السبت، 19 يوليو 2025

09:31 ص

دعاء عبدالسلام

دعاء عبدالسلام

A A

بين الوعود والواقع.. تكونّ الرؤية ضبابية

في الوقت الذي لا يزال فيه المواطن المصري يترقب تحسنًا ملموسًا في أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، تتوالى قرارات السلطة التنفيذية بمشروعات عملاقة واستثمارات مليارية، تُطرح بوصفها خطوات نحو مستقبل أفضل. 

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل يشعر المواطن العادي بثمار هذه السياسات؟ أم أن الفجوة بين السلطة والشارع تتسع أكثر من أي وقت مضى؟

اقتصاد يتضخم.. وجيوب تفرغ

أحد أبرز ملامح النقد الموجه للنظام الحالي هو التناقض الواضح بين ما يُعلن من إنجازات اقتصادية وبين الواقع المعيشي. فقد شهدت مصر معدلات تضخم غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتدهور القدرة الشرائية للمواطن. 

وعلى الرغم من تدفق القروض الدولية ومشروعات البنية التحتية، إلا أن ذلك لم ينعكس على تحسين ملموس في الخدمات الصحية أو التعليمية، أو على تخفيف عبء المعيشة عن الطبقات المتوسطة والفقيرة.

المعارضة.. غائبة أو مغيبة؟

في مشهد سياسي يشهد انكماشًا حادًا في مساحة الحريات، غابت المعارضة الفاعلة، وتراجعت حرية الصحافة، وأصبحت منصات التعبير محاصرة بقوانين تجرّم الرأي وتُخضع الناشطين للملاحقة. 

ويُسجَّل على النظام الحالي سيطرة شبه تامة على المشهد الإعلامي، مما أفقد المواطن القدرة على الوصول إلى مصادر متعددة للمعلومة، وخلق حالة من الإحباط الجماعي واللامبالاة السياسية.

مشروعات كبرى.. لمن؟

لا يختلف اثنان على أهمية تحديث البنية التحتية، ولكن التساؤل المشروع يبقى: لماذا تُدار هذه المشروعات في ظل غياب الشفافية المجتمعية والرقابة البرلمانية الحقيقية؟ لماذا تُمنح الأولوية لمشروعات العاصمة الإدارية بينما تعاني المحافظات من تدهور الخدمات؟ إن غياب الشفافية حول الجدوى الاقتصادية لبعض هذه المشاريع يثير الشكوك حول الأولويات الوطنية.

الخوف لا يبني دولة

لا يمكن بناء دولة حديثة تُحترم فيها الكرامة الإنسانية بدون مجتمع حر، ومساحات آمنة للنقد والمساءلة. فسياسات كم الأفواه، وتهميش الأحزاب، وشيطنة الرأي المختلف لا تصنع أمنًا حقيقيًا، بل تخلق انفجارًا صامتًا تحت السطح، فالمجتمع القوي لا يُبنى بالقمع، بل بالحوار، والمشاركة، وتوزيع عادل للثروة والفرص.

ختامًا، فإن النقد ليس نكرانًا للجهد، ولكنه دعوة صادقة لإعادة تقييم المسار، والاستماع لصوت الناس قبل أن يعلو صمتهم صراخًا. 

ما تحتاجه مصر اليوم ليس فقط مزيدًا من الإسمنت والخرسانة، بل مزيدًا من العدالة، والحرية، والشفافية. فالدولة القوية تبدأ من المواطن القوي.. لا العكس.

search