الجمعة، 01 أغسطس 2025

12:48 ص

وزير الخارجية: مصر تعتزم عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة

وزير الخارجية- بدر عبدالعاطي

وزير الخارجية- بدر عبدالعاطي

قال وزير الخارجية، بدر عبدالعاطي، إن ما يجري في قطاع غزة فاق كل تصور، من مجازر ممنهجة إلى تجويع جماعي يُستخدم فيه الغذاء كسلاح، وهو أمر غير مسبوق في العلاقات الدولية الحديثة.

وأشار عبدالعاطي في مقابلة مع الإعلامية ناديا البلبيسي بقناة "العربية"، عقب مشاركته في مؤتمر نيويورك حول غزة، إلى أن هناك تغيرًا ملموسًا في الرأي العام العالمي، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، حيث يزداد الغضب الشعبي بسبب الانتهاكات السافرة للقانون الدولي والقانون الإنساني. 

وأضاف أن ازدواجية المعايير باتت واضحة؛ ففي الوقت الذي يُظهر فيه الغرب حزمًا حيال الأزمة الأوكرانية، نشهد تهاونًا حيال معاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ أكثر من سبعة عقود.

إشادة بدور المباردة السعودية-الفرنسية لحل الدولتين

وأكد الوزير أن المبادرة السعودية-الفرنسية المشتركة، التي أُطلقت في مؤتمر نيويورك، جاءت لتحرك المياه الراكدة وتعيد التأكيد على حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على كامل التراب الوطني. 

كما شدد على أهمية الخطوة الشجاعة التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، واصفًا إياها بـ"رسالة أمل" للشعب الفلسطيني الصامد في غزة والضفة الغربية.

وفيما يخص الأوضاع الإنسانية، وصف عبدالعاطي آلية توزيع المساعدات الحالية بـ"آلية الموت"، قائلًا إن مراكز التوزيع أُقلصت إلى أربع فقط تخدم أكثر من مليونَي فلسطيني، بعدما كانت هناك مئات المراكز في السابق. 

وأضاف أن من يقف في الطابور للحصول على المساعدات يُقتل بدم بارد، حيث يُسجل أكثر من 100 شهيد يوميًا في هذه الظروف.

رؤية مصر الواضحة 

وفيما يتعلق بالمبادرة السياسية الجارية، أوضح عبدالعاطي أن مصر تمتلك رؤية واضحة ومدعومة عربيًا ودوليًا لإدارة قطاع غزة "في اليوم التالي" بعد وقف إطلاق النار.

وتتضمن الخطة تشكيل لجنة إدارية من شخصيات مستقلة تتولى إدارة القطاع لمدة ستة أشهر، يعقبها تمكين السلطة الفلسطينية ككيان شرعي لإدارة غزة والضفة سويًا، لضمان الترابط الجغرافي والسياسي للدولة الفلسطينية المستقبلية.

وأكد الوزير أن مصر تعمل على التحضير لمؤتمر دولي في القاهرة لإعادة إعمار غزة بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، بمشاركة جهات دولية رفيعة، بينها الاتحاد الأوروبي، مجلس التعاون الخليجي، الأمم المتحدة، اليابان، والبنك الدولي، ويشمل المؤتمر ورش عمل حول الحوكمة، الترتيبات الأمنية، التمويل، ودور القطاع الخاص.

وقف إطلاق النار

أما عن وقف إطلاق النار، فأشار عبدالعاطي إلى أن الاتصالات جارية يوميًا مع الشركاء الدوليين، خصوصًا قطر والولايات المتحدة، وأن هناك تقدمًا في عدد من النقاط، لكن غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة الإسرائيلية هو ما يعرقل الاتفاق النهائي.

وكشف عن أن المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل قد استؤنفت، وهناك أمل في تحقيق اختراق، بشرط التوصل إلى تفاهم حول بعض القضايا العالقة، مثل آلية المساعدات، إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في غزة، وضمانات حماس بشأن استمرار الهدنة.

وعن العلاقة مع الولايات المتحدة، أكد عبدالعاطي أن العلاقات المصرية-الأمريكية استراتيجية ومتينة، لافتًا إلى أن التعاون بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس دونالد ترامب يمتد لسنوات، وأن الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في الوساطة، مشيرًا إلى أن اتفاق 19 يناير الذي أُطلق فيه سراح 33 رهينة لم يكن ليحدث دون تدخل الرئيس ترامب ومبعوثه ستيف ويتكوف.

70% من المساعدات مصدرها مصر

وردًا على مزاعم عرقلة مصر للمساعدات الإنسانية، شدد عبدالعاطي على أن معبر رفح مفتوح 24 ساعة يوميًا، وأن العائق الحقيقي يتمثل في احتلال القوات الإسرائيلية للجانب الفلسطيني من المعبر، واستهدافها لأي حركة فيه. 

كما أكد أن 70% من المساعدات التي دخلت غزة منذ بداية الأزمة مصدرها مصر، بتمويل كامل من الحكومة والشعب المصري رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، معتبرًا ذلك واجبًا قوميًّا وليس منّةً.

وفي سياق الرد على محاولات التشكيك في الدور المصري، وصف عبدالعاطي هذه المحاولات بأنها إما ناتجة عن جهل بالواقع أو محاولات مغرضة من أطراف متطرفة تريد النيل من الدور المصري.

وشدد على أن مصر والأردن أفشلتا المخطط الإسرائيلي لتهجير سكان غزة، مؤكدًا أن التهجير هو "خط أحمر"، لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية بالكامل. 

وأضاف: "لن نسمح بتمرير هذا المخطط وسنعمل بكل ما أوتينا من قوة على إحباطه بالتعاون مع الأردن والدول العربية".

التعنت الإثيوبي في سد النهضة

وعن ملف سد النهضة، أعرب عبدالعاطي عن أسفه لغياب أي تقدم نتيجة "التعنت الإثيوبي"، مؤكدًا أن مصر لا تزال متمسكة بحقها الكامل في الدفاع عن مصالحها المائية، وأنها لن تقبل بسياسات الأمر الواقع، مضيفًا أن إثيوبيا تتبنى خطابًا يتناقض مع القانون الدولي بزعم أن نهر النيل هو نهر إثيوبي خالص.

أما عن الوضع في ليبيا، فأشار الوزير إلى أن الأزمة تراوح مكانها، بسبب استمرار وجود الميليشيات المسلحة والقوات الأجنبية. 

وشدد في ختام اللقاء على أن الحل يكمن في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، مشيرًا إلى أن من يعطل هذا المسار يجب أن يُعاقب دوليًا، لأن الشعب الليبي وحده هو صاحب القرار.

search