السيسي يتحدث عن التهجير في قمة البريكس.. ويوجه رسالة هامة للعالم

الرئيس عبدالفتاح السيسي
هدير يوسف
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، عبر الوسائل الافتراضية، في القمة الاستثنائية لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء في تجمع "البريكس"، بالبرازيل، وذلك لمناقشة المستجدات الدولية الراهنة، وتبادل الرؤى حول التطورات العالمية، فضلاً عن بحث سبل تعزيز التنسيق بين دول التجمع لمواجهة التحديات المتسارعة التي تلقي بظلالها على الدول النامية بوجه خاص.
استعرض الرئيس السيسي خلال مشاركته في قمة "البريكس" عبر الوسائل الافتراضية، رؤية مصر لتعزيز التعاون والتنسيق بين دول التجمع، بما يسهم في التصدي للتحديات العالمية، وتحقيق الأولويات المشتركة، وعلى رأسها ترسيخ السلم، ودعم الاستقرار، وتعزيز الرخاء، وتحقيق التنمية المستدامة لشعوب دول البريكس.
ازدواجية فاضحة في المعايير
وألقى الرئيس بيانًا خلال الاجتماع، قائلاً: "لقد بات المشهد الدولي اليوم، غارقًا في ازدواجية فاضحة في المعايير، وانتهاك سافر لأحكام القانون الدولي، دون أدنى اكتراث أو مساءلة، في ظل إفلات ممنهج من العقاب، وتصاعد مقلق للنزعات الأحادية والتدابير الحمائية".
وأشار إلى أن هذا الانحدار يقوض أسس السلم والأمن الدوليين، ويعيد البشرية إلى أجواء الفوضى واللا قانون، ويكرس استخدام القوة، كوسيلة لفرض الإرادة وتحقيق المآرب، على حساب الشرعية والعدالة.
وأكد أنه لم يكن من المستغرب، في ظل هذا التراجع، أن تتفاقم الأزمات وتشتعل الصراعات وتندلع الحروب، وأن ترتكب جرائم مروعة من قتل وتدمير، ستظل وصمة عار لا يمحوها الزمن، تطارد من تلطخت أيديهم بها.
وأشار إلى أن هذا الواقع المتردي قد أضعف فاعلية العمل الدولي المشترك، وقيد قدرة الدول والمؤسسات الأممية على التصدي للقضايا الملحة، التي تستوجب أعلى درجات التنسيق والتعاون، موضحًا أن وضع مجلس الأمن الدولي يعد مثالًا صارخًا على ما آل إليه حال المجتمع الدولي، من عجز وتراجع، وهو ما انعكس سلبًا وبشكل مباشر على ثقة الدول في منظومة الأمم المتحدة، لاسيما في أداء مجلس الأمن ذاته.
وأوضح أن العديد من الدول دعت إلى المطالبة بإصلاح شامل لآليات عمل المجلس، بما في ذلك الدعوة الصريحة إلى إلغاء حق النقض "الفيتو"، ذلك الامتياز الذي تحول بمرور الزمن إلى أداة لعزل المجلس عن الواقع الميداني، وجعله عاجزًا عن أداء دوره المحوري في تسوية النزاعات ووقف الحروب، رغم كونه الهيئة الأممية المنوط بها حفظ السلم والأمن الدوليين.
الوضع الدولي المتردي
وأشار إلى أن التداعيات امتدت لهذا الوضع الدولي المتردي، لتطال مكتسبات النمو الاقتصادي العالمي، مهددة إياها بالانهيار، حيث يشهد العالم اليوم تباطؤًا ملحوظًا في معدلات النمو الاقتصادي، وتراجعًا في حركة التجارة الدولية، وتآكلًا في الاهتمام بقضايا التنمية والتمويل الإنمائي.
