نجم تشيلسي جواو بيدرو.. قاتل ابن قاتل أنقذه "هرمون النمو"

جواو بيدرو
محمود موسى
ولد جواو بيدرو من رحم المعاناة، وكانت قصته مليئة بالدراما منذ لحظاتها الأولى، طفلٌ ظهر على شاشات التلفاز البرازيلية بعمر الثامنة، ليس فقط كلاعب واعد في أكاديمية بوتافوجو، بل أيضًا كابن لرجلٍ يحمل ماضيًا في عالم الجريمة، إذ كان والده شيكاو، لاعب رائع أحبّته الجماهير، قبل أن يُدان في جريمة قتل فكّكت العائلة بأكملها.
تغلّب الطفل الصغير على صعوبات الحياة بمساعدة والدته “بطله الوحيد”، ليصبح واحدا بين أفضل المهاجمين في الدوري الإنجليزي الممتاز.
يستعرض “تليجراف مصر” مسيرة جواو بيدرو نجم تشيلسي الذي تألق في نهائي كأس العالم للأندية مسجلا هدفا رائعا في مرمى باريس سان جيرمان.
جريمة قتل
كان أول ظهور تلفزيوني لـ جواو بيدرو عام 2010، عندما كان في الثامنة من عمره فقط، كان يُعتبر آنذاك أحد نجوم أكاديمية بوتافوجو، لكن التركيز الرئيسي للتقرير كان على والده، خوسيه جواو دي جيسوس، المعروف باسم تشيكاو، كان لاعب كرة قدم أيضًا ولعب مع الفريق الأول.
أحبّ المشجعون تشيكاو، لاعب الوسط الدفاعي المقاتل، الذي انضمّ إليهم من إنتر دي ليميرا، والذي ضحّى بكل شيء من أجل قميصه.
كان فاندرلي لوكسمبورغو، مدرب كورينثيانز، حريصًا على التعاقد مع تشيكاو، لكن هذه الخطوة لم تُنفّذ، لأن حياة تشيكاو وحياة عائلته تغيرت للأبد.
في عام 2002، حُكم عليه بالسجن 16 عامًا بتهمة التواطؤ في جريمة قتل، وبحلول وقت النطق بالحكم، كانت فلافيا جونكويرا، والدة جواو بيدرو، قد انفصلت عنه بالفعل.
قال شيكاو: "لقد رأيت الموت وجهًا لوجه عدة مرات، لقد ارتكبت خطأً، وأنا نادم عليه، فكرت في الانتحـار، أنا شخص طيب، أعلم أنه لا يحق لأحد أن يقتل شخصًا آخر".
بعد إطلاق سراحه، ظهر شيكاو الذي كان يبلغ من العمر 31 عامًا آنذاك إلى جانب ابنه في تقرير تلفزيوني، وهو يسعى لاستئناف مسيرته الكروية.

