كيف تؤثر الموسيقى في دماغك؟.. رحلة من الذكريات والعواطف إلى العلاج العصبي

الذاكرة التربطية
أسيل وليد
هل شعرت يومًا أن لحنًا قديمًا نقلَك فجأة إلى فترة معينة من حياتك؟ لا تقتصر الاستجابة على مجرد تذكّر كلمات الأغنية، بل تمتد لتشمل تفاصيل دقيقة مثل المكان، الجو، المشاعر، وحتى الأشخاص الذين كانوا حولك.
هذا التأثير العميق للموسيقى على ذاكرتنا وعواطفنا لم يعد مجرد ظاهرة عاطفية، بل أصبح موضوعًا علميًا يتم دراسته في الدماغ.
كيف تؤثر الموسيقى في الدماغ؟
وفقًا لتقرير نشرته مجلة Harvard Medicine، تُنشّط الموسيقى أجزاء واسعة من الدماغ، أبرزها:
اللوزة الدماغية (Amygdala): المسؤولة عن معالجة العواطف مثل الخوف، الفرح، والحنين، وتلعب دورًا أساسيًا في استجابتنا العاطفية للموسيقى.
الحُصين (Hippocampus): مركز تخزين الذكريات وربطها بالأصوات، الروائح والمشاهد.
عندما نستمع إلى لحن مألوف، تعمل هاتان المنطقتان بشكل متزامن، ما يؤدي إلى استرجاع المشاعر والتجارب التي عشناها عند سماعه لأول مرة.
ولهذا السبب، قد يعيد سماع أغنية معينة إلى أذهاننا تجارب قديمة مثل قصة حب أو رحلة عائلية.
الموسيقى كـ "لغة بدائية وعاطفية"
يرى الدكتور باتريك ويلان، المحاضر في كلية الطب بهارفارد، أن الاستماع إلى الموسيقى يُعتبر امتدادًا لقدرة الإنسان البدائية على التقاط الأصوات في بيئته، كما كان يفعل أسلافنا من الثدييات الليلية. الموسيقى في الأماكن المغلقة تُغمر الحواس وتُوحد التجربة العاطفية لدى الحاضرين.
تنقل النغمات الموسيقية إشاراتها عبر الأذن إلى الفص الصدغي، حيث يتم تحليلها وتصنيفها لتُفعّل بعدها الجهاز العصبي اللاإرادي، المسؤول عن تنظيم التنفس وضربات القلب.
ولهذا السبب قد تشعر بتسارع دقات قلبك عند سماع موسيقى مثيرة، أو توتر مفاجئ عند سماع موسيقى مثل تلك الموجودة في فيلم Jaws.
كيف تثير الموسيقى التوقعات في أدمغتنا؟
تُظهر الأبحاث العصبية أن الموسيقى تحفز أيضًا قشرة الفص الجبهي المدارية (OFC)، وهي المنطقة المسؤولة عن التوقع واتخاذ القرار.
تُظهر الدراسات أن هذه المنطقة تكون نشطة بشكل مفرط عند مرضى الوسواس القهري وأيضًا عند الاستماع إلى الموسيقى.
يربط العلماء بين هذا النشاط وقدرة الموسيقى على خلق "توتر موسيقي" ثم إطلاقه، كما يحدث في الأنغام الغربية التي تعتمد على التوقع والتحقق أو المفاجأة.
هذه العملية تعكس كيفية تعامل الدماغ مع الترقب والمكافأة، وهي نفس الآليات المرتبطة بالإدمان، القلق، أو الوسواس.

الموسيقى كأداة علاجية
لا تقتصر الموسيقى على المتعة فحسب، بل تُستخدم أيضًا في العديد من العلاجات الطبية، مثل:
- تقليل نوبات الصرع عند بعض المرضى من خلال الاستماع إلى موسيقى موتسارت.
- تحسين الحالة الحركية لدى مرضى باركنسون عبر الاستجابة للإيقاع.
- تحفيز الذاكرة لدى مرضى ألزهايمر من خلال الأغاني المرتبطة بماضيهم.
يُشير أستاذ الطب النفسي بجامعة هارفارد الدكتور ديفيد سيلبرسويج، إلى أن الموسيقى يمكنها إعادة تشكيل الشبكات العصبية في الدماغ، خاصة عند التعرض لها لفترات طويلة.
حتى في حالات تلف الدماغ، يمكن للموسيقى أن تساعد المرضى على التكيف عبر قنوات عصبية بديلة.
الموسيقى.. تجربة عصبية متكاملة
ما نستمع إليه ليس مجرد صوت، بل هو تجربة عصبية متكاملة تربط بين المشاعر، الذكريات، والتوقعات، وتنقلنا بين الماضي والحاضر من خلال النغمات.
في المرة القادمة التي تسمع فيها أغنيتك المفضلة، تذكّر أن ما تشعر به ليس مجرد لحظة طربية، بل هو إعادة تنشيط لخريطة عصبية كاملة من حياتك.

الأكثر قراءة
-
لو شقتك إيجار قديم.. اعرف هتدفع كام بعد تطبيق القانون
-
لملاك عقارات الإيجار القديم.. لو المستأجر رفض يسلمك الشقة تعمل إيه؟
-
الملك لير.. كيف تقضي سهرة مسرحية ليحيى الفخراني بـ60 جنيها فقط؟
-
من يبتلع الإهانة لا يستحق الشفقة
-
الداخلية تكشف غموض إنهاء حياة "سجدة" في سوهاج
-
متى تنكسر موجة الحر؟.. "الأرصاد" تكشف موعد تحسن الطقس
-
إصابة 14 شخصًا في اصطدام سيارة ملاكي بميكروباص في بني سويف
-
حريق يلتهم المبنى الإداري لكمبوند تاج سيتي جاردينيا بمدينة نصر

أخبار ذات صلة
رجل بلا ذراعين يطعم حمام القاهرة.. قصة إنسانية تُلهم العطاء
11 يوليو 2025 03:41 م
الملك لير.. كيف تقضي سهرة مسرحية ليحيى الفخراني بـ60 جنيها فقط؟
11 يوليو 2025 10:57 ص
تحذيرات طبية.. أدوية شائعة قد تشكل خطرًا خلال موجات الحر
11 يوليو 2025 09:32 ص
فاشل في الرياضة.. ماذا تعرف عن هيرجافيك ضيف الحلقة 1 من "شارك تانك مصر"؟
10 يوليو 2025 09:47 م
أكثر الكلمات انتشاراً