الخميس، 15 مايو 2025

11:56 م

ما حكم تأخير حج الفريضة بعد الاستطاعة لرعاية الأم المريضة؟

الحج

الحج

محمد لطفي أبوعقيل

A .A

أكدت دار الإفتاء، أن تأخير أداء فريضة الحج بعد الاستطاعة المالية والبدنية جائز شرعًا، إذا كان المكلف برعاية والدته المريضة، ولا يوجد من يقوم مقامه في خدمتها والعناية بها، موضحة أن هذا التأخير لا إثم فيه ولا حرج، بل يُعد من البر والوفاء بواجب الوقت.

حكم تأخير حج الفريضة بعد الاستطاعة لرعاية الأم المريضة

وأوضحت دار الإفتاء، عبر الموقع الرسمي للدار، أن رعاية الرجل المذكور لوالدته المريضة، وقيامه بخدمتها والاعتناء بكافة شؤونها التي تحتاجه فيها، مع عدم وجود من يقوم مقامه في ذلك على وجه مرضي، مُقدَّم على أداء فريضة الحج، التي يمكن أداؤها في عام قادم ما دام مستطيعًا.

وشددت الفتوى على أن الشرع الشريف قدَّم في مثل هذه الحالات "الواجب المتعيِّن"، الذي لا يتكرر ولا يمكن تفويضه، مثل رعاية الأم المريضة، على الحج، الذي يعد من "الواجب الذي يتكرر"، حيث يمكن تأديته لاحقًا طالما وُجدت الاستطاعة.

انتفاء الموانع

واستدلت دار الإفتاء بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لَوْ أَدْرَكْتُ وَالِدَيَّ أَوْ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَقَدْ قَرَأْتُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، يُنَادِينِي: يَا مُحَمَّدُ، لأَجَبْتُه: لَبَّيْكَ”، مشيرة إلى أن هذا الحديث يدل على عِظَم شأن بر الوالدين، وتقديمه على كثير من العبادات.

كما بينت الفتوى أن العلماء اشترطوا لوجوب الحج إلى جانب الاستطاعة المالية والبدنية، انتفاء الموانع، ومنها رعاية الأبوين أو أحدهما إذا لم يكن لهما غير هذا الولد يقوم على شؤونهما، واستشهدت بأقوال الأئمة من المذاهب الفقهية الأربعة، الذين أجمعوا على أن من تعيَّن عليه خدمة والديه المريضين لا يجب عليه الحج حتى تزول هذه الموانع.

 يعود بالخير

وفي السياق ذاته، أوردت دار الإفتاء ما نقله الإمام الماوردي، أن الاستطاعة الموجبة للحج لا تكتمل إلا بانتفاء الموانع، مثل الحاجة لرعاية والدين مريضين، معتبرة أن تقديم هذا الواجب العيني المتعلق بحقوق العباد، أولى شرعًا، حيث إن "حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة، بينما حقوق العباد مبنية على المشاحة"، وفقًا لقواعد الفقه الإسلامي.

كما أوضحت أن الذهاب إلى الحج يُعد من الأعمال القاصرة التي يعود نفعها على المكلَّف وحده، في حين أن رعاية الأم المريضة يُعد عملًا مُتعدِّي النفع، حيث يعود بالخير على كل من الأم والولد، وهو ما يُعزز من مكانة بر الوالدين في الشرع، ويُقدم على العبادة الفردية.

وفي ختام الفتوى، شددت دار الإفتاء على أن المسلم الذي يؤخر أداء فريضة الحج لرعاية أمه المريضة لا إثم عليه، بل هو مثاب على برّه ورعايته، وعليه أن يُبادر إلى أداء الحج بعد زوال العذر واستمرار استطاعته، مشيرة إلى أن الشريعة الإسلامية توازن بين حقوق الله وحقوق العباد، وتُعلي من شأن البر والإحسان في مثل هذه المواقف.

search