الخميس، 24 يوليو 2025

06:03 ص

الطهي على ارتفاع شاهق.. كيف تحدد البيئة الجغرافية عادات المطبخ التبتي؟

اواني طهي مصنوعة خصيصًا لسكان التبت

اواني طهي مصنوعة خصيصًا لسكان التبت

مصطفى عبد الفضيل

A .A

على ارتفاع يتجاوز 4000 متر عن سطح البحر، يواجه سكان هضبة تشينغهاي-التبت تحديات يومية لا تتوقف عند صعوبة التنفس أو التدفئة، بل تمتد إلى أبسط تفاصيل الحياة مثل الطهي.

ففي هذه البيئة القاسية، حيث يغلي الماء عند درجات حرارة منخفضة بسبب انخفاض ضغط الهواء، يصبح إعداد وجبة طعام مسألة معقدة تستلزم حلولًا تكنولوجية خاصة، وتعيد تعريف معنى “الوجبة التقليدية”، كما يعكس النظام الغذائي لسكان التبت ليس فقط مواردهم المحدودة، بل أيضًا علاقتهم العميقة بالبيئة القاسية التي شكلت تفاصيل مطبخهم الفريد.

أرشيفية

الضغط المنخفض يستدعي حلولًا ذكية

هناك في هضبة تشينغهاي-التبت، يفرض الضغط الجوي المنخفض تحديًا فنيًا على عمليات الطهي اليومية، إذ يغلي الماء عند درجة حرارة أقل من المعتاد، ما يعوق طهي الأطعمة بالشكل المطلوب، وللتغلب على هذه المشكلة، أصبحت أواني الطهي بالضغط ضرورة لا غنى عنها في كل بيت تبتي. 

اواني طهي مصنوعة خصيصًا لسكان التبت

ورغم أن النماذج التقليدية كانت صعبة الاستخدام وقد تعرض المستخدمين للخطر عند سوء التعامل معها، إلا أن المصنعين المحليين استجابوا لهذه الحاجة الملحة من خلال تطوير نماذج جديدة وسهلة الاستخدام، مُصممة خصيصًا لتلائم ظروف سكان الهضبة ومتطلباتهم اليومية، وذلك وفقا لوكالة "شينخوا".

اواني طهي مصنوعة خصيصًا لسكان التبت
اواني طهي مصنوعة خصيصًا لسكان التبت


غذاء بسيط لكنه راسخ الجذور

من أبرز سمات النظام الغذائي التبتي، اعتمادهم الكبير على الشعير المرتفع، وهو محصول مقاوم للبرد والرياح، يناسب المناخ الجاف والتربة الفقيرة في التبت. وبسبب خصائصه التي لا تسمح بتحويله إلى خبز أو مكرونة، طور التبتيون "تسامبا" وهي وجبة بسيطة تُصنع من دقيق الشعير المطحون والمخلوط بالماء أو السمن أو الشاي، تسامبا ليست فقط الغذاء اليومي بل المكون الذي يحمله الناس معهم في رحلاتهم، ويأكلونه مباشرة من أكياس جلد الغنم متى شعروا بالجوع.

رغم طعمه البسيط، يُعتبر تسامبا رمزًا للهوية الغذائية التبتية، ويُستخدم أيضًا في إعداد حلويات تقليدية أو مشروبات شعبية كـ"تشيانغ"، وهو نبيذ شعير محلي يشبه نبيذ الأرز في طعمه.

الشعير


الزبدة والزبادي في قلب الثقافة التبتية

في المناطق الرعوية، تعتمد الأسر التبتية على منتجات الألبان كأحد أهم مصادر الغذاء، السمن التبتي، الناتج من ضرب الحليب لفصل الدهون، يدخل في جميع تفاصيل المائدة التبتية: يُضاف إلى تسامبا، وإلى شاي الزبدة الشهير، ويُستخدم حتى في طقوس تقديم الطعام للآلهة. لهذا السبب، يعد السمن مادة غذائية وروحية في آنٍ واحد.

أما الزبادي التبتي، المسمى "الثلج" في اللغة المحلية، فله مكانة خاصة، بطعمه الكثيف ونقائه الشديد، حتى سُمي مهرجان "شوتون" السنوي على اسمه. الزبادي وجبة يومية وعرض ثقافي في آنٍ واحد، ويدخل أحيانًا في صناعة الجبن المحلي، الذي يتميز بصلابته الشديدة ونكهاته المتنوعة.

تعبيرية


الشاي أكثر من مجرد مشروب

من بين المشروبات اليومية، يحتل شاي الزبدة موقع الصدارة في حياة التبتيين. لا يُشرب للذة فقط، بل لفوائده الصحية أيضًا: يساعد في مقاومة أمراض المرتفعات، ويحمي الشفاه من الجفاف، ويمنح الدفء والنشاط. مزيج من الشاي والسمن والحليب، بلون بني غامق ونكهة فريدة، يجعل منه مشروبًا لا غنى عنه في البرد والحرمان.

تعبيرية


الطعام في التبت معيشة وهوية

لا يمكن اختزال المطبخ التبتي في مجرد وجبات بسيطة، بل هو انعكاس عميق لبيئة قاسية، وتاريخ طويل من التكيّف والبساطة. من تسامبا إلى شاي الزبدة، ومن أواني الضغط إلى السمن المنزلي، تحكي كل وجبة قصة شعبٍ نحت هويته على قمم الجبال، وجعل من ضرورات البقاء أدوات للاعتزاز والتعبير الثقافي، وفقا لموقع سوهو الصيني

search