الخميس، 07 أغسطس 2025

07:20 ص

موسم الرياض يخلع الرداء المصري.. هل تنجح المملكة في صناعة فن يشبهها؟

موسم الرياض

موسم الرياض

مينا صلاح - أحمد أنور

A .A

يبدو أن موسم الرياض يدخل مرحلة جديدة، من التنوع أو التغيير، الذي لم تتضح ملامحه بعد، إن كان جذريًا أم مؤقتًا، وسط تساؤلات كثيرة وتكهنات أكثر، على رأسها: هل تسعى المملكة إلى سعودة الفن مؤقتًا، بإنتاج خليجي خالص، أم سيودع فنانو مصر موسم الرياض للأبد، بعد مشاركات واسعة خلال المواسم السابقة، الذين شكلوا رأس الحربة في الترويج للمهرجان وأنشطته.

الهيئة العامة للترفيه

انطلقت الهيئة العامة للترفيه في السعودية في 7 مايو عام 2016، بموجب قرار من مجلس الوزراء رقم (317)، ضمن رؤية السعودية 2030 التي أطلقها ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، برئاسة المستشار تركي آل الشيخ، لتتسع رؤى الإبداع في 11 أكتوبر 2019، بإطلاق مهرجان الرياض، الذي استطاع أن ينافس كبرى المهرجانات العالمية.

وبعد مرور هذه السنوات من التعاون، أعلن تركي آل الشيخ، أمس، أن المملكة ستعتمد على الفنانين السعوديين والخليجيين خلال موسم الرياض، مع بعض التطعيمات من مسرحيات سورية وعالمية، وسط تكهنات عن استمرار الفنان المصري من عدمه في المشاركة.

وبمجرد نشر تدوينة آل الشيخ على منصة “إكس”، تدفقت ردود الفعل على هذا القرار الذي اعتبره البعض "سعوّدة"، فيما رآه آخرون "تجربة" تحمل قراءات ودلالات مختلفة.

ومن أبرز الذين علقوا على تصريح تركي آل الشيخ الأخير، الإعلامي البارز أنس الفقي، وزير الإعلام الأسبق، الذي وصفه، بأنه يحمل دلالات متعددة، أولاها أن الرجل ضاق مما كان يوجّه إليه من نقد وانتقاد مباشر وغير مباشر لاعتماده على الغالبية من نجوم وفنانين مصريين فكان البعض يرى ذلك كأنه سطو على الفن المصري أو احتكار له بأسلوب "مالك أنت ومال نجومنا.. كل واحد يخليه في نجومه".

وأضاف الفقي، في تعليقه المنشور عبر حسابه الرسمي بموقع “فيسبوك”، أنه كان يرى مشاركة المصريين في موسم الرياض احتفالًا واحتفاءً وتقديرًا للفن المصري ولنجوم مصر.

وأوضح الفقي أن الترجمة الثانية لقرار المستشار، تخفي في طياتها، أن الأمر لم يعد يحمل جديدًا، فبعض النجوم غنوا بالمملكة أكثر مما اعتمروا وصارت المواسم صور متكررة مع بعض رتوش وأفكار خارج الصندوق للحفاظ على رونق المهرجان.

وعن الزاوية الثالثة للتحليل، قال وزير الإعلام الأسبق، “إن توجه إدارة هيئة الترفية ورؤيتها لموسم الرياض قد تغيّر ليتحول الموسم من مجال لتعاطي الفنون واستهلاكها إلى محفل لإنتاجها وتطويرها - وإن كان الأمر كذلك فهي خطوة مهمة جدًا لكي يقدم موسم الرياض فنون الخليج وتراثه وتطوره والحديث عنه ولكي يصبح فرصة يحكي فيها للعالم ولنا قصة هذه المجتمعات وتراثها وفنونها وهي ثرية بموسيقاها وأصواتها وفنونها”.

موسم الرياض "مصدر رزق"

لم ينجُ الفقي من طوفان النقد، لينفجر الإعلامي عمرو أديب الحاصل على الجنسية السعودية، برد حاسم وقاطع عبر حسابه بمنصة "إكس"، واصفًا تحليله بالمفتقر للواقع، واصفًا إياه بأنه يعلم الحقيقة ولا يريد أن يضعها واضحة ساطعة.

وقال المذيع مزدوج الجنسية، الأشهر والأعلى أجرًا في أكبر فضائية سعودية (MBC)، إن المشروع الفني تعرض لأقذر هجوم… خلال السنوات الماضية، وتم التنكيل بكل الفنانين المصريين والفنيين والعازفين والمنتجين كأنهم يذهبون إلى "تل أبيب"، في حين يشهد العدو والحبيب أنه لم يتم تقديم الفن المصري بهذه العظمة وهذا الاهتمام لا داخل مصر ولا خارجها.

ووصف أديب في تعليقه أن موسم الرياض يعتبر "مصدر رزق" لكل الفنانين المشاركين فيه، محذرًا المنتقدين أو المهاجمين: "الصبر نفد وليس هناك أي مبرر لتحمل كل هذه الإهانات التي يقف وراءها شركة معروفة بالاسم لأسباب غير مفهومة الملامح، أنت تعرفها جيدًا يا سيد أنس.

