السبت، 28 يونيو 2025

06:41 م

محمود محيي الدين يقدم روشتة إنقاذ للخروج من مأزق الديون

المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، محمود محيي الدين

المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، محمود محيي الدين

A .A

أصدرت مجموعة الخبراء المعنية بالديون، التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في ديسمبر الماضي ويرأسها الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، تقريرها الشامل الذي يتضمن 11 مقترحًا عمليًا ومبتكرًا لمعالجة أزمة الديون المتفاقمة في بلدان الجنوب العالمي ومنع تكرارها.

يأتي التقرير قبيل انطلاق مؤتمر التمويل من أجل التنمية التنمية الرابع “FfD4” المقرر انعقاده بمدينة إشبيلية الإسبانية يوم 30 يونيو الجاري.

وتم الإعلان عن التقرير خلال مؤتمر صحفي بمقر منظمة الأمم المتحدة في نيويورك شاركت فيه أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، وريبيكا جرينسبان، الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، والدكتور محمود محيي الدين، وأعضاء فريق الخبراء: باولو جينتلوني، رئيس وزراء إيطاليا الأسبق، وتريفور مانويل، وزير المالية السابق بجنوب أفريقيا، ويان وانج، الأستاذة بجامعة بوسطن الأمريكية.

أزمة الديون 

وقال محيي الدين إن إصدار هذا التقرير، الذي تعاون فيه فريق الخبراء مع كبار الاقتصاديين والخبراء وصناع السياسات والمشرعين، يأتي في وقت حرج ليعلن أن أزمة الديون لا يمكن أن تستمر كأزمة صامتة، وينبغي على جميع المعنيين العمل على حلها كي لا تتسبب في المزيد من إعاقة التعليم والصحة والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في البلدان المختلفة التي تعاني منها.

وأوضح أن الفريق استمع لكل الاقتراحات، واختبرها من حيث جدواها العملية مع الاهتمام بالاعتبارات السياسية التنفيذية، بحيث يمكنه في النهاية الخروج بمقترحات عادلة قابلة للتفعيل الفوري من جميع الأطراف المعنية، مضيفًا أن المقترحات استهدفت ليس فقط تخفيف أعباء الديون الحالية وإيجاد حلول فورية لها، بل أيضًا وضع آليات تمنع تكرار أزمة الديون مستقبلًا.

وأفاد بأن التقرير، الذي تم إعداده بدعم من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة والمفوضيات الاقتصادية الإقليمية للأمم المتحدة وإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية كأمانة فنية مشتركة، يقدم حلولًا براجماتية وعملية لمؤتمر إشبيلية لتمويل التنمية الذي يعقد يوم 30 يونيو حتى 3 يوليو، حيث تعتبر هذه المقترحات تنفيذية مكملة "لتعهدات إشبيلية" الصادرة عن المؤتمر وتهدف إلى كسر حلقة ضائقة الديون ووضع الأساس لتمويل طويل الأجل وميسور التكلفة لتحقيق التنمية المستدامة.

التمويل متعدد الأطراف

وقال محيي الدين، إن المقترحات الأحد عشر تركزت حول ثلاثة محاور عمل رئيسية، أولها هو إصلاح نظام التمويل متعدد الأطراف، ويهدف هذا المحور إلى معالجة الاختلالات الهيكلية في هيكل التمويل والديون العالمية ويتطلب تعاونًا واسع النطاق على المستوى العالمي، وتشمل المقترحات في هذا المجال، إعادة توجيه وتجديد موارد الصناديق القائمة ببنوك التنمية متعددة الأطراف وصندوق النقد الدولي لتعزيز السيولة وتبني سياسات لتمديد آجال الاستحقاق وتمويل عمليات إعادة شراء القروض وتخفيض خدمة الدين أثناء الأزمات.