قال تشيكاو: "لم أتخيّل يومًا أن أرى اليوم الذي أستطيع فيه ركل الكرة مع ابني. لطالما حلمت بذلك اليوم".
ورد جواو على والده: "لطالما رغبت في التواجد في الملعب مع والدي، سأحقق ذلك، لطالما رغبت أختي في اللعب معه، وكذلك كنتُ. لكننا لم نستطع، لأنه كان في السجن".
صعوبات مالية
بعد عامين من ظهوره التلفزيوني مع والده، بدأ جواو بيدرو كلاعب وسط دفاعي، مثل والده، وتألق في إحدى المباريات، مسجلًا هدفًا برأسية وتسديدة طائرة، ومن ثم لفت انتباه كشاف المواهب في فلومينينسي، لويز فيليبي، وتغيّرت مسيرته الكروية بالكامل.
انضم اللاعب إلى صفوف نادي فلومينينسي ليقول عنه مدربه إدواردو أوليفيرا في الناشئين "التقيت جواو بيدرو لأول مرة عندما كان صغيرًا جدًا، كنتُ المنسق الفني لفريق بوتافوجو للشباب، وكان يلعب ضد فريقنا، كنتُ أعتقد أنه لاعبٌ فنيٌّ للغاية، يتمتع بشخصيةٍ رائعة".
كانت مدينة ريو دي جانيرو هي المكان الذي بحثت فيه العائلة عن بدايةٍ جديدة، إذ التحق جواو بيدرو بمدرسةٍ خاصة، وعملت فلافيا والدة اللاعب الحاصلة على شهادةٍ في إدارة الأعمال في المبيعات وامتلكت عقارًا يُمكن تأجيره، لكن بعد فترة عانت الأسرة من صعوبات مالية.
وعندما ساء الوضع، زارت فلافيا أكاديمية فلومينينسي وهي تبكي لتشرح أن الوضع أصبح لا يُطاق.
بكاء الأم
وأوضح مارسيلو تيكسيرا، مدير أكاديمية فلومينينسي "عانقتها وأخبرتها أن الأمر لن يكون مشكلة بعد الآن".
وساعدها النادي في الحصول على اتفاقية مالية مُحسّنة لتخفيف العبء عنها، وقالت فلافيا: "كان الأمر مؤثرًا لأننا لم نكن نملك المال الكافي لكل ما نحتاجه، أقول للناس إن فلومينينسي يحتضن الناس، لأنهم ساهموا في تغيير حياتنا".
وغرس هذا الموقف في جواو بيدرو الولاء للنادي وتركيزه على حلمه قال: "أعتقد أن تلك التجربة جعلتني أدرك أنني بحاجة إلى التركيز على كرة القدم حتى أتمكن في المستقبل من إعالة عائلتي، أمي وجدتي".

