الأربعاء، 04 يونيو 2025

11:42 ص

"خليك قاعد معانا".. أحمد زكي في شقة سعاد حسني وثالثهما "عم مهدي"

السندريلا سعاد حسني

السندريلا سعاد حسني

الكاتب الصحفي محمود مطر

A .A

عانت سعاد حسني من متاعب شديدة في ظهرها بدأت تلازمها بعد أن انتهت من تصوير مسلسل "هو وهي" في منتصف الثمانينات، وهو المسلسل التلفزيوني الوحيد الذي مثّلته سعاد حسني وشاركها بطولته النجم أحمد زكي عن قصة سناء البيسي، سيناريو وحوار وكلمات أغاني صلاح جاهين.

وبذلت سعاد جهدًا خارقًا في هذا المسلسل الذي تم تصويره باستوديو 5 بالتلفزيون المصري وعرض في رمضان عام 85، وكانت سعاد تبيت في الاستوديو وتقيم بشكل شبه دائم في مبنى ماسبيرو لإنجاز العمل، وأرهقت إرهاقًا شديدًا في التمثيل والغناء والاستعراضات التي أدتها في المسلسل، واتبعت نظامًا غذائيًا قاسيًا أدى إلى انخفاض وزنها بشكل كبير، ما أثّر بالسلب على صحتها بشكل عام.

هو وهي

ومما سمعته من المقربين من سعاد مع بداية ظهور متاعب الظهر عندها أثناء تصويرها حلقات "هو وهي"، أقول إن المخرج الكبير الراحل يحيى العلمي كان يرى أن يمثّل أمام سعاد نجم في كل حلقة لكنها أصرّت على أن يمثل أحمد زكي فقط جميع حلقات المسلسل أمامها.

أقول أيضًا إن أحمد زكي كان قريبًا جدًا من سعاد على المستوى الإنساني والفي، وربما كان هو الفنان الوحيد الذي سمحت له السندريلا بلقائها في فترة مرضها، وقد حكى لي خادمها الخاص “عم مهدي” موقفًا يبدو غريبًا حدث بين سعاد وأحمد زكي وكان عم مهدي شاهدًا عليه بل مشاركًا فيه.

قال عم مهدي إن بعض الفنانين كانوا يسألون عن سعاد تليفونيًا، وأن الفنان عبد العزيز مخيون جاء لها مرة إلى المنزل وأراد أن يقابلها، وترك لها خطابًا طالبها فيه بالعودة للسينما وبالخروج من العزلة، وكان الخطاب الذي كتبه لها مؤثرًا جدًا.

وحيدة في الشقة

غير أن الفنان الوحيد الذي جاء للقاء سعاد واستقبلته بنفسها وجلست معه أثناء مرضها كان أحمد زكي، ما يدلّ على منزلته الكبيرة لديها.. قال لي عم مهدي إن أحمد زكي جاء لزيارة سعاد في فترة مرضها وقبل سفرها إلى لندن أوصلته إلى باب شقتها وطرقت الباب وفتحت لنا السندريلا وكانت وحيدة في الشقة، فلم يكن أحد موجودًا معها سواء خادمتها سناء أو فوزية التي تقوم بتنظيف الشقة وإعداد الطعام أو زوجها ماهر عواد أو ابن أخيها محمد جلاء الذي اعتاد على قضاء أيام معها.

وبعد السلام الحار جلس أحمد زكي وبدأ يتبادل أطراف الحديث مع سعاد التي طلبت مني أن أقوم بإعداد الشاي ثم القهوة، وبعد أن قدمت لهما فنجاني القهوة هممت بالانصراف واستأذنت السندريلا وقلت لها بعد إذن سيادتك سوف أذهب لقضاء بعض الأمور الخاصة بالعمارة، فإذا بها تقول لي "لا يا عم مهدي خليك قاعد معانا" وتصوّرت أنها تقولها على سبيل المجاملة فقد كانت في غاية التواضع مع البسطاء والفقراء وهممت بفتح باب الشقة، فإذا بها ترفع صوتها بعض الشيء وتقول لي اتفضل اقعد معانا يا عم مهدي، واعتبر ده أمر.

فاضطررت لتنفيذ أمرها والجلوس معهما ولم يصدر عن أحمد زكي أي رد فعل على تصرف السندريلا، واستمرا في حديثهما عن الفن والسينما وأحوالهما في الحياة ثم ودّعها أحمد زكي وانصرف.

