الجمعة، 08 أغسطس 2025

06:30 ص

قصة كفاح ساعٍ سوداني بمصر.. "سبت" هرب من الحرب ليدخل جامعة القاهرة

سبت السوداني

سبت السوداني

في ظل ظروف الحرب والأزمات التي اجتاحت بلاده، اضطر "سبت السوداني" لترك وطنه واللجوء إلى مصر بحثًا عن الأمان والاستقرار والتعليم في المقام الأول، فلم تكن رحلة اللجوء سهلة، إذ واجه تحديات كبيرة جعلت من استكمال تعليمه أمرًا صعبًا، لكنه بإرادة لا تلين، قرر أن يستكمل تعليمه وهو يقترب من سن الأربعين من عمره.

حرب جنوب السودان 

قبل 15 سنة، كان سبت يعيش مع والديه وأشقائه في جنوب السودان، قبل أن ينتقل إلى الشمال للدراسة، ولكن بسبب ظروف الحرب عاد إلى الجنوب مرة أخرى، وتوقفت دراسته، وسط حزن شديد اعترى عائلته نظرًا لكونه الوحيد الذي كان يتعلم، تحقيقًا لأمنية أبيه، الذي حلم طويلًا أن يُكمل تعليمه، بحسب روايته لـ "تليجراف مصر".

سبت السوداني

مصر الفانوس السحري

وجد “سبت” مصر فانوسه السحري الذي سيحقق منه كل أحلامه، فجمع مبلغ مالي وشد رحاله إلى هنا عام 2015، مستجمعًا كل قوته لمواجهة المحن ليستطيع بناء نفسه من جديد من خلال التعليم، لكن ما حدث فيما بعد لم يكن في حسبانه.

بمجرد أن خطا أولى خطواته بمصر، أنفق المال الذي ادخره على أساسيات الحياة البسيطة، مثل السكن والمأكل، ولم يستطع تغطية تكاليف الجامعة، فقرر أن يؤجل حلم تعليمه حتى تتحسن ظروفه.

في هذه الأثناء، القدر جمع سبت بشريكة حياته، والتي جاءت هي الأخرى من السودان إلى مصر فارّة من الحرب، وقرر أن يؤجل كل شيء حتى يتزوج بها، وبالفعل عقد قرانه وأنجب ثلاثة أبناء.

سبت وأولاده الثلاثة 

سلاح التلميذ

عمل سبت في سوبر ماركت أولًا، ثم مصنع تعبئة أطعمة، وظل يعمل هنا وهناك إلى أن تخطى سن الـ 30 عاما، ورغم ذلك لم ينس حلم التعليم الذي سعى له في الأساس وجاء إلى مصر لتحقيقه، ولكن لم يجد حتى هذا الوقت المال الكافي لتنفيذ هدفه، فقرر أن يكون ساعيا بشركة “سلاح التلميذ” للطباعة والنشر.

سبت السوداني

يقول “سبت” إنه كان يرى حلمه بين الأوراق والكتب بالشركة التي يحمل بها "صينية" الشاي والقهوة للموظفين، فكان ذلك يساعد طموحه أن يظل مستيقظًا لا يندثر مع الوقت أبدا.


حلم "سبت"

"الظروف لا تتحسن أبدًا".. عبارة قالها سبت حينما شرح كيف قرر العودة إلى حلم التعليم، فلم يكن ذلك بسبب وفرة المال أو الانتهاء من المسؤوليات الواقعة على عاتقه، بل وجد أن الظروف المالية لن تتحسن، وبذلك سينسى حلم التعليم تمامًا، لذا قرر استكمال الجامعة حتى في أسوأ حالاته.

سبت السوداني

تقدم سبت إلى كلية الحقوق جامعة القاهرة فرع الخرطوم، متنازلًا عن حلمه في الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والتي اكتشف أن دراستها بمصر صعبة، قائلًا: "وجدت كلية الحقوق أقرب لأني أحببت السياسة والعمل بها حتى وإن كنت حاليا ساعيا".

سبت بجامعة القاهرة

الايجار القديم 

بجانب التكاليف التي كان يدفعها سبت في حياته على كافة الجوانب، لم ينس أن يوجه الشكر لصاحبة السكن الإيجار التي لم تطلب منه أي زيادة مالية منذ أن سكن في بيتها قبل 10 سنوات.

حاليًا سبت بعمر الـ 38 عاما، في عامه الأخير بدراسة كلية الحقوق، والتي ينوي أن يُكمل بها الماجيستير، تحقيقًا لحلم والده الذي أوصاه قبل أن يترك السودان أن يكمل مسيرته التعليمية، ويجعله فخورًا به هو ووالدته وأخوته، لكنه توفى قبل أن يرى تلك اللحظة.

سبت بجامعة القاهرة 

العودة إلى الوطن

سبت ينوي بعد الانتهاء من مراحله الدراسية، أن يعود مرة أخرى إلى وطنه جنوب السودان ويعمل محاميًا هناك، لأهل بلده التي نهبتها الحرب وكساها الخراب. 

سبت السوداني

واختتم: "أنا عاوز أربي ولادي على حب التعليم والدراسة مهما كانت الظروف.. وأموت وأنا عارف إنهم هيكملوا تعليمهم ويكونوا فخورين بنفسهم وبأبوهم.. وزي ما قالتلي أمي مفيش حاجة بإيدينا بس ربنا موجود.. ربنا هو اللي بيفتح الدروب".

search