تدرج جواو بيدرو في صفوف الناشئين بثبات، قبل أن يواجه مشكلة في سن 15 عاما، ويقول مدربه أوليفيرا: "كان نحيفًا ويفتقر إلى بعض التنسيق، أعتقد أن ذلك خلق له مشاكل، وتراجع مستواه قليلاً عن اللاعب الذي كان عليه في الثالثة عشرة من عمره".
"عندها بدأتُ أعرفه أكثر، في تلك المرحلة، لم يكن لاعبًا بارزًا، لم يكن لاعبًا أساسيًا في ذلك الفريق، لقد كانت فترة صعبة عليه".
بريق العينين
مع نموه وازدياد طوله، انتقل من لاعب خط وسط دفاعي إلى لاعب خط وسط مهاجم قبل أن ينتقل إلى مركز المهاجم.
يقول مدربه أوليفيرا: "أعتقد أن السبب يعود إلى طفرة النمو التي مر بها، لقد أصبح طويل القامة جدًا على مدار 3 سنوات، وكان على جسده أن يواكب هذا التطور".
كانت النتيجة تحسنًا ملحوظًا في أداء جواو بيدرو، إذ سجل 38 هدفًا في موسم واحد.
كرّس نفسه تمامًا لكرة القدم، كل تسديدة سددها كانت على المرمى، لفت هذا انتباهي حقًا، لأنه ليس من السهل أن تكون بهذه الكفاءة أمام المرمى".
"أحد الأشياء التي عملت عليها معه هي قراءة حارس المرمى، كان يسدّد بطريقة رائعة بعيدا عن متناول حراس المرمى، كان دائمًا يتمتع بتركيز عالٍ خلال تلك التدريبات الفردية".
"كان لديه إرادة حقيقية للفوز، وكان قادرًا على نقل هذه الإرادة إلى اللاعبين الآخرين، قدرته على إنهاء الهجمات والتأثير الإيجابي لسلوكه على المجموعة، هما ما أعجبني، كان مصممًا على التطور".
"كان لديه دائمًا بريقٌ في عينيه، كانت لديه رغبةٌ عارمةٌ في التعلّم، كان ذلك رائعًا حقًا، وعلمني شيئًا، كيف يُمكن لعيني اللاعب أن تُعبّر عن مشاعره، يُمكن لذلك البريق في عينيه أن يخبر مدربه وزملاءه في الفريق بالكثير".
"يمكنه اللعب على الأطراف أو كصانع ألعاب، لكن عندما يلعب في الهجوم، فهو ليس من النوع الذي يفضل البقاء ثابتًا في منطقة الجزاء، يمكنه التحرك إلى الأطراف أو التراجع بحثًا عن الكرة".
متابعة أوروبية
كان عمره 17 عامًا ولم يشارك بعد مع الفريق الأول، لكن تابعه عدد من الأندية الأوروبية، إذ أرسل مانشستر سيتي كشافًا إلى ريو لمراقبته، وأيضا ليفربول، بينما أعد برشلونة تقريرًا عنه، قبل أن يدخل واتفورد ويحسم الصفقة، ولم يكن لعب للفريق الأول لنادي فلومينينسي بعد.
"اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز كان حلمي دائمًا، كنت سعيدًا للغاية وشعرت بحماس كبير، كانت هناك أندية أخرى مهتمة بي، وسرت شائعات عن بعض الفرق الكبيرة، لكن واتفورد كان الفريق الذي قدم لي عرضًا، ولذلك أدركت أنه عرض جاد".. جواو بيدرو
لم يستغرق الأمر منه سوى دقيقتين ليترك بصمته مع الفريق الأول، إذ سجل هدفًا رائعًا برأسه بعد دخوله كبديل في مباراة خسرها فريقه 3-2 أمام فلامنجو في بطولة ولاية ريو، كان عمره آنذاك 17 عامًا و4 أشهر و29 يومًا فقط".
جواو بيدرو قاتل
وشهدت مباراتان متتاليتان ضد كروزيرو، الأولى في كأس البرازيل والثانية في الدوري، تسجيل 3 أهداف في خلال يومين فقط.
كان صديقه ريتشارليسون -مهاجم توتنهام الحالي- من بين الحضور لمشاهدة المباراة، وتبادلا أطراف الحديث حول انتقال جواو بيدرو المرتقب إلى واتفورد.
أوضح جواو بيدرو حينها: "تحدثتُ معه قليلًا، سألته عن اللغة، وما إذا كان قادرًا على تعلمها، لأنني ما زلتُ في بداية مشواري، قال إنها صعبة، لكنه طلب مني أن أدرسها لأنني سأحتاجها".
كما سجل "هاتريك" في 34 دقيقة في أول مشاركة أساسية له في كأس سود أمريكانا ضد أتلتيكو ناسيونال الكولومبي، غادر الملعب في ذلك اليوم والجماهير هتفت: "أنت في ورطة.. جواو بيدرو قاتل!".
/i.s3.glbimg.com/v1/AUTH_bc8228b6673f488aa253bbcb03c80ec5/internal_photos/bs/2019/t/f/glwWbjQomyX6DKCjYK8A/29.jpg)
وقالت والدته إنها تلقت أكثر من 200 رسالة واتساب بعد المباراة، وأضافت "إنه حلم، أحاول الرد عليها جميعاً، لكن قد يستغرق الأمر حتى الأسبوع المقبل".
وعلق مدربه فرناندو دينيز قائلا "أداء رائع، من النوع الذي تتوقعه من العظماء، مثل ليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو، إنه ليس شيئاً تراه كل يوم".
وعبر ديان بيتكوفيتش، نجم فلامنجو السابق، إلى أنه يجب استدعاؤه لمنتخب البرازيل في ذلك الوقت. وقال: "إنه يبلغ من العمر 17 عامًا وقد حقق بداية أفضل في مسيرته من كيليان مبابي".
"انظروا إلى عدد مبارياته وأهدافه، كم كان عمر رونالدو عندما شارك في كأس العالم عام 1994؟ لا أقول إن جواو بيدرو هو بيليه، لكنه حقق بداية رائعة".
الوداع أصعب الأشياء
وبعد 7 مواسم في الأكاديمية وموسم واحد مع الفريق الأول، بكى جواو بيدرو في مقابلة تلفزيونية، وقال: "لقد قضيت ما يقرب من نصف حياتي في هذا النادي، وداعًا دائمًا ما يكون أصعب شيء".
سافر جواو بيدرو إلى لندن في 18 ديسمبر 2019 برفقة والدته فلافيا، ورغم شعوره بالتوتر في البداية، إلا أن المراهق قرر قبول التحدي الجديد بدعم من والدته وجدته.
وكان الطقس أول ما لفت انتباهه عند انتقاله، فبعد أن اعتاد حرارة ريو التي تصل إلى 30 درجة، فوجئ بأجواء لندن الباردة، كما كان الطعام من أبرز أوجه الاختلاف، لذلك سارعت العائلة للعثور على متجر برازيلي.
في بداياته، شارك البرازيلي في مباريات قليلة، ولم يقدم أداءً مقنعًا، ومع توقف الدوري بسبب جائحة كورونا، استغل الفرصة لبناء لياقته البدنية واكتساب الكتلة العضلية، ليصبح بعدها أكثر جاهزية للمنافسة.
وبينما كان الفريق يعاني من تراجع المستوى، أصبح جواو بيدرو أحد الأسماء التي يُعوَّل عليها لإعادة واتفورد إلى الدوري الإنجليزي ، خصوصًا بعد تسجيله أهدافًا حاسمة، أبرزها هدف الفوز في ديربي لوتون، وهدف رائع ضد ديربي كاونتي .
نجح بيدرو في إثبات نفسه بتسجيل 9 أهداف في موسمه الأول، ولعب دورًا رئيسيًا في صعود الفريق مجددًا إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، ليبدأ فصلًا جديدًا كلاعب ناضج في كرة القدم الإنجليزية، بعد أن كان صبيًا على شواطئ البرازيل.

