شهادات متناقضة.. ماذا حدث بعد أسبوع من رحيل عروس حلوان؟

منزل عروس حلوان
شيماء عبدالعال -كريستينا سامي
قبل أيام قليلة من حفل زفاف إسراء كرم، وكأي فتاة كانت تملأها أحلام الفرح، وتخطط لتفاصيل يومها الكبير، تمهيدًا لدخول حياة جديدة مع شريكها؛ خبأ لها القدر مأساة لم يتخيلها أحد.
رحلة التجهيز للزفاف، الذي كان مقرر له في الثالث من سبتمبر، تحولت إلى كابوس بعد أن اختارت مركز تجميل شهير بالعجوزة لإجراء عملية "فيلر"، لتصبح قصتها واحدة من أصعب حوادث الإهمال الطبي في الآونة الأخيرة.
بداية القصة
في منتصف أغسطس 2025، توجهت إسراء، صاحبة الـ26 عامًا، إلى أحد مراكز التجميل الشهيرة في منطقة العجوزة، قبل زفافها المقرر عقده في الثالث من سبتمبر، وهي تفكر فقط في أن تجهز نفسها ليوم العمر.


بين الحياة والموت
منة صديقة إسراء روت لـ"تليجراف مصر" تفاصيل المأساة: "إسراء عندها 26 سنة وفرحها بعد أيام، راحت أحد مراكز التجميل في المهندسين عشان تجهز نفسها قبل الفرح، الدكتور حقنها مواد مغشوشة وفي أماكن غلط بجسمها من غير أي تحاليل أو اختبارات".
وأضافت منة: "بعدها قلبها وقف لأكتر من 5 دقايق، وده سبب ضرر شديد في المخ، الدكتور رفض ينقلها المستشفى بسرعة، وفضلوا 20 دقيقة يحاولوا يفوقوها عشان يهربوا من المساءلة القانونية، لما فقدوا الأمل، نقلوها المستشفى وهي بين الحياة والموت".
صدمة الأسرة
من جانبه روى والد إسراء لـ"تليجراف مصر" تفاصيل اللحظة الصادمة: "تواصلنا معها هاتفيًا لكنها لم تجب علينا، وبعد قليل تلقينا اتصالًا من المستشفى: الحقوا بنتكم قلبها متوقف"، على الفور هرع الأب والأم إليها، ليجدا الفريق الطبي قد أنقذها بعد توقف القلب، لكنها دخلت في غيبوبة تامة نتيجة تلف خلايا المخ، وأضاف الأب بأسى: "بنتي دخلت تجهز للفرح، خرجت على المشرحة".
صراع طويل مع الموت
خلال الأسبوعين التاليين، بقيت إسراء في غرفة العناية المركزة، متوقفة عن الحركة والوعي، وفثي وقت سابق قال شقيقها عبدالله، محامي، وهو يائس من المشهد الذي تركه في غصة لا تهدأ: "أختي حالتها حرجها بين الحياة والموت ونسبة الوعي 1% وأمل إنها تعيش ضعيف، ودخلت في غيبوبة تامة وما فاقتش لغاية دلوقتي، عملت عملية بالشق الحنجري ومتركب لها خراطيم هتعيش بيها على طول".
إجراءات رسمية.. محاضر وتحقيقات
حررت أسرة الضحية محضرًا ضد طبيب التخدير ومدير المركز، متهمين إياهما بالإهمال الطبي والتسبب في رحيل ابنتها، بينما أُخلي سبيل مدير المركز على ذمة التحقيقات، وبقي مصير الطبيب المتسبب في الواقعة مجهولًا، مع استمرار عرض الجسد على الطب الشرعي لإعداد تقرير شامل حول أسباب الرحيل.
وأوضح شقيقها في المحضر الذي حمل رقم 6011 لسنة 2025 بنيابة العجوزة، تفاصيل ما جرى، قائلًا إن شقيقته دخلت المركز يوم 16 أغسطس لإجراء عملية تجميل "حقن فيلر"، على يد طبيب تخدير يُدعى "م.ف"، بإشراف مدير المركز "س.ف".
النهاية المأساوية.. رحيل إسراء
في يوم الأربعاء، 27 أغسطس 2025، وقبل أيام معدودة من موعد زفافها، أسلمت إسراء الروح بعد رحلة قصيرة مع الغيبوبة، وتحولت ليلة العمر التي كانت تنتظرها العائلة إلى جنازة مهيبة في حلوان، شارك فيها المئات.
وفي اليوم التالي، الخميس 28 أغسطس، خرج جسد إسراء من مشرحة زينهم ملفوفًا بالكفن الأبيض بدلًا من فستان الزفاف، في مشهد أبكى الأهل والجيران الذين أطلقوا عليها لقب "عروس الجنة".
أسئلة بلا إجابة.. جولة "تليجراف مصر"
مر أسبوع على رحيل "إسراء"، لكن الغموض لا يزال يغلف الواقعة، وعلى رأسه السؤال الأبرز: من هو الطبيب المتسبب في الحادث؟ ولماذا لم يفصح أحد عن اسمه حتى الآن؟
بداية الرحلة الميدانية
انطلقت "تليجراف مصر" في جولة ميدانية إلى منطقة العجوزة منذ اللحظات الأولى للحادثة، حيث يقع مركز التجميل محل الواقعة، ومنذ الوهلة الأولى، بدا المشهد غريبًا، واجهة المركز خالية من أي لافتات، والأبواب مغلقة، والعاملون اختفوا تمامًا.
أكد بعض أصحاب المحال المجاورة أن المركز أغلق أبوابه منذ أيام بشكل مفاجئ، في حين نفى آخرون معرفتهم بأي تفاصيل.
أبواب مغلقة ولافتات مختفية
بمجرد الوصول إلى شارع جزيرة العرب بالمهندسين، حيث المركز اتجه فريق “تليجراف مصر” إلى مطعم مجاور يحمل اسم "كشري هند"، بحثًا عن إجابة للأسئلة المعلقة.
شهادات متناقضة من أصحاب المحال
داخل المطعم، وبعد تناول الطعام، بادر أحد أفراد الفريق بسؤال أحد العاملين:
"هو فعلا في بنت حلت في مركز تجميل هنا قريب؟"، ليرد العامل: "والله ما أعرف.. مسمعناش حاجة، بس لحد إمبارح كان شغال ومقفلوش".
إجابة زادت من حيرة الفريق، خاصة وأن مصادر أخرى أكدت إغلاق المركز بالفعل، وأضاف العامل أن هناك مركزًا قريبًا يديره شخص سوري الجنسية، لكن بعد الإيضاح أن الطبيب الذي يجري البحث عنه مصري، علق قائلًا: "اللي أعرفه عنه إنه دكتور تجميل"، وفي المقابل، أكد عامل آخر داخل المطعم: بصراحة لا.. ملناش تعامل معاهم".
بعد الخروج من المطعم، اتجه الفريق إلى كشك عصائر مجاور، حيث قال صاحبه: "أيوه، أول يسار بعد حضانة 123.. دا كان اسمه بيور بيوتي، وقفل"، وعندما سُئل عن السبب، قال مبتسمًا: "معرفش".
وتابع الرجل موضحًا أن للمركز فرعًا آخر يقع في مصر الجديدة، لكن لا يعرف موقعه بدقة، مشيرًا إلى وجود مراكز أخرى قريبة بأسماء مختلفة مثل "كاريزما"، وأثناء حديثه، تدخل شخص آخر: كان فيه مركز هنا وقفل عشان شركائه اختلفوا".
وعندما سُئل عن موعد إعادة افتتاحه، أجاب: اتصلوا بالمكان وأنتم تعرفوا"، حينها حاول الفريق الاتصال بالمركز، لكن وجده مغلقًا.
بحث متواصل
عاد الفريق مرة أخرى إلى مقر المركز، بدا باب المبنى مفتوحًا لكن دون وجود أحد بالداخل، وبجوار المركز، أمام أحد البنوك، جلس شاب أكد: "كان فيه ونقل.. كان في الدور التاني بالعمارة اللي جنبنا، وقفل من أول الشهر".
وفي مكان قريب، تحدث رجل يجلس بجوار سور المركز وهو يتناول الطعام موضحًا أن العاملين رحلوا منذ أسبوع أو اثنين، لكنه نفى معرفته بالسبب.
شاب صعيدي يعمل بجوار المركز منذ خمسة أشهر، قال بدوره: كان فيه مركز هنا وقفل.. معرفش التفاصيل"، مؤكدًا أنه لا يعرف أي وسيلة للتواصل مع البواب أو مع أحد العاملين السابقين.
نهاية الرحلة غموض يلف المكان
جلس الفريق تحت شجرة قريبة يلملم ما جمعه من شهادات، لكن النتيجة كانت واحدة: تضارب أقوال، تكتم واضح لعله جهل بالحقيقة أو خوف من الحديث، ومركز مغلق دون تفسير، لتبقى هوية الطبيب المجهول وسر إغلاق المكان أسئلة بلا إجابة.

