الإثنين، 05 مايو 2025

12:46 ص

تاريخ طائرة الرئاسة الأمريكية.. من "البقرة المقدسة" إلى بوينج 747

الطائرات الرئاسية الأمريكية على مر العصور

الطائرات الرئاسية الأمريكية على مر العصور

"طائرة الرئاسة" أو "Air Force One" هو مصطلح لا يشير إلى طائرة بعينها، حيث يطلق على أي طائرة تابعة لسلاح الجو الأمريكي تكون في الخدمة وتحمل رئيس الولايات المتحدة.

وأثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفضول حول معرفة تاريخ الطائرات الرئاسية الأمريكية بعد أن أعلن استيائه من شركة بوينج لعدم تنفيذ ما طلبه من أسطول الطيران الرئاسي "Air Force One"، وقام بمخاطبة شركة أخرى للتعديل على طائرة كانت ضمن طائرات الرئاسة القطرية ليستعين بها مؤقتًا.

وبالعودة للماضي نجد أن النداء "Air Force One" بدأ استخدامه رسميًا بعد حادثة تعارض في رموز الاتصال بين طائرة رئاسية وطائرة تجارية في عهد الرئيس دوايت أيزنهاور، حسبما أورد موقع بيزنس إنسايدر الأمريكي، لكن استخدام الرؤساء للطائرات بدأ قبل ذلك بكثير، ففي 11 أكتوبر 1910، أصبح ثيودور روزفلت – بعد مغادرته المنصب – أول رئيس أمريكي سابق يطير في الجو، على متن طائرة من صنع الأخوين رايت، بقيادة الطيار أرشيبالد هوكسي.

خفر السواحل الأمريكي دوجلاس RD-2 في يونيو 1932.

أول طائرات معدّة للرئيس

في الثلاثينيات، خصصت البحرية الأمريكية طائرة برمائية من طراز دوجلاس دولفين، تحت الاسم RD-2، لتكون أول طائرة مهيأة لنقل الرئيس فرانكلين روزفلت، ورغم أنها لم تُستخدم فعليًا، فإنها مهدت الطريق لتطور وسائل النقل الرئاسي الجوي.

وفي 1943، أصبح روزفلت أول رئيس يسافر جوا أثناء توليه منصبه، عندما استخدم طائرة بوينج 314، والتي عرفت حينها باسم "ديكسي كليبر"، لعبور المحيط الأطلسي لحضور مؤتمر الدار البيضاء خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه الرحلة ذات اهمية استراتيجية لتجنب تهديدات الغواصات الألمانية.

طائرة بوينج 314 كليبر في رحلة حوالي عام 1945.

"البقرة المقدسة" والرئيس الطائر

لاحقًا، جهزت طائرة من طراز C-54 سكاي ماستر لتناسب احتياجات روزفلت، خصوصًا مع تدهور صحته، وسُمّيت "البقرة المقدسة"، وكانت تحتوي على سرير، وهاتف لاسلكي، ورافعة مخصصة لرفع كرسيه المتحرك، لكنه استخدمها مرة واحدة فقط خلال رحلته إلى مؤتمر يالطا عام 1945، قبل وفاته بفترة وجيزة.

طائرة الرئيس فرانكلين د. روزفلت من طراز C-54 Skymaster، الملقبة بالبقرة المقدسة.

بعد تولي هاري ترومان الرئاسة، استخدم "البقرة المقدسة"، وكان على متنها عند توقيع قانون الأمن القومي عام 1947، الذي أنشأ القوات الجوية الأمريكية كفرع مستقل. 

وفي نفس العام، استُبدلت الطائرة بطائرة "الإندبندنس"، التي تميزت بطلائها الفريد ورأس نسر أصلع في مقدمتها.

طائرة دوجلاس VC-118 إندبندنس التابعة للرئيس هاري إس. ترومان أثناء الطيران، حوالي عام 1947.

ولادة "إير فورس وان"

في عام 1953، أدت حادثة تداخل بين طائرة الرئيس وطائرة تجارية إلى اعتماد الاسم الرسمي "Air Force One" كنداء فريد لأي طائرة تنقل الرئيس. 

واستخدم أيزنهاور طائرات متعددة، بينها طائرتان من طراز لوكهيد كونستليشن أُطلق عليهما "كولومباين"، وطائرات إيرو كوماندر صغيرة.