كما يشمل هذا المحور، بحسب محيي الدين، تطبيق وقف خدمة الديون خلال الأزمات، بما في ذلك الكوارث المتعلقة بالمناخ أو الصدمات الخارجية الأخرى، وإصلاح الإطار المشترك لمجموعة العشرين ليشمل جميع البلدان متوسطة الدخل، وتطبيق الوقف التلقائي لخدمة الديون خلال المفاوضات، وتوسيع نطاق المفاوضات المتوازية مع لجان الدائنين، وتقصير الأطر الزمنية لاستكمال عملية إعادة الهيكلة.

وتتضمن المقترحات إصلاح تحليلات القدرة على تحمل الديون (DSA) لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتعكس بشكل أفضل وضع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، والتمييز بين قضايا السيولة والملاءة المالية، والأخذ في الاعتبار جميع أشكال الديون الخارجية والمحلية، وإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة (SDRs) من خلال صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف حيثما كان ذلك ممكنًا قانونًا، لزيادة رؤوس أموال بنوك التنمية وتوفير تمويل ميسور التكلفة.

تعزيز التعاون الدولي 

وأشار محيي الدين إلى أن ثاني محاور العمل الرئيسية هو تعزيز التعاون الدولي والإقليمي، ويركز هذا المحور على السياسات والاستراتيجيات التي تعتمد على التنسيق بين مجموعة أصغر من البلدان، مثل تحالفات المقترضين أو برامج المساعدة الفنية وبناء القدرات.

وتشمل المقترحات التي تندرج تحت هذا المحور إنشاء مركز مشترك للمعلومات لتقديم المساعدة الفنية والإرشادات بشأن الأدوات المالية المبتكرة، بما في ذلك مبادلات الديون مقابل التنمية، وإنشاء منتدى أو تجمع للدول المقترضة لتبادل المعرفة والخبرات، وتقديم المشورة، وتعزيز فعالية تمثيلهم وصوتهم في المحافل الدولية، و توسيع نطاق المساعدة الفنية وتنمية القدرات لمكاتب إدارة الديون والوزارات والبنوك المركزية والجهات المعنية لتعزيز قدرة الدول على إدارة الديون بطريقة مستدامة وشفافة.

وأوضح محيي الدين أن ثالث محاور العمل الرئيسية يتعلق بتشجيع الدول المقترضة على اعتماد سياسات وإصلاحات وطنية، وتهدف هذه التدابير إلى تعزيز المرونة الاقتصادية لدى الدول المقترضة، وتحسين إدارتها للديون، وتهيئة الظروف لديها لتمويل أكثر استدامة. ويشمل هذا المحور مقترحات تعزيز القدرات المؤسسية لمعالجة مخاطر السيولة، واختلالات العملات، والتعرض لأسعار الفائدة، وتحسين إدارة الديون، وتحسين جودة مجموعة مشروعات التنمية القابلة للاستثمار والتمويل ومنصات البلدان الوطنية لجذب تمويل جديد بشروط أفضل، وتخفيض تكاليف المعاملات وزيادة تأثير مبادلات الديون والأدوات المالية المبتكرة الأخرى من خلال التوسع والدمج والمواءمة مع استراتيجيات التنمية الوطنية.

التنمية المستدامة

وأكد أن هذه المقترحات، إذا تم تصميمها وتنفيذها بفعالية، فإنها توفر مسارًا واقعيًا قابلًا للتطوير نحو تقدم ملموس للخروج من مأزق الديون ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة، موضحًا أن المقترحات تمثل إطارًا عامًا لحل الأزمة لكن يبقى النظر في كيفية التعامل مع كل حالة من حالات الدول المدينة على حدة ضروريًا.  

وشدد على ضرورة وجود الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف المعنية لحل الأزمة، مع الإدراك التام بأنه لا يمكن لطرف واحد حل الأزمة بمفرده، وأن التقدم الهادف في هذا الإطار يتطلب عملًا وتعاونًا على جميع المستويات الدولي منها والإقليمي والوطني على حد سواء.

search