الأربعاء، 30 أبريل 2025

01:11 م

د.فتحي حسين

د.فتحي حسين

A A

لميس الحديدي.. والعداء المستحكم لكلاب الشوارع!

لم تجد السيدة لميس الحديدي ما يشغلها، سوى إعلان الحرب على كلاب الشوارع! كما في الفقرة الأخيرة من برنامجها " كلمة أخيرة" علي قناة أون.
بصوت مرتفع ونبرة استعلاء، راحت تبشّرنا بحلٍّ عبقري: "التخلص الفوري منهم"، فلا تطعيم ينفع، ولا تعقيم يجدي، ولا توعية تصلح مع هذا "الخطر الداهم" الذي يمشي على أربع! هكذا ترى لميس!
تصوروا! الكلاب، التي يحرس بها الفلاحون بيوتهم ليلا، وصارت في المدن مخلوقات تبحث عن لقمة وجرعة ماء، أصبحت فجأة مشروع خطر قومي ينبغي اجتثاثه من جذوره!
ولا أحد ينبه السيدة لميس إلى أن الكلاب، رغم ضعفها، لها فوائد لا تُحصى! فهي حارسة أمينة، وصديقة للإنسان، ولها دور بيئي في حفظ التوازن الطبيعي. ليس هذا فقط، بل إن ذكر الكلاب جاء في القرآن الكريم باحترام، حين ذكرها الله سبحانه مع أصحاب الكهف، وجعلها جزءاً من قصتهم الخالدة.
ألم تقرئي، يا سيدتي، قوله تعالى: "وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد"؟
ألم تعرفي أن الشريعة الإسلامية أوصت بالرفق بالحيوان، وأن في كل كبد رطبة أجر؟
وزادت لميس الطين بلّة حين خرجت علينا بتلك الحكمة الاقتصادية العظيمة، معلنة أننا "دولة فقيرة" لا تملك ترف توفير الأمصال للكلاب من أجل تطعيمهم! وكأن الفقر مبرر للوحشية!
تجاهلت، عامدة أو جاهلة، أن هناك منظمات دولية تقدم الأمصال مجاناً لكل دولة تُظهر التزاماً برعاية الحيوانات، وتبدي اهتماماً بإنسانيتها، لكن يبدو أن لميس لا ترى أبعد من شاشة استوديوهاتها، ولا تسمع إلا صوت نفسها!
لميس تريد حملة "قومية"، للتخلص مما تسميه "التهديد المتجول"! ترفض التطعيم والتعقيم بحجة أنه "ترف غير مجدٍ". تستهين بالتوعية وكأنها نكتة سخيفة. الحل من وجهة نظرها: الإبادة!
هكذا، ببساطة شديدة، تُفتح شاشات الفضائيات في وجه دعوات التحريض، وكأن الشوارع لا تعاني من أزمات أعقد، وكأن عشوائية المرور، وتلال القمامة، وحوادث القتل اليومية، أقل خطراً من كلب يجري خلف سيارة أو يبحث عن ظل شجرة!
إنها دعوة قديمة جديدة، تعبر عن فشل في فهم الواقع، وقصور في قراءة الحلول الإنسانية. لا تعرف لميس الحديدي أن التطعيم والتعقيم هو الحل العلمي والعملي الوحيد، المعتمد في كل بلدان العالم، للسيطرة على أعداد الكلاب ومنع انتشار الأمراض.
لكنها لم ترَ سوى "الرصاص"! لم تسمع سوى صوت الإلغاء! وربما كانت تتخيل نفسها في حملة عسكرية ضد "العدو" الذي لا يرحم! خاصة أنه حتي الآن لا يوجد قانون لحماية حقوق الحيوان في مصر!
يا سادة، حين تختلط الفوقية بالجهل، تكون النتيجة خطاباً عبثياً.. لا يليق بشاشة محترمة، ولا يصنع وعياً، بل يرسخ ثقافة البطش التي نعاني منها كل يوم.
وفي النهاية، سيبقى الكلب أوفى من كثيرين!

search