عمال مسابك الإسكندرية.. رحلة القابضين على جمر النار ترفض الاندثار
العمل في مسابك النحاس
"شمس ملتهبة وحر وحرور فوق الرؤوس".. كلمات قد لا تلخص أجواء الصيف في الإسكندرية حيث عمليات بحث لا تنتهي عن مأوى، لكن عمال مسابك النحاس جنتهم في هذا الصيف مجرد حجرات ترابية في أحد الأزقة حيث العمل الدءوب في مهنة أقل ما توصف بأنها شاقة وخطيرة.
يعيش عامل المسابك بين نارين، قابضًا على لهيب النار وفي مواجهة ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، في مهنة باتت في تعداد المنقرضة تواجه تحديات عدة بين قلة العمالة الجديدة ومنافسة المنتج المستورد وضعف الاهتمام بالمهنة الشعبية المعروفة منذ الأزل.

مهنة انقرضت بسبب مشاقها
ومسابك النحاس، واحدة من المهن التي يمكن القول إنها اندثرت، بعد أن عزف عنها العمال والصناع، نظرا لغزو المنتج المستورد للبلاد، إلا أن بعض تلك المسابك وخصوصًا في الإسكندرية، ظل يحمي عرين هذه المهنة.
في غرب الإسكندرية نجح رجب عبد العزيز الشهير بـ"عم رجب" رفقة عماله، في هزيمة المنتج الصيني، بسواعد مصرية تحفها حرارة الجو المرتفعة، وآلاف الدرجات الإضافية المنبعثة من أفران المسبك.

من الرمل يخرج الصلب
وقال رجب عبد العزيز، “أمتلك مسبكًا في منطقة اللبان بغرب الإسكندرية، وقد بدأت العمل في مجال سبك المعادن وتشكيلها في القوالب الرملية منذ أن ورثت هذه الحرفة عن والدي”.
وتابع: “على مدى أكثر من 40 عامًا، أتقنت هذه المهنة، إنها ليست مجرد حرفة تقليدية، بل هي فن يتطلب تراكم الخبرات، ومهارة، وإبداع الصانع”.
وأضاف أن سر إتقان هذه المهنة يكمن في الصبر، والدقة، والاهتمام بأدق التفاصيل، من أجل إنتاج قالب دقيق يراعي جميع تفاصيل الشكل المراد تنفيذه.
كلمة السر في الطمي الرشيدي
أمام منضدة حديدية، يعلوها الطمي الرشيدي، يقف عم رجب، ويقوم بإزالة الطمي عن الأشكال النحاسية، التي تم سبكها منذ دقائق، الدخان يفوح من تحت الطمي، ودرجة حرارة النحاس تصل إلى 2000 درجة مئوية.
“صناعة القطع النحاسية تمر بسلسلة من المراحل التي تظهر مهارة الحرفي ودقته، وتبدأ هذه العملية بتصميم الشكل المطلوب، يليها إعداد القالب الرملي، وهي مرحلة حاسمة لضمان دقة المنتج النهائي” هكذا وصف “عم رجب” عملية صناعة المسابك.
“عم رجب” أشار إلى وجود مرحلة هامة قبل تصنيع الأشكال النحاسية، وهي تجهيز النحاس الخام، حيث تبدأ هذه المرحلة بجمع خردة النحاس وإعادة تدويرها، عبر فرز النحاس عن المواد الأخرى ثم تقطيعه إلى قطع صغيرة لتسهيل عملية الصهر.
بعد ذلك، يتم صب النحاس المنصهر بحذر في القالب الرملي، مع ضمان ملء كل التفاصيل بدقة، ثم يتم تسخين النحاس في أفران خاصة حتى يصبح سائلًا قبل صبه. يترك القالب ليبرد ببطء حتى يتصلب النحاس، ومن ثم يكسر القالب الرملي لاستخراج القطعة النحاسية المصبوبة.
وبحسب “عم رجب” تأتي المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة إنهاء العمل على القطعة النحاسية، التي تعتبر من أهم المراحل في صناعة الأشكال النحاسية، لضمان حصول المنتج على اللمسات النهائية المطلوبة.
فجأة توقف “عم رجب” عن الحديث بمجرد أن شاهد عامل الفرن أثناء خروجه من "حجرة النار" ثم عاود حديثه قائلًا: أعلم أن دوره قد حان للوقوف أمام الفرن فلكل فرد في المسبك عدد ساعات معينة للوقوف أمامه، يرتدي ملابس قطنية بأكمام طويلة، تقي جسمه من حرارة النار، يذهب ويمسك "الكوشك" بحذر، وهي أداة تشبه الملعقة، ثم يقوم بتقليب النحاس المنصهر بها.
ثم يخرج النحاس المنصهر كالماء تمامًا من الفرن، ويسكبه في القوالب، ويبدأ العمال بحملها بعيدًا عن النار حتى يتسنى لها أن تتشكل.

