الأحد، 08 يونيو 2025

07:36 ص

قبل استئناف الحوار المجتمعي.. تعديلات مرتقبة على قانون الإيجار القديم

 قانون الإيجار القديم

قانون الإيجار القديم

محمد لطفي أبوعقيل

A .A

تشهد الساحة التشريعية في مصر حالة من الجدل والنقاش الواسع حول مقترح الحكومة لتعديل قانون الإيجار القديم، حيث خضعت المواد المقترحة لنقاشات موسعة خلال جلسات الحوار المجتمعي التي نظمها مجلس النواب قبيل إجازة عيد الأضحى المبارك.

وقد ركزت تلك الجلسات على المواد الخلافية في مشروع القانون، وعلى رأسها المادة الخاصة بنسبة زيادة القيمة الإيجارية، إلى جانب المادة المتعلقة بتحرير العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات.

زيادة القيمة الإيجارية.. المادة (2)

نص مشروع القانون في مادته الثانية على زيادة القيمة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى لتصبح عشرين ضعف القيمة الإيجارية القانونية السارية، وذلك اعتبارًا من تاريخ استحقاق أول إيجار شهري يلي تاريخ تطبيق القانون.

كما نصت المادة على ألا تقل القيمة الإيجارية الشهرية بعد الزيادة عن ألف جنيه بالنسبة للوحدات السكنية الواقعة في المدن والأحياء، وعن خمسمائة جنيه بالنسبة للوحدات الكائنة في القرى، وذلك في نطاق تطبيق أحكام القانونين رقم 49 لسنة 1977 ورقم 136 لسنة 1981.

تحرير العلاقة الإيجارية خلال 5 سنوات.. المادة (5)

وتناولت المادة الخامسة من مشروع التعديل، تحرير العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين، ونصت على انتهاء عقود الإيجار الخاضعة لأحكام هذا القانون بعد مرور خمس سنوات من تاريخ تطبيقه، ما لم يتفق الطرفان على إنهاء العلاقة الإيجارية قبل هذه المدة.

وأبدت أغلب الأحزاب السياسية، سواء الممثلة في البرلمان أو غير الممثلة، تحفظها على هذه المادة، مشيرة إلى أن فترة الخمس سنوات غير كافية لتسوية الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمستأجرين، وطالبت بمد فترة الانتقال لما بعد السنوات الخمس، خاصة فيما يتعلق بالوحدات السكنية وليس التجارية.

وكان حزب "مستقبل وطن" – الحائز على الأغلبية البرلمانية – من أبرز القوى السياسية التي أبدت اعتراضها على مشروع التعديل، حيث دعا إلى إعادة صياغة المواد المتعلقة بالقيمة الإيجارية وفترة الانتقال، مع مراعاة الفئات الأكثر احتياجًا والبعد الاجتماعي.

الحكومة تفتح باب التعديلات وتطمئن المواطنين

وفي ظل تصاعد الاعتراضات والمطالبات بإعادة النظر في المشروع، خرج الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتصريحات طمأنة للرأي العام، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، مؤكدًا أن الحكومة ليست منحازة لطرف على حساب الآخر، وأنها مستعدة للتراجع أو تعديل أي بند في مشروع القانون وفقًا لما تسفر عنه جلسات الحوار المجتمعي والنقاشات الجارية داخل مجلس النواب.

وشدد مدبولي على أن الحكومة تعمل وفق توجيهات واضحة من القيادة السياسية بضرورة تحقيق توازن عادل بين حقوق الملاك وحقوق المستأجرين، مع إعطاء الأولوية للاعتبارات الاجتماعية، لاسيما فيما يخص الفترة الزمنية المقترحة للتحرير والقيم الإيجارية الجديدة.

تمييز بين السكني والتجاري في التعديلات المرتقبة

وأشار رئيس الوزراء إلى توجه داخل الحكومة والبرلمان بأن تختلف قواعد تطبيق القانون بين العقارات السكنية والتجارية، موضحًا أن الوحدات السكنية قد تحظى بفترة انتقالية أطول وقيمة إيجارية أقل، خاصة في القرى والمناطق الشعبية، دعمًا لمحدودي الدخل.

أما في الأحياء الراقية، فقد يتم تطبيق قواعد مختلفة تتماشى مع طبيعة ومستوى المناطق، بينما تبقى الوحدات التجارية خاضعة لفترة انتقالية ثابتة مدتها خمس سنوات.