الأكثر قراءة
-
إصابات خطيرة.. مباراة ودية تنتهي بمأساة في قرية بالمنوفية
-
طب الطوارئ.. بين الأولويات والتصورات الخاطئة
-
تفاصيل جديدة.. والدة ضحايا جريمة ديرمواس تروي علاقتها بزوجها و"هاجر" (انفراد)
-
خطأ في وجبة الإفطار يؤدي إلى قصر العمر.. تعرف عليه
-
أول صور للحظة تمثيل المتهمة بجريمة دير مواس بالمنيا لجريمتها.. (انفراد)
-
مصرع صغيرين غرقا في بحر يوسف بالفيوم
-
بـ"الوهم وقطرات من الخل".. خدع بسيطة لإبعاد الدبابير والحشرات عن منزلك
-
تذبذب أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة

أخبار ذات صلة
أمراض وطائرات ووحوش.. ألغاز فشل العلم في تفسير غموضها (فيديو)
06 سبتمبر 2025 01:37 م
تحذير من جرائم مرتبطة بـ ChatGPT.. ماذا يحدث داخل شركة "أوبن إيه آي"؟
06 سبتمبر 2025 08:34 ص
من "الدفاع" إلى "الحرب".. ماذا يريد ترامب من تغيير هوية "البنتاجون"؟
06 سبتمبر 2025 06:26 ص
الإمام البوصيري.. شاعر المديح النبوي وصاحب البردة الخالدة
04 سبتمبر 2025 09:37 م
أكثر الكلمات انتشاراً