الأربعاء، 03 سبتمبر 2025

11:34 م

"كامبريدج الغلابة".. محتال بدبلوم صنايع يدمر مستقبل 100 طالب (مستندات)

الأكاديمية الدولية لتكنولوجيا المعلومات

الأكاديمية الدولية لتكنولوجيا المعلومات

محمد لطفي أبوعقيل

A .A

وسط تزايد أحلام آلاف الشباب في الحصول على تعليم جامعي يفتح لهم أبواب المستقبل، برزت مؤخرًا قضية خطيرة تكشف الوجه المظلم لعالم الكيانات التعليمية الوهمية في مصر. 

وتمكن شاب يدعى "حسين ع. ع" من خداع نحو 100 طالب، بعد تأسيسه كيانًا وهميًا تحت اسم "الأكاديمية الدولية لتكنولوجيا المعلومات"، مدعيًا أنها معتمدة من جامعة كامبريدج البريطانية، وجمع من ضحاياه مبالغ مالية طائلة تراوحت بين 8 آلاف و16 ألف جنيه سنويًا، حسب التخصص وسنة الدراسة.

البداية من وحدة سكنية في أكتوبر 

أحد الطلاب الضحايا، الذي فضل عدم ذكر اسمه، كشف تفاصيل الواقعة، قائلًا إن الأكاديمية بدأت عملها في وحدة سكنية بمدينة السادس من أكتوبر، قبل أن ينتقل مقرها إلى فيلا مؤجرة، مضيفًا: "كانت الأكاديمية تعلن تخصصات متعددة مثل الإعلام، والتجارة، والمساحة، ونظم المعلومات وغيرها، وكنا نتلقى مناهج وكتبا، بل كنا نحصل على كارنيهات خاصة بالأكاديمية، وعقدت لنا امتحانات سنوية تمامًا مثل الجامعات المعتمدة، مما جعلنا نثق في مصداقيتها في البداية".

وأضاف الطالب: "بدأت شكوكنا تتزايد عندما طلب منا حسين 7 آلاف جنيه لكل طالب، بزعم أنه سيغير بطاقاتنا الشخصية ليتم تسجيلنا كحملة بكالوريوس إعلام، كما نظم لنا حفل تخرج ضخم في نادي ضباط المعادي لإيهامنا بأن الأكاديمية رسمية، لكن مع مرور الوقت تكشفت لنا الحقائق، واكتشفنا أن حسين لا يملك أي مؤهلات علمية، بل إنه حاصل على دبلوم فني صناعي ويؤدي حاليًا الخدمة العسكرية".

وأشار الطالب إلى أن الطلاب تمكنوا من الحصول على بطاقة الهوية الشخصية لحسين، والتي أثبتت حقيقة أمره، ما دفعهم إلى التقدم ببلاغ رسمي إلى إحدى الجهات المختصة. 

ولفت إلى أن حسين، عند استدعائه للتحقيق، أنكر في البداية معرفته بهم أو امتلاكه للأكاديمية، لكنه اعترف لاحقًا بكل الاتهامات الموجهة إليه، وعرض على الضحايا التنازل عن المحضر مقابل رد الرسوم الدراسية التي حصل عليها منهم.

مستقبل غامض لضحايا الأكاديمية المزعومة

وتابع الطالب: "بعد تقديمنا البلاغ، فوجئنا بمحاميته تهددنا بالملاحقة القانونية واتهامنا بالتشهير إذا لجأنا إلى القضاء أو كشفنا تفاصيل القضية للإعلام، نحن الآن نعيش فترة صعبة للغاية، حيث ترفض وزارة التعليم العالي السماح لنا بالالتحاق بأي معهد أو جامعة، رغم أننا قضينا سنوات من أعمارنا في الدراسة ودفعنا مبالغ كبيرة دون أن نحصل على أي شهادة معتمدة".

واختتم الطالب حديثه بمناشدة وزارة التعليم العالي التدخل لإنقاذ مستقبلهم، قائلًا: "نتمنى أن تتبنى الوزارة قضيتنا، فقد ضاعت سنوات من حياتنا وأموالنا هباءً، ونريد فقط فرصة حقيقية لاستكمال تعليمنا في كيان رسمي ومعتمد".

كنت أحلم أن أصبح مذيعة

وقالت إحدى الطالبات الضحايا، وهي تبكي بحرقة: “كنت أحلم أن أصبح مذيعة، وعندما رأيت إعلان الأكاديمية شعرت أن الفرصة جاءت إليّ على طبق من ذهب”. 

