
المرأة المصرية في المؤتمرات العلمية.. قلب التنظيم وعقل الفاعلية
في كل مرة أشارك فيها في فعالية علمية أو مؤتمر رسمي، أزداد يقينًا بأن المرأة المصرية لم تعد فقط شريكًا في الحضور، بل أصبحت قائدة في التأثير، وصانعة للنجاح، ومحركًا أساسيًا في تنسيق الجهود، ورسم ملامح التنظيم الفاعل، لقد أبهرتني كثير منهم بقدراتهن الفائقة على القيادة والإدارة، وسرعة البديهة، والحرص على أدق التفاصيل، مما يمنح أي عمل طابعًا احترافيًا ووجهًا مشرقًا يليق بمجتمعاتنا وطموحاتنا.
المرأة اليوم لم تعد تنتظر أن يُفتح لها الباب، بل أصبحت هي من تبنيه وتدعو الجميع إلى العبور من خلاله نحو المستقبل، سواء كانت باحثة، أو منسقة، أو مسؤولة تنظيم، أو محاورة على المنصة، فإنها تقدم نموذجًا مشرفًا في الذكاء، والاتزان، والقدرة على اتخاذ القرار، حتى في أدق اللحظات.
في المؤتمرات العلمية، نشهد إبداعات النساء المصريات في كل زاوية؛ من إعداد الأوراق العلمية، إلى تنسيق الجلسات، إلى تقديم الحضور، والتعامل الراقي مع كل ضيف، وكأنها تقول لكل من حولها: "نحن هنا، نصنع الفارق، وحقاً إن ما تبذله المرأة المصرية في هذا السياق لا ينبع فقط من حبها للعمل أو إيمانها بقضية، بل من شعورها الصادق بالمسؤولية، وإدراكها العميق لدورها في بناء المجتمع، وصياغة الوعي، وتحقيق التغيير.
لهذا، أرفع القبعة احترامًا وتقديرًا لكل امرأة مصرية وعربية تعمل بصمت أو تتصدر المشهد، تثبت في كل مرة أن القيادة ليست مرتبطة بنوع، بل بالقدرة، والعطاء، والإخلاص، أنتن عنوان للفخر، ونبراس للأمل، وركن أساسي في مستقبل أكثر إشراقا وفاعلية.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أرفع القبعة إجلالًا لكل الباحثات والأساتذة الأفاضل الذين شاركوا في المحفل العلمي المرموق، بين كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وكل من أسهم، من أمام الكواليس أو من خلفها، في رسم صورة مشرفة لهذا المؤتمر، فقد كان لكل فرد دور، ولكل جهد أثر، ولكل بصمة حكاية تروى.
غير أن أكثر ما لفت انتباهي وأثار إعجابي، هو هذا الحضور الفاعل الذي تجلى في وجوه المشاركات من الإناث، والقيادة الواعية التي ظهرت في تفاصيل التنظيم، وحكمة الأداء، وقوة التأثير، كانت الصورة ناطقة بالاحتراف، تنبض بالحيوية، وتعكس قدرًا عاليًا من المسؤولية والإخلاص.
حقًا، لقد تركتم أثرا لا يمحى، وأثبتم – قولا وفعلا – أن العقول حين تلتقي، والقلوب حين تتوحد على هدف، فإن النجاح يصبح أمرًا حتميًا، تستحقون كل الشكر، وكل التقدير، وكل الثناء.
ما حدث في مؤتمر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في دورته الثانية، لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، الأداء الذي قدّمته الدكتورة هبة عبد المنعم، بصفتها مقرر المؤتمر ورئيس اللجنة العلمية بمركز المعلومات، كان نموذجًا لقيادة علمية واعية تدير التفاصيل بدقة وتتحرك بثقة في المساحات الدقيقة بين التخطيط والتنفيذ، أما الدكتورة أمنية حلمي، رئيس المؤتمر، أستاذ الاقتصاد ووكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لشؤون الدراسات العليا والبحوث السابق- جامعة القاهرة فقد جسدت المفهوم الحقيقي للإدارة الرفيعة، حضورها وحده كان كافيا ليشعرك أن هناك عقلا يقظًا يقرأ كل مشهد من زوايا متعددة ويوجّه الأمور بحكمة ورؤية.
أما الدكتورة عبير حاتم، أمين المؤتمر، كانت بمثابة نقطة الارتكاز. لم يكن دورها تنظيميا فحسب، بل كانت صلة الوصل بين كل الأجزاء، تدير بانسيابية، وتنجز بصمت وهيبة، وتترك أثرا واضحًا في كل تفصيلة.
إلى جانب هذا المشهد المتماسك، كان لافتا الدور الحيوي الذي قامت به الدكتورة خديجة عرفة، التي كانت في صدارة المستقبلين، لا تستقبل وحسب، بل تمثل المؤتمر بأناقة وذكاء اجتماعي شديد الوضوح.
أما على مستوى التفاعل الرقمي، فقد كانت صفحات المؤتمر على وسائل التواصل الاجتماعي في حالة حركة مستمرة، ديناميكية لافتة، إيقاع متناغم، ورسائل تصل في وقتها وبالطريقة المناسبة، لم يكن مجرد نشاط إعلامي، بل أداء متقن تديره يد خبيرة تشبه قائد أوركسترا يضبط النغمات بدقة ولا يسمح بنشاز.
وإن كنت قد ذكرت بعض الأسماء، فثمة كثيرات لم أتشرف بمعرفتهن أو لم يسعفني الحضور لالتقاط أدوارهن بدقة، لكن غياب الاسم لا يعني غياب الأثر، لذا، أعتذر عن أي اسم لم يُذكر، لا سهوًا عن الدور، بل لكون هذا المقال لا يسعى لحصر الفضل في قائمة، بل لتسليط الضوء على قوة التحمل، والقدرة الاستثنائية التي أظهرتها كل سيدة شاركت في هذا الحدث.
فالهدف هنا ليس التوثيق بقدر ما هو الإقرار بقيمة ما تم بذله من جهد، وما تحملته هذه الكوكبة من السيدات من مسؤولية جسيمة، تحمّلنها بجدارة، وبروح عالية، وبكفاءة تليق بالمقام، هذه الروح الجماعية، والاحتراف في الأداء، هما ما صنع الفرق، وكرسا هذا المؤتمر كواحد من النماذج الناجحة التي تُحتذى في العمل المؤسسي والعلمي.
وفي النهاية كل الشكر للدكتور أسامة الجوهري، مدير المركز، الذي يقف دومًا خلف المشهد بتواضع القائد وحنكة الداعم، على هذا النجاح اللافت، وعلى إيمانه بتلك الوجوه القوية التي أثبتت أن الرهان على الكفاءة هو الطريق الأقصر للتميّز.

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة
الـدفعة 1977 في القاهرة.. عدالة المنصة ومقعد المدرج
14 مايو 2025 11:57 ص
الاختبارات الانتقامية جريمة تربوية.. لا هيبة في إذلال الطلاب
12 مايو 2025 12:20 م
دكتوراه بعد الرحيل.. دموع القاعات على الحلم الغائب!
19 أبريل 2025 05:54 م
ماكرون في جامعة القاهرة.. شكرًا فخامة الرئيس
09 أبريل 2025 06:30 م
أكثر الكلمات انتشاراً