الأحد، 04 مايو 2025

08:50 ص

قوات خاصة مصرية في قلب تركيا.. تدريبات غير مسبوقة ورسائل مشفرة

قوات خاصة مصرية

قوات خاصة مصرية

أشرف جاد الله

A .A

أجرت القوات الخاصة من مصر وتركيا تدريبات عسكرية مشتركة في العاصمة التركية أنقرة خلال الفترة من 21 إلى 29 أبريل الماضي، في إطار تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وذلك ضمن سعيهما لإعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية من خلال مناورات وتدريبات نوعية عالية المستوى.

إشراف قادة عسكريين رفيعي المستوى

وحسبما نشرته "سكاي نيوز"، شهدت أنقرة خلال تلك الأيام ساحة تدريب ميداني للنخبة، حيث شاركت قوات خاصة من البلدين جنبًا إلى جنب في سلسلة من التدريبات المكثفة، بإشراف قادة عسكريين رفيعي المستوى.

المناورة العسكرية تحمل بُعدا سياسيا

وفي هذا السياق، أكد اللواء أركان حرب سمير فرج، الخبير العسكري ومدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق، أن هذه المناورة تحمل بُعدا سياسيا، خاصة في ظل التعاون الأخير مع تركيا، وهو ما يسهم في إذابة أي خلافات سابقة، مشيرًا إلى أن مصافحة الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش افتتاح مونديال قطر 2022 كانت لها دور في تقارب وجهات النظر بين البلدين بعد الخلاف منذ عام 2013.

مناورة تدريبية عادية وليست موجهة ضد أي دولة

وأضاف فرج أن هذه المناورة ليست موجهة ضد أي دولة بعينها، ولا تهدف إلى توجيه رسائل لإسرائيل، بل تعد تدريبًا عسكريًا طبيعيًا، ومع ذلك، أشار إلى أنها قد تثير بعض القلق لدى دول مثل قبرص واليونان، قائلًا: "المناورة ممكن تزعل قبرص واليونان بسبب خلافاتهما مع تركيا، لكنها تبقى مناورة تدريبية عادية".

عودة العلاقات والتقارب بين الجانبين

ومن جانبه أكد اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن مصر في إطار تحقيق مصالحها الوطنية، أجرت هذه المناورة العسكرية بالتزامن مع عودة العلاقات المصرية التركية، موضحًا  أن العلاقات بين مصر وتركيا، وكذلك بين تركيا وعدد من الدول العربية، شهدت خلال الفترات الماضية بعض التوترات والهزات، إلا أن الحكمة السياسية تقتضي الآن العمل على عودة العلاقات والتقارب بين الجانبين.

المناورة لا تحمل أي رسالة تهديد عسكري لإسرائيل

وأضاف أن المناورة لا تحمل أي رسالة تهديد عسكري لإسرائيل، بل هي مناورة عسكرية معتادة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن مصر تمتلك قوات مسلحة قادرة على تلبية متطلبات أمنها القومي في أي وقت وفي أي مكان، وهو أمر تدركه جميع الدول المعادية جيدًا.

وتابع المستشار بالأكاديمية العسكرية، حديثه بأن التطور الأخير في العلاقات المصرية التركية، بعد سلسلة الأزمات السابقة وآخرها الحملات الإعلامية ضد مصر، يعد دليلا واضحا على احترافية السياسة الدبلوماسية المصرية وقدرتها على تجاوز الأزمات.

تجاوز الخلافات

وأشار إلى أن المجال العسكري يعد من أكثر المجالات التي يمكن من خلالها تجاوز الخلافات، لافتًا إلى أن هذه المناورة تعكس رسائل واضحة لكل الأطراف الإقليمية والدولية بشأن توجهات مصر العسكرية والسياسية.

كما أكد أن هذه المناورة لا تمثل أي خلاف أو تهديد تجاه قبرص أو اليونان، حيث تجري مصر أيضًا مناورات عسكرية مع هاتين الدولتين، في إطار توازن علاقاتها وشراكاتها الاستراتيجية المتعددة.

مكتسبات المناورة

وأوضح أن مصر حققت العديد من المكتسبات من هذه المناورة، من بينها، تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، واكتساب خبرات جديدة في مجالات المناورة والانتشار، إلى جانب القدرة على العمل في مختلف الأجواء والظروف، وأخيرًا تحقيق الأهداف الاستراتيجية ومتطلبات الأمن القومي.

وأكد العمدة أن السياسة الدبلوماسية المصرية خلال هذه المرحلة تعمل على تصفية المشكلات والخلافات مع مختلف الدول، بهدف تعزيز الاستقرار في المنطقة، مشددًا على أن السياسة تقوم على المصالح، ومن مصلحة مصر في هذه الفترة التوافق مع تركيا.

مناورة مخطط لها مسبقا وليست دليلا على التوافق التام 

من جانبه، أكد اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن هذه المناورة تم التخطيط لها مسبقًا بهدف تبادل الخبرات العسكرية، موضحًا أن إجراء هذه المناورة لا يعني بالضرورة وجود توافق تام بين مصر والدولة الأخرى في جميع الملفات، مثل ملف جماعة الإخوان الإرهابية المحظورة في مصر، لكنها تمثل رسالة مهمة تشير إلى تحسن العلاقات المصرية بعد الخلافات التي وقعت مؤخرًا.

وفي سياق الحديث عن إسرائيل، أكد الخبير العسكري أن تنفيذ هذه المناورة يعد أمرًا طبيعيًا، ولا يقصد منه توجيه أي رسالة لها، بل يعد وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية لكل دولة، في ظل سعي كل منها لتحقيق أكبر قدر من المصالح.

البرنامج التدريبي للمناورة 

شمل البرنامج التدريبي عدة محاور استراتيجية، تضمنت:

  • تدريبات على القتال في المناطق المأهولة
  • مهارات القنص والإسعاف الميداني
  • تدريبات على القفز بالمظلات
  • عمليات إنزال جوي من المروحيات
  • مهمات استطلاع دقيقة
  • تنفيذ عمليات خاصة بأعلى درجات الاحتراف

وتعد هذه أول تدريبات ثنائية مشتركة بين البلدين منذ عودة العلاقات، إلا أنه في أكتوبر الماضي، جمعت الدولتين تدريبات جوية في باكستان، حيث شاركت الدولتان في النسخة الثانية من تدريب "درع السند" الذي استضافته قاعدة مصحف الجوية في باكستان، إلى جانب السعودية وباكستان، ودول أخرى بصفة مراقب، حيث شاركت القوات الجوية المصرية بـ3 مقاتلات من طراز F-16 بلوك 52، فيما شاركت تركيا بـ5 مقاتلات من طراز "إف-16".

وتمثل هذه التدريبات مؤشرًا واضحًا على تطور العلاقات بين القاهرة وأنقرة، وتحمل في طياتها رسائل إقليمية متعددة حول جاهزية القوات المسلحة في كلا البلدين لخوض المهام المعقدة بكفاءة عالية.

search