ويأتي ذلك في وقت تتسع فيه الفجوات التنموية والتمويلية والرقمية في الدول النامية، وتتفاقم أعباء ديونها، وتضعف قدرتها على النفاذ إلى مصادر التمويل الميسر، إلى جانب محدودية تأثير هذه الدول في منظومة عمل المؤسسات المالية الدولية.
وأكد أن أهمية تجمع "البريكس" تأتي من هنا باعتباره محفلاً دوليًا بارزًا، يشق طريقه بثبات نحو ترسيخ التعاون البناء بين دوله، انطلاقًا من مبادئ المنفعة والاحترام المتبادل، وتعزيز العمل متعدد الأطراف.
وأوضح أن اجتماعنا اليوم يكتسب أهمية استثنائية، إذ يشكل فرصة سانحة للتشاور، وتبادل الرؤى حول سبل تعميق التكامل بين دولنا، وتنسيق الجهود لتخفيف وطأة الأزمات الراهنة، بما يعزز من قدرة دول "البريكس" على الإسهام الفاعل في صياغة نظام دولي أكثر توازنًا وإنصافًا.
الحرب الإسرائيلية الغاشمة
وأكد الرئيس أن الحرب الإسرائيلية الغاشمة مستمرة على الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، وبالتوازي مع الانتهاكات السافرة التي يرتكبها الاحتلال في الضفة الغربية، بما في ذلك "القدس"، في واحدة من أخطر الصراعات، وأكثرها دلالة على ازدواجية المعايير، وانتهاك قواعد القانون الدولي.
وشدد الرئيس على أن إسرائيل دأبت منذ ما يقرب من عامين على ممارسة أبشع صور القتل والترويع، مستخدمة التجويع والحرمان من الخدمات الصحية كسلاح ضد المدنيين، مما أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، بلغت حد إعلان الأمم المتحدة حالة المجاعة في قطاع غزة.
وأشار إلى أن إسرائيل لم تكتفِ بذلك، بل مضت في توسيع عملياتها العسكرية، إمعانًا في تدمير مقومات الحياة بهدف إجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم، وتنفيذ مخطط التهجير القسري، وتصفية قضيتهم العادلة.
وأكد الرئيس مجددًا موقف مصر الثابت، والرافض بشكل قاطع لأية سيناريوهات تستهدف تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، تحت أية ذريعة، لما يمثله ذلك من محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، ووأد حل الدولتين، وتوسيع رقعة الصراع، وتهديد منظومة السلام في الشرق الأوسط.
فرض السيادة الإسرائيلية
وجدد إدانة مصر ورفضها التام لمحاولات فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وللمخططات الرامية إلى بناء مستوطنات جديدة بهدف تغيير الوضع القانوني والديموغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وفرض أمر واقع يقوض حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وأكد أن مصر بذلت جهودًا مضنية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى تمهيدًا لبدء ترتيبات اليوم التالي لإدارة القطاع وإعادة إعمار غزة.
وأشار إلى أن مصر أعدت خطة شاملة للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، حظيت باعتماد عربي وإسلامي، وتأييد واسع من الشركاء الدوليين، وهي الخطة التي أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن إعادة إعمار القطاع ممكنة مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم.
وأوضح أن مصر تعتزم فور التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة، لحشد الدعم والتمويل اللازمين لتنفيذ هذه الخطة الطموحة.
ودعا إلى دعم الجهود الجارية لإحياء مسار حل الدولتين، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها "القدس الشرقية"، بما يرسخ السلم والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم أجمع، بصورة عادلة ومستدامة.
عدد من الأولويات
وفي مواجهة هذا الواقع المقلق، أشار الرئيس إلى عدد من الأولويات التي نرى ضرورة الأخذ بها:
أولًا: تعميق التشاور بين دول التجمع حول القضايا ذات الاهتمام والأولوية في مختلف المجالات، بما يتيح فهمًا أدق لمواقف كل دولة وشواغلها، ويسهم في تقريب وجهات النظر، والتوصل إلى أرضية مشتركة، تعزز من فاعلية "البريكس" على الساحة الدولية.
