الجمعة، 11 يوليو 2025

06:04 ص

من فيتنام إلى غزة.. التاريخ يعيد نفسه: استنزاف بلا نصر

مقتل الجنود الإسرائيليين في غزة

مقتل الجنود الإسرائيليين في غزة

أسامة جمال

A .A

يشهد الداخل الإسرائيلي تصاعدًا غير مسبوق في الانتقادات الموجهة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظل استمرار الحرب في غزة التي باتت توصف بأنها تغرق إسرائيل في "مستنقع فيتنامي"، مع خسائر بشرية يومية واستنزاف طويل الأمد دون أفق واضح للنهاية.

 مقتل الجنود الإسرائيليين في غزة 

ورغم لقاء نتنياهو الأخير بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن، طغت أخبار مقتل الجنود الإسرائيليين في غزة على مشهد الزيارة، وسط مشاعر متزايدة من الغضب والإحباط داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة مع استمرار سقوط الجنود بوتيرة متصاعدة.

الانتقادات لم تعد مقتصرة على المعارضة أو الشارع، بل باتت تصدر عن أقلام وتحليلات في أبرز الصحف الإسرائيلية، التي باتت تقارن الوضع في غزة بما جرى في فيتنام والعراق وأفغانستان.

فالهجوم العسكري المستمر في غزة، بحسب محللين، لا يؤدي إلى الحسم بل يغرق إسرائيل في استنزاف يومي دون استراتيجية خروج واضحة.

تسليم سلاح حماس

في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وصف الكتاب  ناداف أيال، الحرب الجارية بأنها كارثة استراتيجية، معتبرًا أن الشعارات المتداولة مثل "نزع سلاح حماس" أو "منعها من الحكم" لا تعكس أي خطة حقيقية، بل تتطلب احتلالًا كاملًا لغزة، وهو ما سيقود إلى فخ طويل الأمد، يزيد من الخسائر ويغذي العداء.

ويوضح منذ مارس الماضي، قتل 38 جنديا إسرائيليا، بمتوسط 10 جنود شهريا، لكن الغالبية سقطوا في يونيو الماضي، مما يؤكد أن قدرة حماس القتالية لم تتراجع.

وبينما ترفض إسرائيل تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، لا يبقى إلا خيار الإدارة العسكرية المباشرة، وهو خيار وصف بأنه انتحاري من الناحية السياسية والأمنية، حيث لا توجد نهاية واضحة أو مكاسب ملموسة.

البيانات الميدانية تعكس واقعًا مختلفًا عن الرواية الرسمية، فحماس لا تزال قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية فعالة. 

قُتل عدد كبير من الجنود

ففي يونيو وحده، قُتل عدد كبير من الجنود الإسرائيليين، وهو ما يدل على استمرار الفاعلية القتالية للفصائل المسلحة في غزة، كما أن الهجمات الأخيرة وقعت على بعد 2 كم فقط من السياج الحدودي، ما يُظهر خللًا واضحًا في استراتيجية "المحيط الأمني".

المقارنة مع التجربة الأمريكية في العراق لم تغب عن التحليلات، حيث يرى كتاب إسرائيليون أن غزة، في غياب حكومة أو اقتصاد حقيقي، أصبحت بيئة خصبة لتجنيد الشباب في صفوف المقاومة، وتتحول الأزمة إلى دائرة مغلقة من الانهيار والعنف، في ظل غياب حلول جذرية.

خطة "المنطقة الإنسانية" في رفح لم تسلم هي الأخرى من الانتقاد، واعتبرها البعض "وهما سياسياً"، لعدم وضوح كيفية تنفيذها، أو تمويلها، أو حتى تأمينها من تسلل عناصر المقاومة، وسط فوضى إنسانية ومعاناة متفاقمة.

اتهامات تطال نتنياهو

كما اتُهم نتنياهو بأنه يركّز على الظهور الإعلامي والسفر واللقاءات السياسية، بينما يتجاهل الوضع الميداني المتأزم، خاصة في ما يتعلق بملف الأسرى والمفقودين، الذي لا يشهد أي تقدم رغم مرور أكثر من 640 يومًا على بدء الحرب.

وفي المجمل، فإن الموقف الإسرائيلي الداخلي آخذ في التآكل، وسط قناعة متزايدة بأن الحرب في غزة تحوّلت إلى معركة بلا نهاية، بلا نصر حاسم، وبلا رؤية سياسية واضحة، ما يعيد إلى الأذهان دروسًا قاسية من التاريخ، ويثير تساؤلات عميقة حول جدوى الاستمرار.

search