درجات حرارة تضاهي أفران الحديد
ثم يستطرد حديثه قائلًا، توضع قطع النحاس في أفران تتراوح درجة حرارتها بين 1300 و2000 درجة مئوية لتحويلها إلى سائل، أثناء عملية الصهر، وتطفو الشوائب على سطح المعدن المنصهر، بينما ينزل النحاس النقي إلى القاع، وفي هذه المرحلة تتم إزالة الشوائب من السطح لضمان الحصول على نحاس نقي وجاهز للاستخدام في المراحل اللاحقة من التصنيع.
وبعد أن يتم صهر النحاس يتم استخدام "الكوشك" لرفع قطع النحاس المنصهرة من الأفران وسكبها في القوالب الرملية، بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الرمال الصفراء المضغوطة في صناعة هذه القوالب، وتأتي خصيصًا لهذا الغرض من القاهرة ورشيد.
الإسكندرية تواجه المنتج الصيني
منتجات المسبك التي أصبحت تنافس المنتجات الصينية المستوردة، هي نفسها الحلي النحاسية المستخدمة في صناعة الأساس، والتماثيل التي تزين القصور والفيلات والمنازل الفارهة، وهي عنصر أساسي أيضًا في صناعة أي أشكال نحاسية تتم في الاستخدامات المختلفة، للتكنولوجيا والمعمار والزينة.
الأكثر قراءة
-
بالمستندات، نص التحقيقات مع مديرتي مدرسة الإسكندرية في الاعتداء على 14 طفلًا
-
موعد مباراة بيراميدز وفلامنجو في كأس التحدي والقنوات الناقلة
-
بعد صور متداولة، حقيقة تدهور الحالة الصحية للفنانة عبلة كامل
-
منها إهمال الصيانة، حالات تتيح للمالك فسخ عقد الإيجار القديم
-
نائب محافظ الأقصر يزور مصابي انهيار منزل إسنا ويواسي أسر الضحايا
-
عميد طب قصر العيني يدعو إلى تصنيع أول جهاز ECMO مصري
-
"كميات محدودة"، الحكومة تعلق على تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف الكبير
-
"صرخة على السلم"، زوجة شقيق المتهم بقتل عروس المنوفية تكشف تفاصيل آخر 60 دقيقة
أخبار ذات صلة
آخرهم صلاح| "أيقونة وصفقة الصيف ومشاجرة"، حروب النجوم داخل الأندية
13 ديسمبر 2025 08:36 م
بعد حمزة عبدالكريم، 4 لاعبين مصريين "ضلوا الطريق" إلى برشلونة وريال مدريد
13 ديسمبر 2025 02:29 م
عام الزلزال، كيف قلب ترامب "طاولة واشنطن" في 12 شهرًا؟
12 ديسمبر 2025 09:11 م
من الفشن إلى "الأثير".. مسيرة الشيخ طه الفشني
12 ديسمبر 2025 02:24 ص
أخفت إسلامها 20 عامًا وهاجمت معجبين متجاوزين، من هي دومينيك حوراني؟
11 ديسمبر 2025 01:23 م
"الدولي غير الدوري"، منتخب مصر لكل من هب ودب
09 ديسمبر 2025 05:23 م
بلغ 14.9 تريليون جنيه، هل تجاوز الدين العام الحدود الآمنة؟
09 ديسمبر 2025 04:16 م
القاهرة بدأت الفكرة، هل تسير المحافظات على نهج العاصمة في إيواء الكلاب الضالة؟
09 ديسمبر 2025 02:40 م
أكثر الكلمات انتشاراً