وتساءل: "ما الخطيئة التي ارتكبها تركي آل الشيخ؟ الرجل يجب أن يراعي مشاعر المواطن السعودي المحتقن بكل هذا الهجوم على الترفيه، وفي أحيان أخرى على المملكة وقيادتها المحترمة التي كانت توجه باحتضان الفن المصري والعمالة المصرية التي تزيد على 2 مليون مصري يحظون بكل الرعاية والتقدير".

مصر التي امتد إنتاجها لقرابة الـ100 عامًا في السينما، والدراما، كانت هي الشريك الفعلي في نجاح موسم الرياض، بحضور طاغٍ وجماهيرية غير مسبوقة، حققها عشرات الفنانين المصريين، من بينهم محمد هنيدي، وكريم عبدالعزيز، وأحمد عز، وأحمد حلمي، وبيومي فؤاد، وعمرو يوسف، وغيرهم العشرات، ما بين المشاركة الفنية في المسرح، أو الإنتاج الخالص مثل "أولاد رزق 3"، الذي حقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما، لتنتج الهيئة فيلمها المصري الجديد "7dogs"، المتوقع عرضه قريبًا.

وبينما اشتبك الأطراف وتداخلت الآراء، ظهر ما يبدو أنه إجماع على أحقية المملكة في تنظيم وترتيب أوراق موسم الرياض وهيئة الترفيه كيفما تشاء، لتوّدع حقبة وتبدأ في حقبة، أو لتقيِّم واقعًا وتبدأ في تطويره.

السعودية أمامها فرصة لتقييم تجربتها الفنية

من جانبها، قالت الناقدة الفنية، ماجدة خير الله، إن من حق السعودية أن تصيغ فنها ومستقبلها الفني بالشكل الذي تريده، مصر صاحبة تاريخ طويل في مجال الفن، ممتد لأكثر من 170 عامًا، بين مسرح ودراما، وليس لدينا مشكلات حول ما يثار في هذا الشأن.

وأضافت خير الله لـ"تليجراف مصر": “السعودية أمامها فرصة لتقييم تجربتها الفنية، ودراستها، من خلال إنتاج خاص بها في عالم الفن والموسيقى”.

فيما تساءل الناقد الفني مصطفى الكيلاني، عن أسباب الغضب المنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤخرًا، بعد تصريحات المستشار تركي آل الشيخ، قائلًا: "الأصوات الذي نادت بأن القرار تسبب في أزمة، هي نفس الأصوات التي قالت إن مشاركة المصريين في موسم الرياض تشكل خطرًا على الفن المصري"، معلقًا: “لا كده عاجبكم ولا كده عاجبكم”!

وتابع الكيلاني في تصريح لـ"تليجراف مصر"، إن السعودية لديها فنانون، وقادرة أن تحمل الموسم، بحفلاته وحدها.

من يتحكم في السينما هو الموزع الخارجي

وأضاف الناقد الفني: هيئة الترفيه سبق أن قدمت دعمًا كبيرًا للأعمال المصرية، بإنتاج سعودي، مشترك أو خالص، قائلًا: "هو الناس لسه فاكرة أن المال السعودي موجود في السينما، هي مجموعة روتانا وart، دول إيه!"، موضحًا أن “من يتحكم في السينما هو الموزع الخارجي، وأنا مع فتح باب التوزيع للأفلام المصرية خارج المنطقة العربية، لتحقيق أقصى قدر من الاستفادة”.

"نقدر نخلي السينما مصدر دخل أساسي"، هكذا عبر الكيلاني عن تطلعاته لتطوير نافذة السينما في مصر، لكن مع دراسة اقتصاداتها وإيراداتها.

وأوضح أننا نعاني مشكلة كبيرة، هي أن الصف الأول من العازفين فقط هو الذي يحظى بالفرصة، في ظل تراجع المشاركات، وأن الصفين الثاني والثالث، لم يتوفر لديهم أي فرص للمشاركة، ومع فتح السوق السعودية، اتسع لأول صفين، وأصبح للثالث فرصة للعمل في مصر، مؤكدًا أن جميع الصفوف الفنية في مصر كفاءات عالية، ويمكننا أن نصدّر للعالم أجمع مبدعين، كما نجحنا في تجربة تصدير محمد صلاح ومرموش ورامي مالك ومينا مسعود وغيرهم.

واشتهر موسم الرياض بالظهور الطاغي لعدد كبير من المطربين المصريين، في إحياء الحفلات الفنية، بموسم الرياض، على رأسهم عمرو دياب وأنغام، وشيرين عبدالوهاب، وتامر عاشور ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم، من أصحاب الصيت الواسع، في قلوب العرب، من المحيط للخليج، لا المملكة وحدها، وفي مقدمتهم المايسترو العالمي عمر خيرت، الذي عزفت أنامله معنى الحضارة على أرض الرياض.

وأمام موسم الرياض، هذا العام، تحد واحد، لا يكمن في التمويل، ولا الإنتاج، بل في تحويل المسار المفاجئ، للمنتج الفني المعروض، من مصري إلى سوري، وسط تساؤلات هل يودع فنانو مصر البلوليفارد أم إنها مجرد إجازة عارضة، لتقييم الداخل الخليجي، أو الذوق العام، وربما تكون تجربة جديدة لا بأس للقائمين على الهيئة من دراستها، إن أرادوا أن يسلكوا في مسار الإنتاج الاحترافي ويسيروا على خطى الفن في مصر.

search