"القاتل الخفي" يحصد أرواح صغار المنيا.. قصة أخطر سم في مصر

صغار المنيا الستة المتوفيين
نور أشرف
واقعة مأساوية أثارت حزنًا عامًا في محافظة المنيا، بعد وفاة 6 أطفال ووالدهم بقرية دلجا التابعة لمركز دير مواس، والتي كشفت التحقيقات فيها أن الوفاة سببها مبيد حشري.
لم تكن الوفاة بسكينة حادة أو رصاصة موجهة إليهم، ولكن سم ينتشر في العروق ببطء، لا يترك وراءه آثارًا واضحة، مختبئًا عن أعين التحاليل الطبية التقليدية، إنه الكلورفينابير، وهو مبيد حشري قاتل خفي، تحوّل من أداة لمكافحة الآفات الزراعية إلى سلاح في أيدي مجهولين.
كيف ينتشر في صمت بالجسم؟
حسب منظمة الصحة العالمة، فإن "المبيد السام الكلورفينابير"، ليس سمًا في حد ذاته، بل هو أشبه بقنبلة موقوتة تنتظر اللحظة المناسبة لتنفجر، فبمجرد دخوله جسم الإنسان سواء عن طريق الفم أو الجلد أو الاستنشاق، يبدأ في التفاعل ويتحول داخل الكبد إلى مادة تعرف بـ"CL 303.268"، وهي فعالة داخل المبيد.
تبدأ المادة السامة في شلّ مناطق الطاقة داخل خلايا الجسم، وهي "الميتوكوندريا" المسؤولة عن إنتاج الطاقة الحيوية اللازمة للحياة، وتتحول من إنتاج الطاقة إلى إحداث ارتخاءً في الجسد.
وينتج الجسم حرارة هائلة، حيث يزداد مستوى الحرارة في الدم بشكل خطير، وهي عملية بطيئة ومدمرة تؤدي في النهاية إلى فشل شامل لأعضاء الجسم الحيوية، تصلب العضلات، غيبوية، ثم تؤدي إلى الوفاة.
لماذا لم يظهر في التحاليل التقليدية؟
تكمن المأساة في أن مبيد الكلورفينابير يتمتع بقدرة مذهلة على الاختفاء ولا يترك بصمات واضحة في التحاليل الروتينية لأسباب عدة، أولًا، لأنه ليس مادة سامة بشكل مباشر.
وثانيًا، لأن المادة السامة النشطة "CL 303.268" قد تتحلل بسرعة نسبية في الجسم، خاصة بعد الوفاة، ما يزيد من صعوبة الكشف عنها، ولذا يحتاج الكشف عن هذا السم الخفي إلى تقنيات تحليلية متقدمة لكنها مكلفة، مثل: كروماتوجرافيا الغاز أو السائل مطياف الكتل مثل "GC-MS"، وهي تقنيات لا تتوافر إلا في عدد محدود من المختبرات المتخصصة، ما يُعقد مهمة الأطباء الشرعيين والباحثين والمحققين.
منشأ المبيد السام الكلورفينابير وقيوده العالمية
في الأصل تم تطوير المبيد بواسطة الشركة الألمانية العملاقة BASF، بهدف مكافحة الآفات الزراعية المستعصية التي أصبحت مقاومة للمبيدات التقليدية، وكان حلًا فاعلًا للمزارعين حول العالم لمدة سنوات، لكن بسبب سميته الشديدة على الإنسان والبيئة دفعت العديد من الدول لفرض قيود صارمة عليه.
وأبرز الأمثلة على ذلك الاتحاد الأوروبي، الذي حظره بالكامل منذ 2005، بينما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية قيودًا صارمة على استخدامه.
ومع ذلك، يظل المبيد متاحًا في بعض الأسواق العالمية، ما يفتح الباب أمام استخدامه بطريقة غير مشروعة وتحوله من مبيد حشري للآفات الزراعية إلى سم في أيدي غير الواعين.
طريق العذاب البطيء
ووفقًا لـ وكالة حماية البيئة الأمريكية عن أعراض التسمم بالكلورفينابير، فإنها لا تظهر فورًا، بل تتأخر لساعات طويلة، قد تصل إلى 72 ساعة بعد التعرض للسم، ما يعطي المبيد فرصة لإنهاء مهمته قبل أن يتمكن الأطباء من التدخل بفاعلية.
الأعراض
تبدأ بأعراض بسيطة ومضللة، مثل غثيان، قيء، إرهاق عام، ثم تبدأ تتصاعد شيئًا فشيء حتى يتحول الأمر إلى كارثة، إذ ترتفع درجة حرارة المصاب وتتجاوز الـ40 درجة، تشنجات شديدة، ضيق في التنفس، فشل في وظائف الكلى والكبد، وتصلب عضلي مؤلم، قبل أن تنتهي بغيبوبة عميقة تؤدي إلى الوفاة، فهو يُلخص رحلة بطيئة ومجحفة بالآلام.

الأكثر قراءة
-
أسعار الكتب الخارجية 2025-2026 لكل المراحل الدراسية
-
حركة تنقلات الشرطة 2025.. تجديد الثقة في اللواء أحمد عزت مديرًا لأمن الفيوم
-
تطور مثير بقضية "أطفال الشرقية".. الأم تكشف مفاجآت صادمة
-
"الخانكة التخصصي" ينقذ حياة سيدة بعد انفجار حمل خارج الرحم
-
حركة تنقلات الشرطة اليوم بالأسماء 2025
-
هل من حق طالب الثانوية العامة رفض درجات الرأفة؟.. مصدر يوضح
-
خدش واحد من قطتك يهدد جهازك العصبي بالشلل.. ما القصة؟
-
حركة تنقلات الشرطة 2025.. تجديد الثقة في اللواء محمد الصاوي مديرًا لأمن الأقصر

أخبار ذات صلة
رسول السلام بين والديه.. الوجه الإنساني للراحل زياد الرحباني
27 يوليو 2025 05:18 م
7ِ نصائح تحمي بها سيارتك من الحر والأسفلت الساخن
27 يوليو 2025 01:33 م
"يبحث عن الحياة زحفًا".. مشهد مؤلم لفلسطيني مصاب يبحث عن لقمة العيش
27 يوليو 2025 12:48 ص
خبز على شكل سمك.. أطفال غزة يأكلون بحذر خوفًا من شوك وهمي
26 يوليو 2025 09:48 م
من الخنزير للحشيش.. سعاد صالح تقود قطار الفتاوى الجدلية بلا توقف
26 يوليو 2025 04:52 م
والد ثالث الثانوية الأزهرية علمي: "دي نتيجة الفلوس الحلال"
26 يوليو 2025 08:40 م
الخامسة بالثانوية الأزهرية "ذوي البصيرة": الإعاقة كانت دافعا للتفوق
26 يوليو 2025 08:09 م
والدة السادس في الثانوية الأزهرية باكية: "قلبي طاير من الفرحة وكنت حاسة"
26 يوليو 2025 07:28 م
أكثر الكلمات انتشاراً