
غزة بين نار الحرب وشبح التهجير
في خضم الحرب الدامية والحصار الممتد لسنوات، يتصاعد الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية عن أخطر سيناريو قد يواجهه الفلسطينيون في قطاع غزة: التهجير الجماعي المنظم.
ورغم أن هذا السيناريو يلقى رفضًا رسميًا واسعًا عربيًا ودوليًا، فإن شواهد عدة تشير إلى أنه لم يعد مجرد تكهنات، بل خطة قد تتحول إلى واقع إذا استمرت آلة الحرب في تدمير كل مقومات الحياة.
تساؤلات ملحة تطرح نفسها هل تخطط إسرائيل بالفعل لفرض واقع ديموغرافي جديد في القطاع؟ وإلى أين قد يذهب مئات الآلاف من المدنيين؟ وكيف ستتعامل دول الجوار مع هذا الخطر؟
على مدار العقود الماضية، تكررت طروحات إسرائيلية تعتبر غزة “معضلة أمنية وسكانية” يجب حلها جذريًا.
ومع كل تصعيد عسكري، تخرج إلى السطح مقترحات “فتح ممرات إنسانية” نحو سيناء أو إعادة توطين السكان في دول أخرى.
وفي الآونة الأخيرة، رصدت تقارير إعلامية غربية تلميحات إلى “خطط طوارئ” تشمل تهجيرا جزئيا أو كاملا لسكان غزة تحت غطاء إنساني، وسط تزايد التدهور الصحي والغذائي وانهيار البنى التحتية
سيناريوهات التنفيذ المحتملة
بحسب محللين ومصادر دبلوماسية، تدور السيناريوهات المحتملة حول ثلاثة مسارات رئيسية:
- أولاً: التهجير البطيء غير المعلن
ويقوم على سياسة خنق اقتصادي وإنساني مستمرة، تجبر السكان على النزوح الطوعي تدريجيًا بحثًا عن الحد الأدنى من مقومات الحياة. - ثانيًا: التهجير القسري خلال الحرب
وهو الأسوأ، حيث قد يستغل تصعيدا عسكريا واسعا لفتح معابر حدودية باتجاه سيناء، بالتزامن مع تدمير مناطق واسعة وتهجير عشرات الآلاف. - ثالثاً: مشروع توطين بدعم دولي
ويتحدث عن مبادرة مالية ضخمة لإعادة توطين أعداد من اللاجئين في دول ثالثة تحت شعار “الإغاثة الإنسانية”، ما قد يفتح الباب لتصفية حق العودة.
مصر تجد نفسها في قلب هذا السيناريو، باعتبارها الدولة الوحيدة التي ترتبط غزة معها بحدود برية مباشرة.
ورغم تأكيد القاهرة مرارًا رفضها المطلق لتوطين الفلسطينيين في سيناء، تحذر مصادر أمنية من أن موجات نزوح جماعية قد تتحول إلى أمر واقع يصعب التعامل معه.
يضاف إلى ذلك التخوف من تداعيات أمنية خطيرة على استقرار سيناء، واحتمال تصاعد هجمات الجماعات المتطرفة مستغلة الفوضى.
تؤكد تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية أن أي تهجير قسري سيعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وسيدفع نحو موجة إدانة عالمية واسعة.
كما يخشى مراقبون أن يؤدي نزوح جماعي إلى انفجار الوضع في الضفة الغربية والأردن ولبنان، وسط تنامي الغضب الشعبي والتوتر السياسي.
على المستوى الإسرائيلي، قد تحقق خطط التهجير مكاسب أمنية قصيرة الأجل، لكنها ستضاعف عزلة دولة الاحتلال سياسيا وتضعها تحت طائلة الملاحقة القانونية والضغط الدولي.
ورغم قسوة الظروف، يواصل الفلسطينيون في القطاع التمسك بحقهم في أرضهم.
وتؤكد الفصائل الفلسطينية والمؤسسات المدنية أن أي محاولة لتكرار سيناريو نكبة جديدة ستواجه برفض ومقاومة، مهما كانت التكلفة.
وعليه في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وتفاقم الدمار، يظل سيناريو التهجير التدريجي وغير المعلن الأخطر والأكثر ترجيحًا، بوصفه أقل تكلفة سياسية على منفذيه.
لكن هذا السيناريو يهدد بنسف كل فرص الحل السياسي، ويجعل من الصراع أزمة دائمة تهدد استقرار المنطقة بأسرها.
وأخيرًا وليس آخرًا، أعلن رفضي القاطع لكل مخططات التهجير القسري لسكان غزة، وأعتبرها جريمة تاريخية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في أرضه.
إن بقاء الفلسطينيين على ترابهم هو عنوان الصمود، وحائط الصد الأخير في وجه محاولات محو الهوية والحقوق المشروعة. وطال الأمد أو قصر، ستظل فلسطين محور الصراع إلى أن يقضي الله أمرًَا كان مفعولا.

الأكثر قراءة
-
قبل 5 سنوات.. البنك الدولي تنبأ بخطر احتراق سنترال رمسيس
-
بعد أزمة لوحاتها.. طبيب نفسي عن مها الصغير: لديها شعور بالنقص
-
من أحرق سنترال رمسيس؟
-
مجلس النواب يقر مشروع قانون التعليم.. النص الكامل
-
بعد حادث حريق رمسيس.. هل البنوك تعمل اليوم؟
-
بعد حريق سنترال رمسيس.. خبير يكشف "نقطة ضعف خطيرة" بشبكة الاتصالات
-
حريق سنترال رمسيس.. مصدر بـ"الكهرباء" يوضح طريقة شحن كروت العدادات
-
بعد حريق سنترال رمسيس.. كيف تحمي نفسك من استنشاق دخان الحرائق؟

مقالات ذات صلة
عبد الناصر وخصوم الذاكرة.. بين التحرر العربي ودعاوى النسيان
05 يوليو 2025 05:22 م
"أطفال مصر بين المطرقة والسندان "
03 يوليو 2025 05:15 م
تفاحة آدم.. الرمز بين الأسطورة والوجود
01 يوليو 2025 02:32 م
أكثر الكلمات انتشاراً