في ذكرى ميلاده.. يوسف شعبان نجم السينما وملك في الدراما

يعد الفنان الكبير يوسف شعبان، أحد أعمدة الفن المصري والعربي، الذي خلّد اسمه في تاريخ السينما والدراما والمسرح، وقد امتدت مسيرته الفنية لأكثر من 5 عقود، قدّم خلالها مئات الأعمال الخالدة التي لا تزال حيّة في وجدان الجمهور ومحفورة في ذاكرة الفن العربي.

نشأة يوسف شعبان

وتحل اليوم 16 يوليو، ذكرى ميلاد الفنان يوسف شعبان، الذي ولد عام 1931 في حي شبرا العريق بمحافظة القاهرة، لينشأ في بيئة شعبية مصرية أصيلة، وكان في بداياته يحلم بأن يصبح دبلوماسيًا، لذا التحق بكلية الحقوق في جامعة عين شمس.

شغفه بالفن غيّر مسار حياته، فقرر ترك الحقوق والالتحاق بـ المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث درس التمثيل وتخرج فيه عام 1962، ليبدأ بعدها رحلة فنية طويلة حافلة بالنجاحات في السينما والمسرح والتلفزيون.

زيجات يوسف شعبان

تميّزت الحياة الشخصية للفنان يوسف شعبان بالتنوع والاهتمام الإعلامي، حيث تزوّج 4 مرات، من بين زوجاته الفنانة ليلى طاهر، التي جمعت بينهما قصة حب أثارت اهتمام الوسط الفني والجمهور في حينها.

كما ارتبط بالأميرة نادية إسماعيل شيرين، ابنة الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، ما أضاف بُعدًا اجتماعيًا خاصًا لحياته الخاصة.

والزيجة الثالثة كانت من نصيب الفنانة الراحلة سهام فتحي، أما الزيجة الرابعة اختتم يوسف شعبان زيجاته من الكويتية إيمان الشريعان.

وأنجب يوسف شعبان 3 أبناء من زيجاته المختلفة، وظلّت حياته العائلية محط أنظار واهتمام الجمهور لسنوات طويلة، إلى جانب مسيرته الفنية الثرية التي لم تنفصل يومًا عن شخصيته الكاريزمية وإنسانيته التي ظهرت في كل من عرفه عن قرب.

المسيرة الفنية

انطلقت المسيرة الفنية للفنان يوسف شعبان قبل تخرجه من المعهد، حيث شارك في فيلم "في بيتنا رجل" عام 1961 إلى جانب النجم عمر الشريف، وتمكن من لفت الأنظار بموهبته وحضوره المميز.

توالت بعدها أعماله السينمائية، وشارك في عدد من أبرز الأفلام في تاريخ السينما المصرية، من بينها: "زقاق المدق"، "ميرامار"، "أم العروسة"، "حمام الملاطيلي"، و"المذنبون".

وفي خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات، استطاع يوسف شعبان أن يحجز لنفسه مكانة بارزة بين نجوم الشاشة الذهبية، ليصبح واحدًا من أعمدة الفن المصري الذين تركوا بصمة لا تُنسى في وجدان الجمهور.

يوسف شعبان.. رائد الدراما المصرية وأحد أعمدتها الراسخة

يُعد الفنان يوسف شعبان أحد أعمدة الدراما المصرية، حيث قدّم خلال مسيرته أكثر من 130 عملًا تلفزيونيًا، ترك من خلالها بصمة لا تُمحى في ذاكرة وقلوب المشاهدين.

ومن بين أبرز أدواره التي رسخت في وجدان الجمهور، شخصية "محسن ممتاز" في المسلسل الأسطوري "رأفت الهجان"، إلى جانب مشاركاته المؤثرة في أعمال خالدة مثل: "الوتد"، "الضوء الشارد"، "المال والبنون"، و"الشهد والدموع".

وتميّز يوسف شعبان بأداء يجمع بين الصرامة والدفء، وبقدرة نادرة على تقمّص الشخصيات بمختلف أبعادها النفسية والاجتماعية، ما منحه حضورًا طاغيًا وجعل منه رمزًا للدراما المصرية التي شكلت وجدان أجيال متعاقبة.

محطة مهمة في نقابة المهن التمثيلية

لم يكن يوسف شعبان فنانًا فحسب، بل كان أيضًا نقابيًا نشيطًا وفاعلًا، حيث تولى رئاسة نقابة المهن التمثيلية في مصر لمدة فترتين متتاليتين من عام 1997 حتى 2003.

خلال فترة قيادته، بذل جهودًا ملموسة لتسوية ديون النقابة وتحسين أوضاع أعضائها، كما أطلق مبادرات مهمة تهدف إلى رعاية الفنانين الكبار وتطوير خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية المقدمة لهم، معززًا بذلك مكانة النقابة كبيتٍ حاضن للفنانين وممثّلًا حقيقيًا لحقوقهم.

تكريمات وإنجازات يوسف شعبان

حصل الفنان يوسف شعبان خلال مسيرته الحافلة على العديد من الجوائز والتكريمات التي تعكس تقدير الوسط الفني وجمهوره لإبداعه الكبير.

ومن أبرز لحظات التكريم، كان تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 2016، حيث شهدت هذه المناسبة لحظة مؤثرة بكى فيها شعبان تعبيرًا عن امتنانه العميق للحب والدعم المستمر الذي يحظى به من جمهوره وزملائه في الوسط الفني، مؤكدًا بذلك المكانة الخاصة التي يحتلها في قلوب الجميع.

وفاة يوسف شعبان

وفي 28 فبراير 2021، ودّعنا الفنان الكبير يوسف شعبان عن عمرٍ ناهز 89 عامًا، بعد صراع مع فيروس كورونا، تاركًا إرثًا فنيًا ضخمًا خلد اسمه بين عظماء الفن المصري والعربي.

حتى بعد رحيله، تستمر أعماله في الظهور على الشاشات، وتحظى بإعجاب وتقدير الأجيال الجديدة، التي تكتشف من خلاله عبقرية الفنان الشامل الذي أتقن التمثيل وأثرى الحياة الفنية بإخلاصه التام للفن والجمهور.

وفي ذكرى ميلاده، يتجدد الحديث عن مسيرة حافلة بالعطاء والتميز، ويُستذكر الفنان الذي ظل وفياً لرسالته حتى آخر لحظة في حياته.