نور الشريف بذكرى وفاته.. جسد شخصية مناضل فلسطيني في فيلم لم ير النور

نور الشريف
محمود حجاب
يُعد الفنان نور الشريف واحدًا من أبرز رموز الفن المصري والعربي، وصاحب مسيرة فنية ثرية امتدت لعقود، قدّم خلالها أعمالًا سينمائية وتلفزيونية ومسرحية حُفرت في ذاكرة الجمهور، وجعلت منه نموذجًا للفنان المثقف والملتزم.
ذكرى وفاة نور الشريف
تحل ذكرى وفاة الفنان نور الشريف، العاشرة، اليوم الإثنين 11 أغسطس، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2015، بعد صراع مع المرض، تاركًا إرثًا فنيًا وإنسانيًا لا يزال حاضرًا في وجدان محبيه وزملائه في الوسط الفني.

نور الشريف: من ملاعب الزمالك إلى عالم الفن
وُلد محمد جابر محمد، الاسم الحقيقي للفنان نور الشريف، في 28 أبريل 1946 بالقاهرة. ومنذ صغره، كان مولعًا بالتمثيل، لكنه بدأ مسيرته كلاعب كرة قدم في فريق أشبال نادي الزمالك، قبل أن يترك الكرة ويكرس نفسه للفن.
وبعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية، بتفوق وحصوله على المركز الأول في دفعته، انطلق نور الشريف في مشواره الفني الذي شهد بداية واعدة ومسيرة حافلة في السينما والمسرح، مما فتح له أبواب النجاح مبكرًا.

بداية رحلة تألق فني لا تُنسى
كانت انطلاقة نور الشريف الحقيقية من خلال فيلم "قصر الشوق" عام 1967، ليبدأ بعدها رحلة فنية متألقة حافلة بالعديد من الأفلام التي أصبحت من علامات في تاريخ السينما المصرية، إلى جانب حضوره اللافت في الدراما التلفزيونية والمسرح.
أعمال خالدة في ذاكرة الجمهور
وقدّم نور الشريف، عشرات الأعمال التي لاقت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كبيرًا، من أبرزها أفلام؛ "الكرنك، العار، حدوتة مصرية، سواق الأتوبيس، ضربة شمس، زوجة رجل مهم، العاشقان".
أما في الدراما التلفزيونية، فكان حضور نور الشريف، طاغيًا من خلال مسلسلات؛ “لن أعيش في جلباب أبي، عائلة الحاج متولي، الدالي، الرحايا، الرجل الآخر، الحاج متولي، عمر بن عبدالعزيز”، وغيرها من الأعمال التي رسخت مكانته كأحد أعمدة الدراما المصرية.

كيف بحث نور الشريف عن مليون جنيه من أجل فلسطين؟
كان الفنان نور الشريف مشغولًا على الدوام بقضايا أمته العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي اعتبرها قضية مركزية لا يمكن تجاهلها. وجاء قراره بتجسيد شخصية الرسام الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، في فيلم يحمل اسمه، تأكيدًا لهذا الانتماء، وخطوة فنية جريئة تعكس وعيه السياسي والتزامه القومي.
واختار الشريف، أن يُجسّد شخصية فنان واجه الاحتلال بريشته وكلماته، رغم ما حمله ذلك من تحديات سياسية ومخاطر فنية، مؤمنًا بأن الفن الحقيقي لا ينفصل عن قضايا الشعوب ومعاركها من أجل الحرية والكرامة.

