة الجماعة الأساسيين لا يزالون بمنأى عن الاستهداف، كما لم يتم القضاء تمامًا على منصات إطلاق الصواريخ.

تكلفة باهظة للحملة الأمريكية

ووفق تقرير CNN، فإن تكلفة العمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين بلغت قرابة مليار دولار، خلال أقل من ثلاثة أسابيع. وأفاد مسؤول أمريكي، بأن الحملة تستنزف الموارد من ذخائر ووقود ووقت انتشار، دون تحقيق نتائج حاسمة.

وفي المقابل، يواصل الحوثيون، تهديداتهم بتوسيع نطاق الهجمات لتشمل الإمارات، في ظل استنفار سعودي واسع للدفاعات الجوية.

هل تُجدي الغارات نفعًا؟

يرى خبراء، أن الغارات الأمريكية أضعفت بعض قدرات الحوثيين، خاصة على صعيد تصنيع الطائرات المسيرة واعتراض الإمدادات عبر البحر وعُمان، إلا أن الجماعة لا تزال صامدة.

ويقول الزميل في معهد واشنطن، مايكل نايتس، إن الحوثيين لن يقدموا تنازلات إلا في حال تعرضهم لهزيمة ميدانية حقيقية على الأرض، مثل خسارة السيطرة على مناطق حيوية أو تقليص نفوذهم بين السكان، إلا أن الطبيعة الجبلية التي تتميز بها المنطقة التي يقطنها الحوثيون قد تحول دون ذلك بنسبة كبيرة.

الحاجة إلى هجوم بري؟

ورغم تكهنات متزايدة بشأن هجوم بري وشيك قد تدعمه الولايات المتحدة، انطلاقًا من الجنوب والشرق والساحل الغربي، فإن المحللين يشككون في قدرة القوات اليمنية الموالية للحكومة المعترف بها دوليًا على تنفيذ هذا الهجوم بنجاح، بسبب ضعف التنسيق الداخلي رغم جاهزيتهم العسكرية.

إيران في الخلفية: دعم غير مباشر وتوازن حساس

تعتبر واشنطن أن الحوثيين جزء من "محور المقاومة الإيراني"، وترى في حملتهم العسكرية أداة ضغط إيرانية، وقد حذّر الرئيس ترامب طهران من "عواقب وخيمة" إذا استمرت بدعم الحوثيين، ملمحًا إلى إمكانية تصعيد المواجهة ضد إيران نفسها ما لم تُبرم اتفاقًا حول برامجها النووية والصاروخية.

ورغم الدعم المعنوي الإيراني للحوثيين، فإن طهران تتعامل بحذر، مفضّلة عدم التورط علنًا في صراع مباشر مع واشنطن.

فيما تُظهر تحركات عسكرية أمريكية، مثل نشر قاذفات بي-2 وطائرات تزويد الوقود في جزيرة دييجو جارسيا، أن الإدارة الأمريكية مستعدة لتوسيع الحملة، سواء لضرب أهداف استراتيجية في اليمن أو لإرسال رسائل ردع قوية إلى إيران.

اختبار صمود قادم

بينما تؤكد الولايات المتحدة، تصميمها على إنهاء تهديد الحوثيين، تُظهر الوقائع أن الجماعة تتمتع بقدرة كبيرة على التحمل، وتستفيد من شبكة تهريب معقدة تضمن استمرارها.

وفيما يتوقع البعض، أن يكون الحل في هجوم بري منسق، تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت واشنطن ستنجح في فرض إرادتها أم أن الحوثيين سيواصلون الصمود والتحدي.