الخميس، 03 يوليو 2025

09:51 ص

تسونامي تسليح عالمي.. 100 دولة ترفع إنفاقها العسكري في أكبر موجة منذ الحرب الباردة

زيادة الإنفاق العسكري العالمي

زيادة الإنفاق العسكري العالمي

أسامة حماد

A .A

شهد العالم في عام 2024، قفزة غير مسبوقة في الإنفاق العسكري، إذ سجل 2.72 تريليون دولار، وفقًا لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام سيبري، محققًا زيادة بنسبة 9.4% عن عام 2023، وهي أكبر قفزة سنوية منذ نهاية الحرب الباردة. 

زيادة الإنفاق العسكري العالمي

وهذه الأرقام، تفتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول ما إذا كان العالم يدخل مرحلة جديدة من سباق التسلح.

زيادة الإنفاق العسكري العالمي

ورفعت 100دولة، إنفاقها العسكري خلال العام الجاري، وهو ما يعكس توجهًا متسارعًا لدى الحكومات نحو إعطاء الأولوية للأمن والدفاع، حتى على حساب قطاعات أخرى في الميزانيات العامة، في تحوّل قد تكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة في السنوات المقبلة.

الحرب الأوكرانية الروسية

وأوضح الخبير والمفكر الاستراتيجي، اللواء سمير فرج، أن الحرب الأوكرانية الروسية، منذ اندلاعها عام 2022، دفعت دولًا كثيرة لإدراك أهمية امتلاك جيوش قوية، وهو ما ترجمته عقود تسليح ضخمة على مستوى العالم.

التحالفات العسكرية وتحقيق الأمن

وأشار فرج في تصريحات لـ“تليجراف مصر” إلى أن التحالفات العسكرية لم تعد كافية لتحقيق الأمان، لافتًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن صراحة ضرورة أن تدفع دول الناتو مقابل الحماية الأمريكية، ما زاد من توجه تلك الدول نحو الاعتماد الذاتي على القدرات العسكرية.

اللواء سمير فرج

وجاءت أوروبا في صدارة المناطق التي شهدت زيادات سريعة في الإنفاق العسكري، مدفوعةً بتصاعد التوترات على خلفية الحرب في أوكرانيا، حيث ارتفع إنفاق القارة الأوروبية بما في ذلك روسيا بنسبة 17% مقارنة بالعام السابق، متجاوزًا بذلك مستويات نهاية الحرب الباردة.

زيادة الإنفاق العسكري العالمي

زيادة ضخمة من روسيا

وسجلت روسيا وحدها إنفاقًا عسكريًا بلغ نحو 149 مليار دولار في 2024، بزيادة ضخمة بلغت 38% عن 2023، ويمثل هذا الرقم 7.1% من ناتجها المحلي الإجمالي، و19% من إجمالي إنفاقها الحكومي، وهو الأعلى منذ عام 2015.

وارتفع الإنفاق العسكري الأوكراني بنسبة 2.9% ليصل إلى 64.7 مليار دولار، ما يعادل 43% من الإنفاق الروسي، لكنه يمثل عبئًا ضخمًا على الاقتصاد الأوكراني إذ يعادل 34% من ناتجها المحلي، وتُخصص كييف حاليًا جميع إيراداتها الضريبية لتمويل جيشها. 

ووفق الخبراء، فإن أوكرانيا تواجه صعوبات حقيقية في مواصلة هذا المستوى من الإنفاق مستقبلًا، تهديدات متبادلة بين الدول.

التهديدات المتبادلة

وأكد فرج أن التهديدات المتبادلة بين بعض الدول هي أحد أسباب هذا التوسع، مثل التهديدات الإيرانية في الشرق الأوسط، والتي دفعت دول الخليج إلى تعزيز قدراتها الدفاعية، إلى جانب سعي دول أخرى، مثل مصر، إلى مواكبة التطور العسكري العالمي.

أما الولايات المتحدة، فقد واصلت صدارتها كأكبر منفق عسكري في العالم بميزانية بلغت 997 مليار دولار في 2024، بزيادة قدرها 5.7% عن العام السابق. هذا الرقم يمثل 66% من إجمالي إنفاق حلف الناتو و37% من الإنفاق العسكري العالمي.

زيادة الإنفاق العسكري العالمي

وشهدت إسرائيل، واحدة من أكبر القفزات في تاريخها، حيث زاد إنفاقها العسكري بنسبة 65% ليصل إلى 46.5 مليار دولار، على خلفية حربها في قطاع غزة، وهو أعلى معدل زيادة منذ حرب 1967.

وفي المقابل، انخفض الإنفاق العسكري الإيراني بنسبة 10% ليصل إلى 7.9 مليار دولار فقط في 2024، رغم مشاركتها في نزاعات إقليمية، ويُعزى هذا التراجع لتأثير العقوبات التي قلصت قدرتها على التوسع العسكري.

تحوّلات جيوسياسية 

وقال الدكتور هاني الجمل، رئيس وحدة الدراسات الأوروبية والاستراتيجية بمركز العرب، إن تصاعد الإنفاق العسكري يعكس تحوّلات جيوسياسية متسارعة، حيث يحاول كل طرف في عالم متعدد الأقطاب فرض نفوذه داخل محيطه الإقليمي، مما أعاد العالم إلى أجواء شبيهة بالحرب الباردة.

وأضاف الجمل لـ"تليجراف مصر"، أن العالم شهد فترة هدوء نسبي عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، لكن عادت السياسات القوية، خصوصًا في عهد ترامب، لإشعال سباق تسلح جديد، تجلّى بوضوح بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتي اعتبرها "صراعًا بالوكالة" بين روسيا والغرب.

 الدكتور هاني الجمل

وأشار إلى أن النزاعات الأخرى مثل التوترات بين الكوريتين، وتصعيد ملف تايوان، دفعت بدورها الصين إلى تعزيز قدراتها العسكرية، حيث زادت بكين ميزانيتها الدفاعية بنسبة 7% لتصل إلى 314 مليار دولار في 2024، مستحوذة على نصف الإنفاق العسكري في آسيا وأوقيانوسيا، مع تركيز كبير على الحرب السيبرانية وتحديث الترسانة النووية.

ووفق الجمل، فإن تسابق الدول نحو التسلح لا يعكس فقط استعدادًا لمواجهة التهديدات، بل يشير إلى غياب توازن عالمي حقيقي، جعل من القوة العسكرية الأداة الرئيسية لحماية السيادة الوطنية.

نشوب حرب عالمية ثالثة

وأكد اللواء فرج بدوره أن هذا التوجه العالمي نحو التسلح لا يعني بالضرورة اقتراب نشوب حرب عالمية ثالثة، لأن مثل هذه الحرب ستكون نووية في طبيعتها، وهو أمر تدرك الدول الكبرى أنه "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه.

وأشار الجمل، إلى أن الوضع الحالي يتسم بتعدد بؤر التوتر، مثل النزاع في سوريا، الملف النووي الإيراني، وتصاعد التوتر بين الصين وتايوان، ما يجعل من احتمالية التصعيد أمرًا واردًا، وإن كان يخضع لحسابات دقيقة بين القوى الكبرى.

الإنفاق العسكري في مصر

وفيما يتعلق بمصر، أوضح الجمل، أن الدولة نجحت في تطوير قدراتها العسكرية، وأصبح جيشها من بين الأفضل عالميًا من حيث التكنولوجيا، بفضل شراكاتها مع دول كبرى كالصين وروسيا، إلى جانب علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة.

search