وخزة تدمر مستقبل ممرض.. طالب امتياز يستغيث بعد إصابته بالإيدز

21 عاما هو فقط عمر "م.أ.ع" طالب امتياز معهد فني تمريض جامعة الاسكندرية، وعلى الرغم من صغر سنه، فإنه يواجه تحديات الوصمة والعار وحُكم عليه بالإعدام المعنوي، لمجرد أنه أُصيب بفيروس الإيدز HIV خلال عمله من خلال حقن خاطئ حينما كان تحت التدريب.

التدريب دون خبرة

الطالب الذي اختار لنفسه اسم مستعار "عمر زيان"، روى لـ“تليجراف مصر”، مأساة يعيشها منذ أن بدأ تدريب مع أصدقائه بمستشفى الجامعة، كاشفًا أنه كان للمرة الأولى مرة في عام الامتياز يبدأ التعامل مع مرضى على أرض الواقع، وكانت كل مهمته هو الحصول على تاريخ الحالة وتسليمها للطبيب.

وفجأة طُلب من “عمر” أن يكون ضمن فريق الحالات الحرجة، دون أن يتعلم كيف يتعامل طبيًا مع المرضى، وفي "ديسمبر الأسود" كما يصفه، كان عليه سحب عينة دم من مريض كان يتلوى يمينًا ويسارًا من الألم، وأدرك بالصدفة أنه يقف أمام مريض “إيدز”، وما أن عرفه فريق التمريض، إلا ورفضوا تمريضه خوفا من العدوى، مُسلمين المريض للطالب الجديد.    

سحب عينة دم

خطى الطالب نحو المريض وسحب عينة الدم بالفعل، ولكن بسبب اهتزاز المريض المتكرر، وخذت الإبرة الأولى بشكل خاطئ، فتعرق وجهه وبدت عليه علامات الصدمة، وأدرك أن العدوى انتقلت إليه.

إهمال 

صاح الممرض المتدرب في وجه التمريض الأساسي بالمستشفى كي يسعفه أحد من تلك الوخزة، ولكن قيل له: “متخافش دي شكة بسيطة ومش هيجرالك حاجة”، بذلك لم يعط الطالب أهمية للحدث، غير أنه لم يمل عليه هو أو زملائه أي نوع من أنواع إجراءات السلامة المتبعة في تلك الحالات، حينما بدأ التدريب.

وبعد مرور أكثر من 60 يوما على الوخزة، استطاع الطالب، أن يمضي تعاقد للعمل ثلاثة أيام مع المستشفى كممرض يتقاضى أجرًا، إلى أن أصيب بالإعياء في شهر فبراير، وذهب لاستشارة الطبيب الذي طلب منه بعض الفحوصات للوقوف على أسباب تعبه.

الاكتشاف المؤلم

كانت نتائج الفحوصات صادمة لطالب الامتياز الشاب، إذ أثبتت إصابته بفيروس HIV، نتيجة الإهمال خلال التدريب على بروتوكولات مكافحة العدوى.

ذرفت أعين الشاب، دون أن تتوقف -حسب قوله- لا يعلم ما هي الخطوة القادمة أو كيف يخبر أسرته وأساتذته، كأنه يعلم أن حياته ستتحول لجحيم بمجرد معرفة ما يكمن داخل تلك الورقة التي يمسكها بين يديه وكٌتب عليه مصاب بالإيدز.

فيروس الإيدز

على الفور، ذهب "عمر زيان" إلى المستشفى ليخبرهم أنهم كان عليهم إنقاذه حينما سحب الدم من المريض، طالبًا منهم حلولًا تنقذه من مرضه، فنصحوه بالذهاب إلى مكتب مكافحة العدوى كي يتم صرف العلاج له بأقصى سرعة، ولكن المفاجأة الكبرى كانت تنتظره عند ذلك المكتب.

"طلعوه برا المستشفى ميدخلش هنا تاني".. هذه العبارة جاءت ردًا على طلب الممرض بصرف علاج يحميه من الإيدز بعدما أصيب خلال فترة التدريب لديهم.

ممنوع من دخول المستشفى

ذهب الممرض إلى بيته والحزن يعتصر قلبه غير مدرك ما تخبئه له الأيام من أحداث، ولكنه رغم ذلك كان حريصا على ممارسة عمله، فوصل المستشفى في اليوم التالي، لأنه متعاقد معهم كممرض موظف، ولكن جاءت له اللكمة الأخرى: “أنت فلان.. متمضيش حضور.. إنت ممنوع من دخول المستشفى”.

ولم يُطرد الممرض الصغير من عمله بالمستشفى فحسب، بل صدر تقرير بمنع استكماله الامتياز لأنه مصاب بالإيدز، بالإضافة إلى منعه من دخول المستشفى وكلية التمريض التابعة لجامعة الإسكندرية، ومستشفى قديمة كان يعمل بها قبل أن يتدرب بمستشفى الجامعة. أصبح الطالب الذي كان يمارس حياته بطولها وعرضها، محبوسًا في سجن مظلم، لا يعلم ما هي تهمته أو من سجانه.

مستقر رغم الـ HIV

كل ذلك ولم يشعر الممرض بأي تعب يخص مرض الإيدز، فبدأ يتلقى علاج من مصاريفه الخاصة وخضع لفحوصات أخرى أثبتت أن حالته مستقرة رغم الإصابة، وأن HIV الذي يسري في جسده خامل. 

أشهر عديدة مرت، واستلم زملاء الطالب شهادات تخرجهم بعد الانتهاء من الامتياز في مشهد وصفه الطالب: “بعيش اكتئاب فظيع.. زمايلي كلهم اتخرجوا وأنا محبوس جوا الأزمة دي.. كنت بخدم المرضى بأقل الإمكانيات والنهارده بيعاملوني كأني مش بني آدم”.

ظلم وإهمال

واختتم حديثه مع “تليجراف مصر”، برسالة مؤثرة: “وزير الصحة تدخل لعلاجي على نفقة الدولة.. لكن لو اختفيت اعرفوا إن بسبب الظلم والإهمال.. ليه كلية التمريض رافضة أكمل امتيازي حتى إداري.. ليه حقي في شهادة التخرج بيتمنع، ليه حد زيي يتساب للظلم والاكتئاب؟".