الأربعاء، 10 سبتمبر 2025

11:41 م

من وسام إلى مادة للسخرية.. عُقدة الطبقية تطارد أبناء الريف بلقب "فلاح"

الفلاح المصري-أرشيفية

الفلاح المصري-أرشيفية

في مجتمع تشكل على ضفاف النيل، كان للفلاح دائمًا نصيب الأسد من الخضرة والهواء النقي والعمل في زراعة الأرضي وإعمارها، غير أن المفارقة المؤلمة تكمن في تحول هذا الأصل النبيل إلى مادة للسخرية والتنمر، بعدما أصبحت كلمة "فلاح" تستخدم كلقب انتقاصي، أو مادة للسخرية والإهانة في الحياة اليومية.

الفوارق الطبقية

محافظات دلتا النيل مثل الغربية والدقهلية والمنوفية والشرقية ودمياط وكفر الشيخ، لطالما عرفت بخصوبة أرضها وكفاح أبنائها، وقد أنجبت قادة ورؤساء ورجال علم، ومع ذلك، يجد شبابها أنفسهم في المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية عرضة للوصم أو التهكم على أصولهم الريفية، في انعكاس لميراث اجتماعي طويل من الفوارق الطبقية.

يا فلاح يا بتاع المنوفية

ولعل خير مثال ما حدث مع الفود بلوجر أدهم سنجر، عندما ظهر في فيديو يتعرض للسب من رجل مسن بألفاظ خادشة من بينها “يا فلاح يا بتاع المنوفية، بتخبطني؟!”، ما أثار موجه من الغضب من قبل أهالي محافظة المنوفية وغيرهم من محافظات الوجه البحري، وحتى القبلي.

وصمة مجتمعية

وتقول الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري الإرشاد النفسي والأسري لـ"تليجراف مصر"، إن استخدام كلمة "فلاح" كسبّة يحمل أثرًا نفسيًا عميقًا يشبه السهم المسموم، موضحة أن تكرارها يرسخ شعور بالدونية والعار تجاه اللقلب ويؤثر على ثقة الفرد بنفسه، باعتبار لقب فلاح وكأنه وصمة مجتمعية تشير للطبقات الدنيا من المجتمع أو الأقل ثقافة، بينما كان اللقب في الماضي وسام على قلب المكافحين.

وأضافت: “أحيانًا يأتي هذا التنمر في صورة مزاح، لكنه في الحقيقة يخلف جروحًا نفسية عميقة، ويعكس نطرة دونية غير مبررة”.

وترى عبدالله أن الظاهرة تعكس ثقافة التنمر اللفظي المنتشرة في المجتمع، حيث يسعى البعض إلى جرح الآخر وانتزاع هويته، بتجنب منادته باسمه، واستبدال ذلك بنداء “يا فلاح” أو “يا منوفي”.

دكتور إيمان عبد الله

علامة للكفاح والشرف

وأكدت أهمية الاعتزاز بالأصول الريفية أو الصعيدية، والتعامل مع مثل هذه المواقف بثقة واختيار الرد المناسب، بدلًا من السماح لها بأن تترك أثرًا سلبيًا، فالفلاح رمز للكفاح والعمل والإنتاج في مصر، مشددة على ضرورة إعادة اعتبار الكلمة وتحريرها من دلالاتها السلبية، لاستعادة معناها الأصلي كعلامة للكفاح والشرف.

search