ثانيًا: حتمية توظيف الميزات النسبية التي تزخر بها دولنا، في إطلاق مشروعات مشتركة في القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الطاقة الجديدة والمتجددة، والبنية التحتية، والصناعات التحويلية، والزراعة، والبحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تعزيز التعاون بين القطاع الخاص في دولنا.
ثالثًا: توسيع آفاق تعاوننا الاقتصادي والمالي، لاسيما بتسوية المعاملات التجارية والمالية بين دولنا باستخدام العملات المحلية، ودعم توفير التمويل من خلال بنك التنمية الجديد بالعملات الوطنية.
رابعًا: تكثيف التنسيق بين دول التجمع حول إصلاح الهيكل المالي العالمي، ومعالجة إشكالية الديون، ودعم توفير الحيز المالي للدول النامية ونفاذها للتمويل الميسر، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز تمثيل الدول النامية في حوكمة المؤسسات المالية الدولية، وعملية صنع القرار بها.
خامسًا: دفع التعاون في مواجهة تداعيات تغير المناخ، ورفض السياسات الأحادية التي تتخذها بعض الدول تحت ذرائع بيئية، مع التأكيد على ضرورة وفاء الدول المتقدمة بالتزاماتها في تمويل جهود الحفاظ على المناخ، وتوفير أدوات التنفيذ للدول النامية، من تمويل وتكنولوجيا وبناء قدرات، بما يمكنها من تحقيق أهدافها المناخية.
وفي هذا الإطار، نتطلع إلى استضافة البرازيل للدورة الثلاثين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ في نوفمبر المقبل، باعتبارها محطة مفصلية لدفع هذه القضايا الملحة، التي تمس مصالح الدول النامية بشكل مباشر.

الأكثر قراءة
-
بلاغ ضد "بوجي" المتعافي من الإدمان بتهمة بيع كليته
-
نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2025.. الموعد ورابط الحصول عليها
-
مستندات.. ملاك الإيجار القديم يختصمون "معالي الوزير" أمام القضاء
-
"أنظمة رقمية وتجهيزات متطورة" في عيادات التأمين الصحي لخدمة المواطنين
-
إسبانيا تعتدي "كرويا" على تركيا بسداسية في عقر دارها
-
فلاح من المنوفية!
-
الكائن المرموط| خارج حدود الأدب
-
لماذا جرى نقل أسِرّة وحضّانات من وحدة الضبعية الصحية بالأقصر؟

أخبار ذات صلة
أسامة قابيل: البيت منارة للسكينة والمرأة شريكة في إدارته
08 سبتمبر 2025 08:11 م
شراكة بين "التضامن" و"العمل" و"صناع الخير" لدعم قرى الغربية بمبادرة "تمكين"
08 سبتمبر 2025 07:49 م
الأزهري: تجديد الخطاب الديني صناعة ثقيلة ويحتاج لفهم الواقع وتحدياته
08 سبتمبر 2025 07:32 م
طفل مصاب بـ"السرطان" يحلم أن يصبح طبيبا.. ووزير الصحة: "كلنا مستنيينك"
08 سبتمبر 2025 04:39 م
إعلان نتائج مدارس STEM والنيل وبدء مرحلة تقليل الاغتراب.. رابط مباشر
08 سبتمبر 2025 07:24 م
رئيس الطائفة الإنجيلية: الوعي شرط أساسيّ لتحقيق أهداف التنمية
08 سبتمبر 2025 07:19 م
"مترو الأنفاق" توضح تفاصيل حادث سقوط كرسي متحرك بمحطة مسرة
08 سبتمبر 2025 07:15 م
تأييد حكم السجن 15 عامًا على الأب المتهم بقتل ابنته في البحيرة
08 سبتمبر 2025 07:11 م
أكثر الكلمات انتشاراً