الخميس، 04 سبتمبر 2025

08:37 م

ملاعب الكرة والسرطان.. هل هناك صلة بين فتات المطاط وأمراض خطيرة؟

ملعب - أرشيفية

ملعب - أرشيفية

تثير الملاعب الصناعية جدلًا واسعًا، بين كونها ساحة للرياضة ومتعة اللعب، وبين المخاوف الصحية التي قد تترتب على استخدامها، حيث يُتهم فتات المطاط المستخدم في تلك الملاعب بتعرض الأطفال والشباب لمخاطر صحية خطيرة، أبرزها السرطان. فهل هي حقًا ملاعب رياضية أم ساحات خفية للمرض؟

بداية القصة

تبدأ القصة بحارس المرمى الشاب لويس ماجواير، الذي تم تشخيصه بسرطان الغدد الليمفاوية هودجكين، ما اضطره للتخلي عن حلمه بالانضمام إلى نادي ليدز يونايتد، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

عانى لويس، الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة، من التعرق الليلي والإرهاق لمدة ثلاثة أشهر، قبل أن يكتشف الأطباء وجود ورم في رقبته. 

وعلى الرغم من خضوعه لعلاج كيميائي وكورتيزون، إلا أن حالته الصحية تدهورت بشكل مأساوي.

حارس المرمى لويس ماجواير

ما هو سرطان هودجكين؟

سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين يعد من الأمراض النادرة لدى الأطفال، وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع مقلق في معدلات الإصابة بسرطانات الدم والأورام اللمفاوية، خاصة في الفئة العمرية بين 15 إلى 24 عامًا.

الملاعب الصناعية

يشير خبراء الصحة العامة إلى أن زيادة استخدام الملاعب الاصطناعية قد تفسر هذا الارتفاع المقلق في معدلات الإصابة، حيث أن أحد أبرز عناصر القلق هو "فتات المطاط" – جزيئات صغيرة ناتجة عن إعادة تدوير إطارات السيارات وتستخدم كحشو في هذه الملاعب.

مأساة لويس وعائلته

بعد انتهاء علاجه، شاهد لويس برنامجًا تلفزيونيًا عن مدربة كرة القدم الأمريكية "إيمي جريفين"، التي قامت بتوثيق علاقة بين إصابات حراس المرمى وسرطانات الدم، مما جعله يدرك أن حالته قد تكون مرتبطة بالملاعب التي كان يلعب عليها.

لكن الأقدار لم تمهله، حيث توفي في عام 2018 عن عمر يناهز 20 عامًا نتيجة فشل أعضاء جسده بسبب العلاج، ورغم أن وفاته سُجلت لأسباب طبيعية، بقيت عائلته مقتنعة بوجود صلة بين مرضه وهذه الملاعب.

ما الذي تحتويه هذه الملاعب؟

تتكون الملاعب الصناعية من الجيل الثالث (3G) من طبقات بلاستيكية متعددة، بعشب صناعي وحشو من فتات الإطارات، وهذه الجزيئات تُصنف كـ"لدائن دقيقة" وفق الاتحاد الأوروبي. 

وتشير الدراسات إلى أن هذه المواد تحتوي على مواد كيميائية ضارة مثل PFAS، المعروفة بـ"المواد الكيميائية الأبدية"، التي ارتبطت بمشاكل صحية خطيرة مثل ضعف المناعة، ارتفاع الكوليسترول، اضطرابات الغدة الدرقية، وبعض أنواع السرطان.

حظر أوروبي وموقف بريطاني متردد

في عام 2023، أعلنت المفوضية الأوروبية عن حظر بيع فتات المطاط بحلول عام 2031، بينما لم تتخذ الحكومة البريطانية قرارًا مشابهًا حتى الآن، رغم تحذيرات متزايدة من خبراء الصحة.

رأي الخبراء

البروفيسور أندرو واترسون، من جامعة ستيرلنغ، يؤكد أن هذه اللدائن الدقيقة لا يجب أن تكون داخل الملاعب، حيث أظهرت الدراسات آثارها الصحية الخطيرة. 

وفي دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2023، تبين أن هذه الجزيئات قد تدخل الخلايا البشرية وتؤثر على الحمض النووي والجينات، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان.

ويشير خبراء الكيمياء إلى أن اللوائح الحالية لا تراعي مستوى الغبار الناتج عن سقوط اللاعبين، خصوصًا الأطفال وحراس المرمى الذين يلامسون أرضية الملعب بشكل مستمر، حيث يحتوي هذا الغبار على تركيزات مرتفعة من المواد المسرطنة.

أصوات معارضة واستمرار الجدل:

تصر الهيئات الرياضية الدولية مثل "الفيفا" و"سبورت إنجلترا" على أنه لا توجد أدلة كافية لاعتبار هذه الملاعب خطرًا صحيًا مباشرًا، لكنها تنصح اللاعبين بغسل أيديهم وتجنب ابتلاع فتات المطاط.

لكن عائلات مثل عائلة لويس ماجواير تؤكد أن غياب الأدلة لا يعني الأمان، وتطالب بتطبيق مبدأ الوقاية قبل فوات الأوان.

search