في الموسم التالي، سجل 11 هدفًا وحمل شارة القيادة في بعض المباريات، وغادر النادي بعد أن سجل 24 هدفًا في 199 مباريات.
سخرية القدر
في مايو 2023، انضم إلى برايتون كأغلى صفقة في تاريخ النادي بقيمة ثلاثين مليون جنيه إسترليني وبدأ موسمه الأول بقوة مسجلًا 20 هدفًا وقدم 3 تمريرات حاسمة في 40 مباراة وتألق في الدوري الأوروبي بتسجيله 6 أهداف في 6 مباريات وكان هداف البطولة لفترة رغم إصابته وغيابه عن الأدوار الإقصائية.

في الموسم التالي تحت قيادة المدرب الجديد فابيان هورتزلر لعب كصانع ألعاب خلف المهاجم وسجل 10 أهداف وقدم 7 تمريرات حاسمة في 30 مباراة لكنه تعرض للطرد في آخر مباراة له مع الفريق
تألقه لفت أنظار كارلو أنشيلوتي مدرب البرازيل فضمه للمنتخب كما جذبه تشيلسي الذي أعلن التعاقد معه في يوليو 2025 مقابل 55 مليون جنيه إسترليني بعقد يمتد حتى عام 2033 مع مكافآت إضافية محتملة.
ومن سخريات القدر، أن أول مباراة له مع تشيلسي كانت أمام فلومينيسي في قبل النهائي ليسجل هدفين في مرمى فريقه السابق، لكنه رفض الاحتفال.
وخلال النهائي سجل هدفا رائعا في مرمى باريس سان جيرمان، ليشارك في مباراتين فقط بالبطولة ويتوج بالمونديال العالمي.

الأكثر قراءة
-
تغيير المسمى الوظيفي لـ كامل الوزير يثير الجدل.. ماذا يعني؟
-
الإيجار القديم.. أدوات يثبت بها المالك إغلاق الوحدات ليطلب الإخلاء
-
"100 جنيه".. الأمن يفحص فيديو لسائق ميكروباص يهدد راكبا بالجيزة
-
الكليات المتاحة لدبلوم تجارة 2025.. اعرفها بالدرجات
-
كراسة شروط سكن لكل المصريين 7 pdf.. الإسكان تعلن فتح باب التقديم
-
على حافة الخير والشر
-
تحطمت أحلامه على صخرة الشاطئ.. محمود عبد الغني دفع حياته ثمنًا لإمتاع الآخرين
-
تنسيق مدارس التمريض بنات بسوهاج 2025.. المرحلة الأولى

أخبار ذات صلة
ضغوط خارجية لتجريد "حزب الله" من سلاحه.. هل تنجح؟
14 يوليو 2025 06:47 م
في غياب بطل أفريقيا.. ميركاتو الصيف بالدوري المصري "مولع نار"
14 يوليو 2025 10:21 ص
ليس كل الأبطال يطيرون.. ابن كريستوفر ريف يكرم روح والده في سوبرمان 2025
14 يوليو 2025 05:00 ص
المساعدات الإنسانية.. مصائد موت تعرقل مفاوضات حماس وإسرائيل
13 يوليو 2025 10:58 م
أكثر الكلمات انتشاراً