الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

02:06 ص

بين الرواتب والأسعار.. ما متوسط الدخل الشهري المناسب للأسرة المصرية؟

الدخل المناسب في مصر مع ارتفاع معدلات التضخم

الدخل المناسب في مصر مع ارتفاع معدلات التضخم

كرستينا سامي

A .A

“الحياة غالية”.. عبارة ترددت كثيرًا على أسماعنا عند سؤال المواطنين عن مقدار الدخل الشهري اللازم للعيش الكريم، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتضاعف الضغوط على القدرة الشرائية، ما يجعل إدارة المصاريف اليومية تحديًا دائمًا لمعظم الفئات.

وفي هذا التقرير تستعرض "تليجراف مصر"، آراء الشارع المصري وبعض خبراء الاقتصاد حول متوسط دخل الأسرة المصرية، كما نرصد وجهات نظر المواطنين بشأن متوسط الدخل الشهري للأسر.

"الحياة غالية".. اتفاق جماعي 

من جانبه قال إبراهيم وهو أب لطفلين، ويعمل في تخصص البيولوجيا إن دخله الشهري 7 آلاف جنيه، ويوزعه خلال الشهر بين 4 آلاف على المتطلبات الغذائية، وألف جنيه فواتير كهرباء وغاز ومياه وإنترنت والباقي لتلبية احتياجات الأسرة من الأدوية.

أما المحامي خالد الذي يتقاضى 15 ألف جنيه شهريًا، فقال إنه ينفق 5 آلاف على علاج ابنه الذي يعاني مرضًا خطيرًا و4 آلاف جنيه يدفعها إيجارًا للمسكن، والباقي للمستلزمات الغذائية.

وأضاف صاحب محل "فضل عد ذكر اسمه" أن دخله الأسري يتراوح بين 17 و20 ألف جنيه، منها 3 آلاف جنيه تدفع كفواتير غاز وكهرباء ومياه وإنترنت، و10 آلاف جنيه تدفع كمصاريف لأبنائه الذين في مراحل تعليمية مختلفة من بينها الجامعية و5 آلاف جنيه للمواد الغذائية.

أما أحمد، وهو مندوب مركز أشعة قال إنه يتقاضى راتبًا شهريًا قدره 8 آلاف جنيه، ينفق منها 4 آلاف جنيه على الطعام، و700 جنيه فواتير، والباقي مستلزمات دراسة، موضحًا أنه يحتاج إلى دخل متوسط قدره 10 آلاف لتلبية احتياجات أسرته.

وأضاف كمال مندوب مبيعات، أنه يتقاضى 8 آلاف جنيه، منها 100 جنيه يدفعها لشقة إيجار قديم، و5 آلاف جنيه متطلبات غذائية وألف جنيه ديون عليه، بالإضافة إلى 1500 جنيه فواتير.

وقال صلاح مهندس مدني، إنه يتقاضى 35 ألف جنيه شهريًا، ينفق 17 ألفًا منها على المواد الغذائية والمتطلبات اليومية، و3 آلاف جنيه فواتير غاز ومياه وكهرباء، مضيفًا أن يتابع علاجه عبر التأمين الصحي.

واتفق هؤلاء على أن تكلفة المعيشة أصبحت باهظة للغاية، وأن الحياة اليومية تتطلب الكثير من الجهد لتغطية الاحتياجات الأساسية، رغم تفاوت مستويات الرواتب بينهم واختلاف أحجام الدخل الشهري من أسرة إلى أخرى.

وشهد معدل التضخم في مصر خلال عام 2024 تذبذبًا ملحوظًا، حيث ارتفع إلى ذروته في مارس بنسبة 35.7%، قبل أن يبدأ في الانخفاض تدريجيًا ليصل إلى 23.4% في ديسمبر. 

صورة من الأسواق المصرية (عملة فئة 10 جنيهات بلاستيكية)

ومع بداية عام 2025، واصل التضخم الهبوط مسجلًا 12.8% في فبراير و13.6% في مارس واستقر عند 13.9% في أبريل ويوليو، فيما بلغ 14.9% في يونيو، ما يعكس تباطؤا ملموسًا في وتيرة ارتفاع الأسعار مقارنة بالعام السابق.

أقل من 10 آلاف لا تكفي

من جانبه قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده إن راتب 7 آلاف جنيه (الحد الأدنى) في الشهر لا يكفي لسد احتياجات الأسر المصرية، مضيفًا أن الأسرة تحتاج ما لا يقل عن 10 آلاف جنيه لتلبية احتياجاتها الشهرية.

وأضاف في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن إنفاق الأسر المصرية يشبه باقي الأسر العالمية، حيث يتم توزيع الدخل بين الإيجار والتعليم والمستلزمات الغذائية، مشيرًا إلى أن المرأة المصرية بمثابة وزيرة مالية، قادرة على تدبير أمور بيتها بكفاءة من خلال الادخار وتوفير احتياجات الأسرة وتحضير ميزانية للمناسبات المهمة مثل شهر رمضان والأعياد، وضمان مستلزمات الدراسة لأبنائها.

