السبت، 10 مايو 2025

09:18 ص

الكاتب الصحفي خالد صلاح
A A

إعلانات جوجل وفيسبوك.. كيف تلتهم الحيتان الكبرى نصيب الصحف المصرية؟

في أكثر من دولة حول العالم، تواجه الصحف معركة غير متكافئة مع شركتي التكنولوجيا العملاقتين جوجل وفيسبوك و القصة تتكرر من أستراليا إلى إندونيسيا ومن بريطانيا إلى كندا حيث تُتهم المنصتان بأنهما تستحوذان على نصيب الأسد من كعكة الإعلانات الرقمية، بينما تُترك الصحف المحلية تكافح بالبقايا والفتات.

في أستراليا، وصلت الأزمة إلى ذروتها عندما فرضت الحكومة قانونًا يُجبر فيسبوك وجوجل على الدفع للناشرين مقابل استخدام المحتوى الإخباري وردت فيسبوك حينها بإجراء عنيف عبر حجب الأخبار تمامًا من المنصة في أستراليا، قبل أن تتراجع وتتوصل إلى اتفاقات مالية مع بعض المؤسسات الإعلامية

وفي إندونيسيا، اشتكت الصحف من سيطرة فيسبوك وجوجل على السوق الإعلاني، مع ضعف القدرة التفاوضية للمؤسسات الصحفية الصغيرة، مما دفع الحكومة لمناقشة تشريع مشابه للنموذج الأسترالي وأجبرت بعض الصحف الكبرى فيسبوك على التفاوض على هذه الحقوق الإعلانية الضائعة.

أما في بريطانيا، فقد نشرت Press Gazette مؤخرًا تقريرًا تقديريًا يكشف حجم أرباح جوجل وشركة ميتا المالكة لمنصتي (فيسبوك وإنستجرام) من سوق الإعلانات البريطانية، دون تقديم بيانات واضحة أو توزيع عادل للموارد الإعلانية مع الصحف، مما دعاهم للمطالبة بالشفافية وبنصيب أكثر عدلًا.

ولكن ماذا عن مصر؟

في مصر، لا تزال الصحف الرقمية والتقليدية تُواجه أزمة هيكلية في التمويل، بينما تذهب معظم الميزانيات الإعلانية إلى جوجل وفيسبوك دون عائد ملموس على المؤسسات الصحفية كما أن الإعلانات الممولة تدار عبر خوارزميات لا تمنح الأفضلية للمحتوى المهني، بل للمحتوى القابل للانتشار، حتى وإن كان بلا مضمون، مما يدفع بعض الصحف (للأسف) نحو الانجراف للمحتوى (عديم المضمون) حتى تحصل على أقوات صحفييها من إعلانات فيسبوك وجوجل

المطلوب الآن من الصحف المصرية 

1. تكوين تحالف وطني بين الصحف لتقديم ملف تفاوضي جماعي أمام شركتي جوجل وفيسبوك، كما حدث في أستراليا.

2. الضغط عبر المجلس الأعلى للإعلام لإقرار قانون مصري يُجبر المنصات على التفاوض ودفع مقابل لاستخدام المحتوى الصحفي.

3. إنشاء شبكة إعلانات محلية موازية، تعتمد على خوارزميات ذكية وتستخدم نفس تقنيات جوجل ولكن تدعم الصحافة المصرية.

4. الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لتعزيز قوة التحليل الإعلاني داخل المؤسسات الصحفية وتوجيه الإعلانات بدقة.

5. زيادة التعاون مع المعلنين المحليين مباشرة بعيدًا عن المنصات الوسيطة، لتقليل الاعتماد على فيسبوك وجوجل.

في معركة البقاء للصحافة، لم يعد ممكنا استمرار الانسحاق والاستسلام لما تفرضه تلك المنصات ، آن الأوان أن ترفع الصحف المصرية صوتها وتعيد ترتيب قواعد اللعبة.

search