الثلاثاء، 03 يونيو 2025

05:46 م

مشاهد لن تنساها الإسكندرية في ليلة السبت.. ماذا حدث؟

الإسكندرية بعد حدوث العاصفة

الإسكندرية بعد حدوث العاصفة

روان عبدالباقي

A .A

في ليلة ستظل عالقة في ذكريات أهالي الإسكندرية، حيث اجتمعت قوى الطبيعة على المدينة الساحلية، ودون مقدمات خرج البحر عن صمته، فاندفعت أمواجه الغاضبة مخترقة الحواجز، لتغمر الشواطئ والمحلات والكافيهات على طول الكورنيش، بينما تعالت صفارات الرياح العاتية محطمة النوافذ والأبواب، يصاحبها برق ورعد أضاءا السماء فوق مياه البحر المتوسط وكأنها مقدمة لفيلم رعب.

لحظة البداية

كان الأمر أشبه بالطوفان الذي تدفق على الإسكندرية وباقي المحافظات الساحلية مطروح والبحيرة وكفر الشيخ والدقهلية خلال الساعات الأولى من صباح اليوم، واجتاح مناطق بأكملها، ورغم أن الأرصاد رفضت أن تصف ما حدث بالعاصفة وقالت إنها أمطار رعدية، إلا أن المشاهد التي التقطتها عدسات الكاميرات كانت أشبه بالفيضانات التي تضرب دول شرق ووسط أوروبا.

هروب من الكافيه

في كافيه زجاجي بالإسكندرية على شاطئ البحر كان بعض المواطنين يستمتعون بمنظر البحر الهادئ ونسمات الرياح الرقيقة هروبًا من موجات الصيف الحارة، ولكن فجأة اشتدت الرياح وسقطت الأمطار ودخل الرعد والبرق ليزيد المشهد رعبًا، وفي هذه اللحظة لا يمكنك سماع أي شيء سوى صوتين، صوت البحر وأمواجه الغاضبة، وصوت الناس وهي تصرخ وتفر هاربة، وبعد ساعات عندما هدأ الجو لم يجدوا للكافيه أثرا وكأنه “قص ملح وذاب” وتبقى منه خشب ولافتات على الأرض مغمورة في رمال الشاطئ الذي كان شاهدًا على هذه الليلة.

توك توك سيدي بشر                              

في الوهلة الأولى قد تعتقد أنها ترعة أو بركة مياه يسبح فيها شاب ثلاثيني العمر لإخراج مصدر رزقه الوحيد “التوكتوك” لكن تبين أنه نفق سيدي بشر الذي أغرقته مياه الأمطار بسبب موجة الطقس السيئ التي ضربت الإسكندرية، ولسوء الحظ غرق توكتوك هذا الرجل فيه رغم محاولاته المستميتة في السباحة وسط المياه التي غطتها الثلوج للحصول عليه.

غرق شارع جمال عبدالناصر

وبالقرب من النفق بالدخول إلى شارع جمال عبدالناصر يصدمك مشهد السيارات وهي غارقة بالشارع، والمياه تدخل لبهو المنازل، وأعمدة الإنارة وهي تسقط، ولوحات الإعلانات وهي تطفو على سطح المياه، وسط ذعر ساكني الشارع والشوارع المجاورة، فلا صوت يعلو فوق صوت البرق وسقوط الأعمدة وكلاكسات السيارات التي يحاول أصحابها أن يرسو بها في مكان خالي من المياه.

مياه تخرج من الأرض

لم يتوقف الأمر على سقوط الأمطار الغزير أو خروج أمواج البحر للشوارع، بل زاد الأسفلت الطين بلة وخرجت المياه من تحت الأرض لتكتمل الليلة الأسوأ في تاريخ الإسكندرية حسبما وصف الأهالي لـ “تليجراف مصر”، ففي أحد المشاهد ظهرت سيارة بجانب الشارع وتخرج من تحتها مياه لأعلى وكأن “ماسورة” أو “بلاعة” انفجرت هي الأخرى، وظهر من حولها أهالي الإسكندرية وهم يهربون وكأنها قنبلة على وشك الانفجار!.

سيارات تحترق بالشوارع

رغم أن أعمدة الإنارة كانت خارج السيطرة في هذه الليلة إلا أن اشتعال سيارة في أحد شوارع الإسكندرية كان يرشد المواطنين في تلك الليلة الحالكة، فرُب ضارة نافعة، ولكن تبين أن هذه السيارة تعمل “تاكسي” يملكه أحد المواطنين لكسب قوت يومه وبدون سابق إنذار ضاعت فرصة العمل بين ليلة وضحاها.

بيوت محطمة

حتى منازل الإسكندرية لم تسلم من هذه العاصفة، واخترق الهواء زجاج المنافذ فقضى عليه، ومن ستر الله أنه لم تحدث أي خسائر في الأرواح البشرية، إذ أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، الدكتور حسام عبدالغفار، عدم تلقي غرفة العمليات المركزية بوزارة الصحة، أي بلاغات عن رحيل أشخاص أو وفيات ناجمة عن الأحوال الجوية، لكن تمت درجة الاستعدادات بجميع المنشآت الصحية، والفرق الطبية في المحافظة، بسبب التقلبات الجوية غير المسبوقة.

رجال الهلال الأحمر

بسيارات جيب سوداء وزي أحمر اللون ظهر رجال الهلال الأحمر المصري، وهم يحاولون إنقاذ العالقين بالمياه في الشوارع بالتزامن مع وجود سيارات مياه الصرف الصحي لشفط المياه من الشوارع وإصلاح ما أفسدته العاصفة، وبدأت الفرق الميدانية الاستجابة فور بدء العاصفة وتم توجيه ثلاث فرق للاستجابة السريعة نجحوا في إنقاذ 34 شخصًا كانوا محاصرين داخل مركباتهم.

إنقاذ يمامة من الموت

لم تتوقف جهود رجال الهلال الأحمر المصري عند إنقاذ البشر فقط، بل ظهر واحد منهم وهو يُنقذ يمامة من الغرق في نفق سيدي بشر، وسط تهليل وإعجاب من زملائه على موقفه الإنساني وتعريض حياته للخطر والنزول في النفق الممتلئ بالمياه من أجل يمامة صغيرة كانت على وشك أن تروح ضحية لهذه الليلة الفظيعة.

search