وواصلت: "دفعت مع أسرتي أكثر من 40 ألف جنيه خلال 3 سنوات، كنت أسافر يوميًا من محافظة بعيدة إلى مقر الأكاديمية، وكنا ندرس ونجتهد مثل طلاب الجامعات الحقيقية، حتى أنني شاركت في مشاريع تخرج وهمية، ولم أتخيل يومًا أن كل هذا كان مجرد خدعة، حياتي الآن مدمرة، ولا أعرف كيف أبدأ من جديد".

 أقام لنا حفل تخرج

وأضافت طالبة أخرى: “قبل أن نتخرج طلب منا حسين مبلغ 7 آلاف جنيه بحجة أنه سيغير بيانات بطاقاتنا الشخصية حتى نصبح مسجلين كخريجي إعلام”. 

وأكدت: "صدقناه ودفعنا المال، ثم أقام لنا حفل تخرج كبيرًا حضره أهالينا، وكنا سعداء جدًا، لكن بعد أيام اكتشفنا أنه نصب علينا، كان هذا اليوم أسوأ أيام حياتي، فقد شعرت أن سنوات عمري ضاعت في لحظة".

بِعت أرضي عشان أعلم ابني

أما والد أحد الطلاب فقد روى تفاصيل مأساوية، قائلًا: “دفعت كل ما أملك من أجل تعليم ابني، حتى بعت قطعة أرض صغيرة لأغطي مصاريف الأكاديمية كنت أصدقهم لأنهم كانوا يبدون محترفين، لديهم مقرات، مناهج، وامتحانات، بل حتى حفلات تخرج فخمة”. 

وتابع: "عندما اكتشفنا الحقيقة شعرت بالقهر والخذلان، ليس فقط من حسين، بل من غياب الرقابة التي سمحت بحدوث هذه الكارثة الآن مستقبل ابني على المحك، ولا نعرف إلى أين نتجه".

اسم قريب من "Cambridge"

المستندات التي حصلت عليها "تليجراف مصر" تشير إلى تسجيل شركة تجارية تحمل اسمًا قريبًا من "Cambridge"، دون أي دليل على تبعيتها لجامعة كامبريدج البريطانية، بل هي مجرد تسجيل تجاري باسم "Cambridge Academy of Arts and Sciences LTD" في بيت الشركات البريطاني (UK Companies House)، وهذا إجراء متاح لأي شخص يمكنه تسجيل شركة في بريطانيا عبر الإنترنت برسوم بسيطة، ولا علاقة له بالاعتماد الأكاديمي أو الاعتراف الجامعي.

تفاصيل المستندات:

اسم الأكاديمية

المستند يظهر أن الاسم هو Cambridge Academy of Arts and Sciences LTD، ولا يوجد أي ذكر لـ University of Cambridge أو لأي جهة تعليمية بريطانية معترف بها، كما أن كلمة "Cambridge" هنا قد تُستخدم كاسم تجاري فقط، وهو أمر شائع ولا يخضع لرقابة صارمة.

تصديق (Apostille) الخارجية البريطانية

التصديق الصادر بتاريخ 28 أكتوبر 2021 من وزارة الخارجية البريطانية لا يثبت صحة محتوى المستند، بل فقط يثبت أن توقيع الشخص الذي وقع المستند – Gerard Philip Davis – حقيقي وأنه محامٍ مسجل، بمعنى أن التصديق يوثق التوقيع وليس مضمون الوثيقة.

تصديق القنصلية المصرية في لندن

التصديق اللاحق من القنصلية المصرية بتاريخ 2 نوفمبر 2021 هو مجرد خطوة إجرائية لتوثيق المستند داخل مصر، ولا يعني اعتراف وزارة التعليم العالي به.

غياب الاعتماد التعليمي

لا يوجد أي ختم أو توقيع من هيئة الاعتماد البريطانية (Ofqual أو QAA) أو أي جهة تعليمية رسمية، فالأكاديمية ليست مدرجة ضمن الجامعات أو المعاهد المعترف بها دوليًا.

هذا يوضح أن الأكاديمية التي يروج لها المدعو  "حسين ع. ع"  هي كيان وهمي يستغل اسم كامبريدج لخداع الطلاب، وهو ما يتوافق مع شهادات الضحايا الذين دفعوا مبالغ كبيرة مقابل وعود كاذبة بالحصول على شهادات معتمدة.

search