وفي نهاية ولايته، انتقل أيزنهاور إلى استخدام الطائرة النفاثة SAM 970، من طراز بوينج 707، ما مثّل نقلة نوعية في السرعة والكفاءة، وقد استخدمها في جولة دبلوماسية آسيوية تاريخية امتدت لـ22 ألف ميل.

واحدة من طائرات الرئيس أيزنهاور النفاثة، وهي من طراز بوينج VC-137.

كينيدي وطائرة "سام 26000"

في عهد الرئيس جون كينيدي، دخلت الخدمة الطائرة الأيقونية "SAM 26000"، أول طائرة رئاسية تُصمم خصيصًا للمهمة، بلون أزرق وأبيض لا يزال يُستخدم حتى اليوم. 

كُتب لهذه الطائرة أن تشهد أحداثًا فارقة، أبرزها أداء ليندون جونسون اليمين الدستورية على متنها عقب اغتيال كينيدي عام 1963.

أداء ليندون جونسون اليمين الدستورية على متن الطائرة

ظلت "SAM 26000" في الخدمة لعقود، وتُعتبر من اشهر الطائرات الرئاسية في التاريخ، إلى أن خلفتها "SAM 27000" عام 1972 خلال عهد ريتشارد نيكسون. 

وقد استُخدمت لنقل الرؤساء اللاحقين، وكان من أبرز مواقفها طلب الطيار تغيير رمز النداء من "Air Force One" إلى "SAM 27000" لحظة تنصيب جيرالد فورد، فيما كان نيكسون لا يزال على متنها بعد استقالته.

طائرة "SAM 27000"

بوينج 747.. العصر الحديث

في عهد جورج بوش الأب، دخلت طائرتا VC-25 الخدمة – وهما نسختان معدلتان من طراز بوينج 747-200B، والتي تتميز بأنظمة اتصالات آمنة، ومكتب وقاعة اجتماعات، ومرافق معيشية متكاملة، مع تجهيزات للحماية من النبضات الكهرومغناطيسية والهجمات الإلكترونية.

شهدت إحدى هذه الطائرات – SAM 28000 – لحظات فارقة، مثل استخدامها لنقل الرئيس جورج بوش الابن خلال أحداث 11 سبتمبر 2001، عندما اضطُر الطيار لتغيير مسار الرحلة وتحليق الطائرة فوق خليج المكسيك تجنبًا لطائرة مشبوهة.

وفي عام 2015، أعلنت القوات الجوية الأمريكية اختيار طائرة بوينج 747-8 لتكون الجيل القادم من طائرات الرئاسة. 

طائرة بوينج 747

وستحتوي الطائرة الجديدة على أحدث تقنيات الحماية والاتصالات، بما في ذلك القدرة على إعادة التزود بالوقود جوًا، وأنظمة دفاع صاروخي متقدمة، ومن المتوقع أن تحل تدريجيًا محل طائرتي VC-25 الحاليّتين، اللتين ما تزالان تخدمان حتى اليوم.

لكن الرئيس الحالي للولايات المتحدة دونالد ترامب، قرر أن يستخدم الطائرة بوينج 747 النسخة التي كانت تستخدمها الرئاسة القطرية في أوقات سابقة، بعد أن تأخرت شركة بوينج في تسليمه الأسطول المكون من طائرتين رئاسيتين، والمتفق عليه منذ فترة ولايته الأولى.

رحلات رئاسية استثنائية

لم تكن كل رحلات الرئيس عبر “إير فورس وان”، ففي حالات نادرة، استخدم رؤساء طائرات مدنية أو تابعة لفروع أخرى من الجيش. 

وفي عام 1973، استخدم نيكسون رحلة تجارية لـ"يونايتد إيرلاينز" تحت اسم "Executive One" في محاولة رمزية للتقشف خلال أزمة الطاقة. 

كما استخدمت مروحيات مشاة البحرية "مارين وان"، ومروحيات الجيش "أرمي وان"، وطائرات البحرية "نافي وان"، كما حصل في عام 2003 عندما اقلّت طائرة بحرية الرئيس جورج بوش إلى حاملة طائرات في عرض البحر.

وفي عملية استخباراتية عام 2000، استخدم بيل كلينتون طائرة غير مميزة للسفر إلى باكستان، بينما استخدمت طائرة أخرى رمز "إير فورس وان" كطُعم لتضليل أي تهديد محتمل.

search