الثلاثاء، 15 يوليو 2025

01:53 ص

الإيمان الإيجابي.. درع الإنسان ضد الخوف والسلبية

في ظل ضغوط الحياة وتقلبات الواقع، يبحث كثيرون عن سبل النجاة من براثن التوتر والخوف، ليتحولوا إلى أفراد أكثر قدرة على العطاء والتوازن. ولعل العودة إلى القيم الإيمانية تشكل أساسًا راسخًا لتحقيق هذه الغاية.

ففي القرآن الكريم إشارات واضحة تحض الإنسان على التحلي بالإيجابية وعدم الاستسلام للسلبية واليأس، إذ يقول الله تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} (البقرة: 216).

هذه الآية العميقة تضع أساسًا نفسيًا وروحيًا بالغ الأهمية: قد تخفي المحن في طياتها منحًا ربانية، وقد يتجلى الخير فيما يظنه الإنسان شرًا.

ويرى خبراء علم النفس والتربية الدينية أن الإيجابية عبادة وسلوك يومي يربط الإنسان بخالقه ويمنحه الثبات في مواجهة التحديات. ويبرز في هذا الإطار قول النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز”.

هذه الوصية النبوية العميقة تربط بين التوكل على الله والسعي نحو ما ينفع، وترفض العجز كمنهج حياة.

السلبية، بحسب مختصين في التربية الإيمانية، ليست مجرد حالة نفسية عابرة، بل هي خطر يتسلل إلى النفوس فيضعف العزيمة ويغلق أبواب الأمل. ومن هنا جاء التحذير القرآني الواضح: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف: 87).

إن إدراك المؤمن لرحمة الله ولحكمة قدره يمنحه قدرة استثنائية على تجاوز الأزمات بثقة وتفاؤل، وهو ما تؤكده شواهد السيرة النبوية، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تفاؤلًا حتى في أحلك الظروف، ولم يعرف قلبه الاستسلام.

وفي ضوء ذلك، يؤكد علماء ودعاة أن ممارسة الإيجابية ليست خيارًا ترفيًا، بل واجبًا شرعيًا ينعكس أثره على الفرد والمجتمع. ويطرح هؤلاء جملة خطوات عملية لتبني هذا النهج، منها:
    •    التوكل على الله: إيمان راسخ بأن الأقدار كلها خير.
    •    الذكر المستمر: كوسيلة لإبعاد الخوف وطمأنة القلوب.
    •    التفكر في النعم اليومية: لتثبيت الشعور بالرضا والشكر.
    •    صحبة المتفائلين: والابتعاد عن مثيري القلق والتشاؤم.
    •    استحضار قصص الأنبياء: لتقوية العزيمة والصبر.

وفي ختام الحديث، يبقى اليقين بأن الإيجابية ليست شعارًا لحظيًا، بل أسلوب حياة يرسخ الطمأنينة وينمي الثقة في رحمة الله وعدله. وهو ما يلخصه قول الله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (الشرح: 6).

إنها رسالة مفتوحة لكل من أثقله الخوف وأعياه التشاؤم: لا تجعل السلبية سجنك، ولا تسمح لليأس أن يعمي بصيرتك عن أبواب الفرج

search