
لماذا تحاصر مصر سكان غزة؟
لماذا تحاصر مصر سكان غزة؟.. بصورة أو بأخرى ربما صادفت مثل هذا السؤال عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في نقاشات المقاهي أو أحاديث الأهل والأصدقاء.. غير أن الإجابة عن السؤال تتطلب منّا النظر بشكل أوسع للصورة الكاملة من مواقف الدولة المصرية للقضية الفلسطينية منذ أحداث 7 أكتوبر 2023 وحتى اللحظة.
اتفقت أو اختلف مع سياسات النظام الحالي لكن هناك حقائق ينبغي عدم إنكارها حتى يمكن تكوين وجهة نظر صحيحة.. وفي الوقت نفسه لا تخدم الكيان المحتل دون وعي أو قصد.. إذ لا تُدار الدول بـ"العنجهية وفتحة الصدر".. وخصوصا أن بعض الدولة العربية اتخذت موقفًا أنانيا تجاه أهالينا في غزة بالتطبيع الكامل والسلام الشامل والعلاقات المتبادلة بينها وبين الكيان.. بداية من التبادل العسكري من تدربيات مشتركة وبيع وشراء أسلحة، مرورًا بالسياحة والاقتصاد وصولًا إلى تسهيلات أخرى تخدم تل أبيب، تحت مسمى "اتفاقيات إبراهام".
لا جاحد ينكر موقف الدولة المصرية في وقائع كادت أن تغيّر وجه المنطقة وتقوّض القضية الفلسطينية.. فهي من أشهرت "لا" في وجه أكبر دولة في العالم وأقواها أمريكا.
مصر قالت منذ اللحظة الأولى من اندلاع أحداث أكتوبر "لا" للتهجير بشكل قاطع وحاسم ولا رجعة فيه.. مهما كانت الإغراءات التي عُرضت عليها بشكل علني.. مثل إسقاط ديونها وإغراقها بالمليارات.. أو المساومة على حل مشكلة سد النهضة مقابل قبول المقترح.
القاهرة رفضت تهجير الفلسطينيين بشكل قاطع سواء إلى سيناء أو أي دولة أخرى.. لأن ذلك معناه نهاية دولة فلسطين.. كيف يمكن أن تدافع عن حقوق أرض دون أهلها؟ إذا خرج الفلسطينيون وهم أنفسهم يرفضون فلا فلسطين ولا غيرها.
ومن البجاحة الإسرائيلية.. أن يصوّت الكنيست على اقتراح يدعم ضم الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن إلى سيادة إسرائيل.. وهي خطوة في طريق مخططهم الأكبر "إسرائيل الكبرى" ونهاية حلم فلسطين.. يرفضون حلّ الدولتين ويرون أن تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعزم فرنسا الاعتراف بفلسطين كدولة تهديد وجودي لكيانهم.. فماذا فعلت مصر أيضا منذ السابع من أكتوبر للحفاظ على حقوق أهالينا بفلسطين؟
مصر قالت "لا" حين دعت الإدارة الأمريكية الرئيس السيسي للذهاب إلى البيت الأبيض والجلوس أمام دونالد ترامب لمحاولة إحراجه أمام شعبه والمنطقة العربية والعالم.. كما فعل هو مع غيره.. أو التفاوض على أمر محسوم بالنسبة للدولة المصرية ولا تفاوض فيه.
مصر قالت "لا" حين خرجت أصوات إسرائيلية تطالبها بإدارة القطاع مقابل إسقاط ديونها أيضًا.. وقالت بشكل واضح وصريح إن أي أطروحات أو مقترحات تلتف حول ثوابت الموقف المصري والعربي، التي تتعلق بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، هي أطروحات مرفوضة وغير مقبولة.. مصر لا تريد لنفسها أن تكون مندوبا للكيان في السيطرة للكيان في قطاع غزة.. الأرض لأهلها.