وأكد عبده أن إدارة الأموال أمر بالغ الأهمية، موضحًا أن الأم المصرية تضحي ببنود ترفيهية مثل السينما والمسرح وشراء الكتب، رغم أهميتها في الثقافة والوجدان الشخصي لضمان تغطية احتياجات الأسرة اليومية.

وأضاف أن الأزمة المالية الأخيرة فرضت ضريبة مبيعات مرتفعة، ما أثر على الترفيه، فقامت الأم بإعادة ترتيب ميزانية الأسرة عبر الادخار في المواد الغذائية وتقليل البروتينات من اللحوم والدواجن مرة واحدة أسبوعيًا لضمان تغطية تكلفة باقي الشهر، خصوصًا إذا كان الزوج موظفًا.

الحد الأدنى لا يكفي للاحتياجات الأساسية فقط

فيما أشارت الخبيرة الاقتصادية هدى الملاح إلى أن 7 آلاف جنيه تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية فقط من مأكل وملبس ومشرب، بالإضافة إلى فواتير الكهرباء المعتدلة التي لا تتجاوز 700 جنيه للفئات المتوسطة، مشيرة إلى أن هذا الدخل لا يغطي مصاريف الدراسة أو حالات طارئة مثل العمليات أو الأدوية.

يذكر أن الحد الأدنى للأجور في مصر ارتفع خلال السنوات الثلاث الأخيرة من نحو 2400 جنيه إلى 6000 جنيه في 2024، قبل أن يصل إلى 7000 جنيه في 2025.

وفي يناير 2024، رفعت الحكومة المصرية أسعار الكهرباء للاستخدام المنزلي بنسب تراوحت بين 16% و26%، حسب شريحة الاستهلاك، أما في الشريحة السادسة (أكثر من 650 كيلووات)، فارتفع السعر من 140 قرشًا إلى 2.10 جنيه، بزيادة تصل إلى 50%.

في يناير 2024 رفعت الحكومة المصرية أسعار الكهرباء للاستخدام المنزلي 

الملاح قالت لـ"تليجراف مصر"، إن المرأة أمام هذا الوضع قد تدخر خلال الإجازات الصيفية أو تنضم لجمعيات الأموال، مشيرة إلى أن بعض الأسر لديها مصدر دخل إضافي مثل إيجار عقارات، فيما تختلف ظروف المعيشة في الريف عن المدن بحسب المستوى الاجتماعي وطبيعة العمل.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور المعيشي في المناطق الحضرية يبلغ حوالي 12448 جنيهًا شهريًا، بينما في المناطق الريفية يصل إلى 8799 جنيهًا شهريًا، وذلك وفقًا لبيانات "التحالف العالمي للأجور المعيشية".

وتابعت الملاح أن احتياجات الأسر تختلف باختلاف عدد الأفراد والمناطق، وأن الأسرة ذات المستوى الاجتماعي المرتفع تحتاج إلى دخل شهري يبدأ من 20 ألف جنيه، بينما الأسر المتوسطة في الريف تحتاج إلى دخل يتراوح بين 7 و10 آلاف.

كيف يتوزع إنفاق الأسر في مصر؟

وأوضحت أن إنفاق الأسر في مصر يركز على تلبية أساسيات المنزل، مثل فواتير الكهرباء والمياه، مصاريف التعليم والمواد الغذائية، مشيرة إلى ضرورة إعداد ميزانية مقسمة كالآتي: 40% للمواد الغذائية، 20% للمنظفات، 20% للكهرباء، والباقي للترفيه، ومع ارتفاع التضخم، يمكن للأسرة سد احتياجاتها عبر تقليل استهلاك البروتينات والاعتماد على المتاجر التي تقدم عروضًا وتخفيضات.

إنفاق المصريين المتوقع لعام 2024

ووفقًا لشركة الأبحاث Fitch Solutions، فإن إنفاق الأسر المصرية مقسم كالآتي:

  • الطعام والمشروبات: 35.2%.
  • الملابس والأحذية: 5.6%.
  • الإسكان والمرافق: 18%.
  • الثقافة والترفيه: 2.1%.
  • المطاعم والفنادق: 3.9%.
  • التأمين وأخرى: 3.4%.
  • المشروبات الأساسية: 4.6%.
  • السجائر والمشروبات الغازية: 4.6%.
  • التعليم: 4.6%.
  • المواصلات: 6.1%.
  • الاتصالات: 2.4%.
  • الصحة: 10%.
  • الثقافة والترفيه: 2.1%.

وتوقعت الشركة أن ينمو إنفاق المستهلكين المصريين على الأغذية في 2025 بنسبة 21.6% ليصل إلى 4.9 تريليون جنيه (99.7 مليار دولار)، مدفوعًا بالتضخم المرتفع مع استمرار هذا النمو متوسط المدى حتى عام 2028 بمعدل نمو سنوي 19% ليصل إلى 7 تريليونات جنيه (134.4 مليار دولار).

search