مخلصة لزوجها

وسألت عم مهدى عن تفسيره لإصرار سعاد على وجوده وحضوره جلستها مع أحمد زكي، فقال لي الرجل بكل بساطة هي كانت وحيدة في الشقة، ولم يكن معها أحد من أقاربها ولم يكن زوجها ماهر عواد موجودًا، ولأنها كانت تعرف الأصول ولإدراكها أننا نعيش في مجتمع شرقي ولإخلاصها واحترامها لزوجها ماهر عواد، فقد رأت السندريلا وقررت في لحظتها أنه ليس من اللائق أن تجلس وحيدة مع رجل آخر في غير وجود زوجها، أو أحد من أقاربها حتى لو كان هذا الرجل هو أخلص وأقرب أصدقائها، حتى لو كان هذا الرجل هو أحمد زكي الذي قالت هي عنه وعن علاقتها الفنية به "إنه ضرتي في الفن.. أحمد زكى الذي وجه رسالة إلى سعاد عقب المقال القاتل الذي كتبته الراحلة مديحة عزت في "روز اليوسف"، وادّعت فيه أن سعاد تتسول في لندن، ووجه لها رسالة قال فيها "يا سعاد ضعفك هو ضعفي أنا حاسس بيكي لأنك زي ما قلتيلي في يوم، أنت توأمي في الفن، وضرتي. بأقول ليكى اقفي على رجليكي وافرحي بفنك وأيامك وسيبك من البذاءات والتفاهات، شوفي تأثيرك على الجيل الجديد، أنا لقيت صديق لابني هيثم عمره 17 سنة بيتكلّم عن أفلامك بحب وشافها كلها.

3 أفلام مع أحمد زكي

أحمد زكي شارك سعاد آخر ثلاثة أعمال في حياتها، وهي مسلسل "هو وهي" عام 85، وفيلم "الدرجة الثالثة" عام 88، وأخيرا فيلم "الراعي والنساء" آخر أفلامها عام 91، وقد شاركها قبل هذه الأعمال الثلاثة الأخيرة في حياتها عملين آخرين، هما فيلم "شفيقة ومتولي" عام 78 وفيلم موعد على العشاء عام 81.

في فيلم شفيقة ومتولى الذي بدأ عرضه الأول في 27 نوفمبر عام 78، الذي تناول الحكاية الشعبية الشهيرة التي حدثت في إحدى مدن الصعيد عن شفيقة التي قتلها أخوها متولي بعد أن انحرفت في طريق الخطيئة، أصرّت سعاد على الاستعانة بأحمد زكي ليمثل أمامها دور متولي، ورغم صغر مساحة الدور نسبيا إلا أن سعاد رغبت بشكل قاطع أن يذهب الدور لأحمد زكي تعويضًا له ورد اعتبار عما حدث معه في فيلم "الكرنك" الذي أنتج عام 75، الذي كتبه وأنتجه ممدوح الليثي، وتولى توزيعه المنتج رمسيس نجيب إذ كان أحمد زكي هو المرشح للقيام بدور البطولة، دور طالب الطب إسماعيل الشيخ أمام سعاد التي قامت بدور زينب عبد الكريم طالبة الطب وحبيبة إسماعيل. إذ اعترض رمسيس نجيب على أحمد زكي ورأى أن الجمهور لن يتقبّل فكرة أن يكون هذا الفتى الأسمر النحيل هو حبيب النجمة الجميلة المتالقة سعاد حسني.

ولما حاولت سعاد ومعها المخرج على بدرخان وكاتب السيناريو والحوار ممدوح الليثي إثناءه عن رأيه في أحمد زكي وإقناعه أن أحمد زكي في الفيلم سيكون حبيبًا للفتاة الفقيرة ابنة الفقراء التي تقيم في حارة بائسة "زينب عبد الكريم" وليست النجمة الجميلة سعاد حسني رفض كل محاولاتهم، وتوقع أن أحمد زكي لن يكون نجمًا على الإطلاق وأخبر ممدوح الليثي أحمد زكي باستبعاده من الفيلم فثار ثورة عارمة، ومرّ بأزمة نفسية ثم تحدى نفسه بعدما عرف رأي رمسيس نجيب فيه.

موعد مع العشاء

أما العمل الخامس الذي وقف فيه أحمد زكي أمام سعاد حسني فكان فيلم "موعد مع العشاء" الذي استوحاه محمد خان من خبر صغير في صفحة الحوادث عن سيدة قتلت زوجها ليبني عليه قصة الفيلم التي تناقش فكرة الموت، من خلال حكاية نوال التي تتزوج رجل الأعمال المتسلط عزت أبو الروس، ويعتاد على إهانتها ومعاملتها على أنها قطعة أثاث إلى أن تحصل على الطلاق منه، وتحب شكري خريج الفنون الجميلة وتتزوجه، لكن طليقها أبو الروس يصدمه بسيارته ويقتله، فتقرر نوال الانتقام، وتستدرج أبو الروس وتضع له السم في الطعام، فيصر على أن تأكل هي منه أيضا فتأكل لتموت معه.

قامت سعاد بدور نوال وأحمد زكي بدور شكرى وحسين فهمي بدور عزت أبو الروس. وبالطبع كانت أعمال سعاد وأحمد زكي ناجحة باستثناء فيلم الدرجة الثالثة، وهو الفيلم الذي يمكن وصفه بالفيلم الغريب.

search