نقابات مهنية تعترض على الإخلاء

وشهدت آخر الاجتماعات التي عقدتها اللجنة اعتراضات واضحة من جانب ممثلي نقابات المهندسين، الأطباء، والصيادلة، بشأن بند إخلاء الوحدات السكنية المؤجرة خلال 5 سنوات، معتبرين أنه يهدد السلم الاجتماعي بشكل مباشر.

وأكد المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، أهمية الحوار المجتمعي حول تعديل قانون الإيجار القديم، مشيرًا إلى وجود ملاحظات عديدة على مشروع القانون المقدم من الحكومة، أبرزها أن المحكمة الدستورية العليا لم تتطرق لتحرير العقود الإيجارية.

استمرار العقود الإيجارية مع وضع قيود عادلة

ودعا النبراوي خلال الاجتماع، إلى ضرورة استمرار عقود الإيجار القديم، مع وضع قيود تنظم العلاقة مثل إنهاء العقد في حال عدم إشغال الوحدة، مؤكدًا أن تحديد حد أدنى للأجرة بقيمة 1000 جنيه مبالغ فيه، إذ تم احتسابه استنادًا إلى أسعار الأحياء الراقية، ولا يمكن تعميمه على باقي المناطق.

وشدد على أن زيادة الأجرة حق مشروع، إلا أن القيمة المقترحة لا تعكس الواقع، مضيفًا أن الإخلاء أمر صعب لم تتطرق له المحكمة الدستورية، وقد يؤدي إلى مشكلات تمس العدالة الاجتماعية.

واعتبر أن تنفيذ الإخلاء خلال خمس سنوات "رسالة موت للمستأجرين"، في ظل عجز الحكومة عن توفير وحدات بديلة.

العيادات والمراكز الطبية خارج اختصاص الحكم الدستوري

من جهته، أكد نقيب الأطباء الدكتور أسامة عبدالحي، أن العيادات والمراكز الطبية والصيدليات غير مخاطبة بحكم المحكمة الدستورية العليا بشأن تحرير العلاقة الإيجارية، مشيرًا إلى أن التعديلات التي جرت عام 1997 وضعت زيادة سنوية بنسبة 10%، وهي نسبة كافية.

وحذر عبدالحي من إنهاء العقود بعد خمس سنوات، موضحًا أن الأطباء والصيادلة سبق أن دفعوا مبالغ خلو كبيرة في تلك الوحدات تصل لملايين الجنيهات، مضيفًا: "إذا كانت الدولة تسعى لتأجير المستشفيات وتشجيع القطاع الخاص، فلا يجب أن تُكبَّل العيادات الخاصة وتطالبها بالإخلاء بعد خمس سنوات".

واعتبر أن فسخ العقود بعد مدة محددة غير دستوري، لأنها عقود رضائية، مطالبًا بعدم المساس باستمرار التعاقدات الطبية التي تمثل أمنًا قوميًّا، داعيًا لحرية الطرفين – المالك والمستأجر – في تقدير القيمة الإيجارية.

الصيادلة: إنهاء العلاقة الإيجارية يُسقط التراخيص ويضر بالمهنة

أما ممثلة نقابة الصيادلة، الدكتورة فاتن عبدالعزيز، فكشفت أن عدد الصيدليات المؤجرة بنظام قانون الإيجار القديم يبلغ نحو 10,300 صيدلية، معلنة رفض النقابة لتحرير العلاقة الإيجارية.

وأوضحت أن كثيرًا من هذه الصيدليات لا تتجاوز مساحتها 25 مترًا، ونقلها يؤدي إلى سقوط الرخصة وفقًا لقانون مزاولة المهنة.

وأكدت أن الزيادة المقترحة في مشروع تعديل القانون "كبيرة وغير عادلة"، خاصة مع اختلاف المواقع الجغرافية، مشددة على أن الصيدلة مهنة وليست تجارة، وهي تمثل خط الدفاع الأول في تقديم الإسعافات الأولية، وبالتالي لا يجوز التعامل مع الصيدليات كأنها مجرد محال تجارية.

استمرار جلسات الحوار بعد عيد الأضحى

من جانبه، أكد رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب الدكتور محمد عطية الفيومي، أن جلسات الحوار المجتمعي بشأن مشروع قانون الإيجار القديم ستُستأنف بعد إجازة عيد الأضحى، مشيرًا إلى حرص اللجنة على الاستماع لكافة الأطراف المعنية ومراعاة كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية قبل الانتهاء من الصياغة النهائية لمشروع القانون.

search