السبت، 02 أغسطس 2025

04:33 ص

محمد الخيال
A A

فتنة السفارات المصرية ومعبر رفح وخليل الحية

من هذا صاحب فكرة التظاهر أمام السفارات المصرية أو اقتحامها أو حصارها، باعتبار أن الاقتراح حل ووسيلة  للضغط بشأن إنهاء المجاعة في غزة وفتح معبر رفح.

هذه الدعوة كان يمكن أن يكون لها مبرر بشكل عام قبل مايو 2024، وهو التاريخ الذي اجتاح فيه جيش الاحتلال رفح الفلسطينية وسيطر على المعبر من الجهة الفلسطينية.

ثانيا وهذا الأهم أن معبر رفح بالأساس هو  معبر أفراد، وحتى قبل السابع من أكتوبر لم تكن تمر منه الشاحنات مباشرة إلى غزة أو رفح الفلسطينية، حيث تخرج الشاحنات وتعبر بوابة رفح المصرية لطريق صلاح الدين بالمنطقة الفاصلة بين البوابتين حتى الوصول لمعبر كرم أبو سالم أو العوجة للتفتيش، ومن ثم الدخول لغزة، ما يعني أنه في كل الأحوال لا بد من موافقة الاحتلال، وهو ما يعني أن توجيه هذا الجهد نحو مصر هو تبرئة للاحتلال ومنحه الذريعة المجانية للتهرب من التزاماته كمحتل بتوريط مصر.

ثالثا هذه الدعوة ربما يكون اخترعها شخص حاول أن يداري عجزه عن تنفيذ هذا الفعل أمام السفارات الأمريكية والإسرائيليةفي أوروبا، لكن السؤال الآخر لماذا ليست سفارات دول عربية أخرى رغم دورها المعروف المعلن في مقابل دور مصر المعروف أيضا في استقبال الأسرى المحررين المبعدين والمصابين، وإدخال كثير من المساعدات المتاحة، ونضع تحت المتاحة خطوط كثيرة.

الدعوة في هذا التوقيت للأسف كانت كل تأثيراتها سلبية في ظل شرخ كبير أحدثته في جدار التوافق الشعبي المصري حول غزة، وتحولا كبيرا في الجانب الإعلامي، فبدلا من دعم غزة أصبح الأمر اتهامات وردود متبادلة حول دور مصر  بدلا من الحديث عن جرائم إسرائيل أو دعم المقاومة في الميدان.

بالنسبة لكلمة خليل الحية الأخيرة، فهي في تقديري الشخصي لم تكن موفقة تماما بغض النظر عن تبريرات أنها فُهمت بشكل خاطئ وأنها كانت في إطار استنصار مصر واستدعاء ضغطها على إسرائيل، فلا الوقت ولا المصطلحات المستخدمة فيها كانت مناسبة في وقت تواجه فيه القاهرة حملة تطال سفاراتها في الخارج، فسأكون حسن الظن واعتبرها في إطار سوء التقدير وافتقادها للحكمة والحصافة السياسية.

ووجب توضيح شيء مهم اعتبر أن الحية ما قاله خاطئ بحق مصر، ولكن لايمكن أن نتعامل بنفس الطريقة، فوفقا للمصلحة المصرية لا بد من دعم أي شكل من أشكال المقاومة في وجه الاحتلال لشغله على الأقل.

وأنا هنا صاحب شهادة سمعتها بشكل شخصي من خليل الحية في حضور عدد من الكتاب الصحفيين الكبار خلال زيارة وفد من حماس للقاهرة بداية 2024 للقاهرة، عندما سأله أحد الحاضرين عن دور مصر منذ بداية الحرب، فكان رده أنه دور مشرف وأدعوكم وأناشدكم ككتاب كبار أن تعظموا وتعززوا هذا الموقف المصري الداعم لغزة في كتاباتكم  وتصلبوا (تزيدوا صلابة) موقف القيادة المصرية في هذا الإطار.

في النهاية فريضة الوقت ليست في إثبات أن حماس أو المقاومة خائنة أو قادتها يتنعمون في فنادق الدوحة لأن كل ذلك ليس له منتصر، فالخسارة الأكبر ستكون مرتبطة بالأهداف الكلية التي نسعى لها جميعا كمصريين بشأن أمننا القومي من جهة وكعرب بشأن القضية الفلسطينية أم القضايا العربية من جهة أخرى.

فكما هي الحقيقة واضحة بشأن دور مصر تجاه فلسطين وغزة على مر التاريخ، فلا يمكن خلال الخلاف السياسي أن نطعن بالزيف بشأن أناس قدموا لبلادهم وقضيتهم أسمى ما يملكون، وحتى لا نكون كمصريين كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، فعلى سبيل المثال وهذا من باب غلق أبواب الفتنة التي لعن الله من يوقظها، فخليل الحية الذي يتم الطعن فيه بأنه منعم في فنادق الدوحة ولا يشعر بأهل غزة، فقد أحد أبنائه، وكان قائدا بالقسام ثم تبعه نجله الثاني مع اثنين من أحفاده في 2014، والأهم هو استشهاد اثنين من أحفاده (طفلان) في ثالث أيام عيد الفطر الماضي، بعد استهداف طيران الاحتلال مأوى للنازحين بحي الدرج في غزة حيث تقيم أسرته وأبناؤه، وتعرض نجله لإصابات بالغة جراء الاستهداف، فأبناء الرجل وأسرته يتواجدون في غزة يعانون المجاعة ويواجهون القصف مثل غيرهم من الغزيين، فهو حين يفاوض في الدوحة يفاوض بلحمه الحي.    

في المقابل كم هي مؤذية صورة رائد صلاح  أمام السفارة المصرية في تل ابيب، وتكشف حجم حماقة الداعي لتلك التظاهرة، فالرجل الذي ظل لعقود أحد الرموز المتوافق عليها عربيا وإسلاميا من كافة التيارات والتوجهات سقط في وحل الفتنة، وربما أدرك من دعا للتظاهر أمام السفارة المصرية لاحقا حجم الخسارة التي سببها للقضية أيًا كان انتماؤه أو توجهه، فلو كان ولابد فكان أولى برائد صلاح أن يتواجد أمام مقر الكنيست او السفارة الأمريكية في القدس مطالبا برفع الحصار.

search