الجمعة، 15 أغسطس 2025

06:35 م

حين يقف الشارع في صف الجاني.. أين "ملوك الجدعنة"؟

جانب من واقعة سرقة الهاتف

جانب من واقعة سرقة الهاتف

شهد الشارع المصري في الآونة الأخيرة سلسلة من المواقف المثيرة للجدل، حيث تبدلت الجدعنة والشهامة في المواقف الصعبة إلى السلبية وإنصاف المعتدي، ووجد الضحايا أنفسهم في مواجهة مواقف غريبة، ليس من الجناة وحدهم، بل أحيانًا من المارة أو المحيطين بهم.

وبالرغم من أن هذه المواقف لا تُختزل تحت عنوان طبيعة الشعب المصري فإن تكرارها في أكثر من موقف يثير تساؤلات حول ما أصبح يتسم به المواطنون في الآونة الأخيرة من سلبية في مجابهة مثل هذه المواقف، خاصة وأن الشعب المصري معروف على مدار العصور بـ"ملوك الجدعنة" لما يمثله دائمًا من مواقف شجاعة ومروءة. 

تركوا اللص حرًا

في إحدى الوقائع، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشاب يقود دراجة نارية حاول سرقة هاتف أحد المارة، إلا أن محاولته فشلت بعدما تعثره وسقط أرضًا، ليجد نفسه في مواجهة الضحية والمارة.

لكن المفاجئ أن الحاضرين تركوا اللص يستعيد دراجته ويغادر، بحجة أنه لم ينجح في سرقة شيء، تاركين الضحية مذهولًا.

لا تثيري غضب السائق

وفي حادثة أخرى، تعرضت سيدة لمضايقة داخل ميكروباص بعدما طلبت من السائق إطفاء سيجارته التي يسبب دخانها إزعاجًا لها، إذ بذلك يتعدى السائق على حرية الغير في الحصول على هواء نقي، لكن قابل السائق طلب السيدة بعجرفة وطالبها بالنزول من السيارة إن لم تتقبل رائحة السجائر، وبدلًا من مساندتها طلب منها باقي الركاب التزام الصمت حتى لا تثير غضب السائق، مبررين ذلك بالرغبة في الوصول إلى وجهتهم دون مشاكل.

حادث طريق الواحات

أما الحادثة الثالثة، فكانت الأكثر جدلًا، حيث أظهر مقطع فيديو متداول مطاردة ثلاث سيارات، لسيارة بها ثلاث فتيات، حتى انحرفت سيارتهنعن الطريق واصطدمتا بسيارة نقل ما أسفر عن إصابتهن بجروح وسحجات وكسور.

ورغم وضوح الطرف الخاطئ في الواقعة، ألقى جزء من الجمهور باللوم على الفتيات، بسبب ملابسهن أو تواجدهن في مقهى في الصباح الباكر قبل الحادث.

وجاءت التعليقات من بعض مستخدمي مواقع التواصل كالتالي: “هي لو لبسها محترم مكانش ده حصل.. أو حلق منخيرها سبب المشكلة".

جانب من التعليقات
جانب من التعليقات

المسامح كريم

تفسير هذه الظواهر جاء على لسان الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، التي أوضحت أن ردود الفعل في الموقفين الأولين تعكس طبيعة المجتمع المصري الذي يسعى لتجنب إطالة المشكلات أو الدخول في إجراءات قانونية معقدة، انطلاقًا من مبدأ "المسامح كريم"، أو بدافع الخوف من التعرض للخطر، لكنها حذرت من أن هذا التسامح في غير موضعه يفتح الباب أمام الجناة للاستمرار في أفعالهم دون رادع.

الشاب لا يشوبه شائبة

وفيما يخص الحادثة الأخيرة، ترى خضر، بحسيب تصريحاتها لـ"تليجراف مصر"، أن الموقف يكشف جذورا تربوية وثقافية ترسخ التمييز بين الجنسين، إذ تُحاكم الفتاة على سلوكها ومظهرها، بينما يُترك الشاب حرًا في أفعاله بحجة أنه "شاب ولا يشوبه شائبة". 

وغالبًا ما تأتي هذه الأحكام من داخل الأسرة، وتحديدًا من الأمهات، اللاتي يفرضن قيودًا صارمة على بناتهن بحجة الحفاظ على السمعة، بينما يتسامحن مع تصرفات الأبناء الذكور.

search