نور الشريف يجمع تفاصيل حياة ناجي العلي لتحويلها إلى فيلم
استعد نور الشريف لهذا المشروع الفني الكبير بجمع كل ما كُتب عن حياة الرسام الفلسطيني ناجي العلي، ودرس تفاصيل حياته الشخصية بدقة، بهدف تحويلها إلى فيلم سينمائي شامل يعكس الواقعية والرسالة الإنسانية.
على مدار أكثر من عامين، خاض نور الشريف، جلسات عمل يومية مكثفة استمرت لما يقرب من عشر ساعات، مع السيناريست بشير الديك والمخرج الكبير صلاح أبو سيف، من أجل تطوير السيناريو والعمل على إخراج الفيلم بأعلى جودة فنية.
نجوم العرب يجتمعون بلهجاتهم الأصلية لإحياء القصة
ضمّ الفيلم نخبة من نجوم العالم العربي، حيث أدى كل منهم دوره بلهجته الأصلية لإضفاء مصداقية وواقعية على الأحداث. كان من المقرر تصوير الفيلم في لبنان، إلا أن ظروف الحرب أجبرت الفريق على تحويل التصوير إلى سوريا كبديل، مع استكمال بعض المشاهد في لندن والكويت، بينما تم تصوير المشاهد الداخلية في مصر.
رؤية فنية تتجاوز حسابات السوق والجماهيرية
على الرغم من أن ميزانية الفيلم بلغت نحو مليون جنيه، فإن نور الشريف لم يتردد في المضي قدمًا في المشروع، متعاونًا مع منتج لبناني لتأمين التمويل اللازم. وفي حوار مع جريدة "الأخبار" عام 1990، أكد الشريف، أنه لا يخشى من عدم تحقيق الفيلم لإيرادات تجارية، مشددًا على أن هدفه الأساسي هو تقديم أعمال تعكس قناعاته وأحلامه الفنية حتى وإن كانت بعيدة عن السوق الجماهيرية.
"الخيط الأبيض": تجربة سابقة في تناول القضية الفلسطينية
تجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع لم يكن الأول الذي يتناول فيه نور الشريف القضية الفلسطينية، إذ سبق وأن قدم فيلم "الخيط الأبيض"، حيث جسد فيه دور مناضل فلسطيني قضى سنوات في المعتقلات الإسرائيلية، لكن هذا العمل واجه مأساة كبيرة عندما اختفى "نيجاتيف" الفيلم بعد التصوير، وظل مصيره مجهولًا حتى الآن.
حياة شخصية هادئة وزواج فني ناجح
على الصعيد الشخصي، تزوج نور الشريف من الفنانة بوسي، وشكّلا سويًا ثنائيًا فنيًا ناجحًا ورُزقا بابنتين هما مي وسارة، ورغم انفصالهما في فترة من الزمن، فإن علاقتهما الإنسانية ظلت قوية، وعادا لبعضهما قبل وفاته بفترة وجيزة، في مشهد إنساني لاقى تعاطفًا كبيرًا من الجمهور.

مواقف وإنجازات
تميّز نور الشريف، بمواقفه الواضحة تجاه القضايا الوطنية والاجتماعية، وحرصه الدائم على تقديم فن هادف. رفض مرارًا الانخراط في أعمال لا تحمل رسالة، وكان يرى أن للفن دورًا تربويًا وثقافيًا لا يقل أهمية عن أي دور آخر في المجتمع.
ونال الشريف، خلال مسيرته العديد من الجوائز والتكريمات من مهرجانات محلية ودولية، تقديرًا لعطائه الفني ومساهماته الثرية في تطوير السينما والدراما العربية.

غيابه الجسدي وحضوره الدائم
رحل نور الشريف في 11 أغسطس 2015 عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، لكنه ترك خلفه رصيدًا فنيًا وإنسانيًا يصعب تكراره، وفي كل عام، تتجدد ذكرى رحيله بتقدير واسع من جمهوره وزملائه، الذين يرون فيه نموذجًا للفنان الحقيقي.


الأكثر قراءة
-
أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025
-
إحالته لمحاكمة تأديبية.. نادي القضاة يكشف تفاصيل اعتداء ضابط على عامل
-
إخلاء سبيل البلوجر شاكر محظور في قضية المخدرات والسلاح
-
رغم إخلاء سبيله.. لماذا "شاكر محظور" محبوس 15 يومًا؟
-
كانت تطلب مساعدة.. حقيقة فيديو "سيدة العمارة والسكين" بالجيزة
-
يوسف وليد.. حكاية أصغر بلوجر تحدى صناع المحتوى الهابط بأعمال الخير
-
"مش لازم لائحة".. كيف سيُطبق قانون الإيجار القديم؟
-
نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025.. الرابط والخطوات

أخبار ذات صلة
ميرفت أمين عن نور الشريف: ندمت على رفض "الدالي" وهذا "القلم" لن أنساه
11 أغسطس 2025 01:31 م
"الشاطر" يوجه لكمة لـ"روكي الغلابة".. ويقترب من حاجز الـ75 مليونا
11 أغسطس 2025 12:19 م
محمد علي رزق: بحلم أكون زي نور الشريف وفريد شوقي
11 أغسطس 2025 12:04 م
مفاجأة.. لارا ترامب تتابع محمد رمضان على "إنستجرام"
11 أغسطس 2025 08:57 ص
أكثر الكلمات انتشاراً