مصر قالت "لا" لمدينة الخيام التي يعتزم الكيان بنائها في رفح الفلسطينية على الحدود المصرية.. لأنها تدرك جيدا نية الصهاينة وحيلهم الجديد لتنفيذ مخططهم للتهجير.. تل أبيب تريد إقامة مدينة خيام لنقل 700 ألف من سكان غزة إليها في مرحلة أولى تمهيدا لنقل جميع السكان البالغ عددهم 2.1 مليون.. وقالت إنها ستسمح بالهجرة الطوعية.. فماذا يعني ذلك؟
يعني ذلك تضييق الخناق أكثر وأكثر على أهالينا في غزة الذين لا حول لهم ولا قهوة.. وحين يضيق الخناق ويشتد الجوع أكثر وأكثر.. وتزداد الحياة القاسية قسوتها بفعل المحتل.. فإذا لا مفر ولا مخرج سوى الذهاب إلى الحدود المصرية.. وحينها تضيع فلسطين.. ناهيك على أمن مصر القومي الذي تنتبه له مصر جيدا.. لكن تخيل معي هذا السينايو (وهو تفريغ الأرض من أهلها) هل حينها ستكون هناك “فلسطين؟”.
مصر قالت "لا" حين طلبت واشنطن منها الانخراط في ضرب الحوثيين أو دعم الولايات المتحدة بالمساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخبارتية بحجة أنهم يضروا الاقتصاد المصري.. وهي حقيقة.. هجمات الحوثيين أدت إلى انخفاض حاد في حركة الملاحة في قناة السويس، وخسارة مصر لـ7 مليارات دولار في 2024.. رفضت مصر لأنها ترى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة أفضل وسيلة لوقف هجمات الحوثيين وأبلغ ذلك لترامب.
مصر قالت "لا" حين طلب ترامب مرور السفن الأمريكية العسكرية والتجارية عبر قناة السويس مجانًا مقابل الدفاع عن ممرات الشحن المتجهة إلى قناة السويس، عبر ضرب الحوثيين.
دولة الكيان المزعومة انتهت من ملفات كانت تؤرقها مثل الملف السوري وحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية وإيران التي أضعفتها ولو مؤقتا، ولم يتبقى أمامها سوى ملف التهجير الذي تسعى بشكل أو بآخر لإنجازه لكن مين يقف أمامه؟
الإجابة معروفة إذن وتقودنا للسؤال المطروح.. "لماذا تحاصر مصر سكان غزة؟" هذه رواية تروج لها إسرائيل.. ويتناقلها البعض عمدا أو جهلا بحقيقتها.. لأن تل أبيب هي التي تُحاصر.. ومصر نفت مرارا وتكرار عدم غلق معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية.. ودّللت على صدق روايتها حين أحضرت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووفود بعثات الاتحاد الأوروبي وذهبت بهم أمام المعبر وصوّرت أمامه بالصوت والصورة لتؤكد أن المعبر مفتوح.. وأن الكيان هو من يغلقه من الناحية الأخرى من فلسطين.. فما دلالة صدق رواية الاحتلال وهو من يقتل ويهدد حياة المحاصرين في القطاع؟!

الأكثر قراءة
-
حيلة جديدة للمستأجرين تهدد قانون الإيجار القديم.. هل ينقذه "الشمول الأسري"؟
-
رابط الاستعلام عن نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. بعد قليل
-
توقعات تنسيق طب بشري 2025 حكومي.. مؤشرات أولية
-
حركة تنقلات الشرطة 2025.. الداخلية تنهى تجهيزات إعلان ترقيات الضباط
-
فرعون دارفور يستهدف الذكور.. قبيلة المساليت شاهدة على أوجاع السودان
-
والد الطالب الثالث مكرر على الثانوية الأزهرية علمي: حلم السنين تحقق
-
المجموع الكلي للثانوية الأزهرية 2025.. علمي وأدبي
-
"الخانكة التخصصي" ينقذ حياة سيدة بعد انفجار حمل خارج الرحم

مقالات ذات صلة
نتنياهو يحرق "الوحوش الورقية".. إلى أين تذهب إسرائيل غدًا؟
27 ديسمبر 2024 01:32 م
ما يعرفه الذكاء الاصطناعي عنك
05 نوفمبر 2024 01:33 م
سألنا ChatGPT عن توقعه للفائز في الانتخابات الأمريكية.. وهذا رده
05 نوفمبر 2024 12:08 م
بعد نشر قصته في "تليجراف مصر".. "التضامن" تفحص حالة "رجل المغناطيس"
08 أكتوبر 2024 03:37 م
أكثر الكلمات انتشاراً