الثلاثاء، 09 سبتمبر 2025

02:32 ص

فلاح من المنوفية!

أحب أعرفكم بنفسي، "أنا فلاح من المنوفية" وأفخر بانتمائي إلى هذه المحافظة الرائعة التي قدم أبناؤها مع بقية أفراد هذا الشعب الكريم، الكثير إلى بلادهم، وانتمى إليها كثير من الرؤساء والقادة والمسؤولين والعلماء والفنانين والرياضيين، والمبدعين في كل المجالات بما فيها "الفلاحة" أو الزراعة..

أستهل مقالي بذلك، معلقاً على فيديو انتشر مؤخراً على منصات التواصل الاجتماعي، لشخص تطاول بحدة على آخر، ووجه إليه شتائم وألفاظ نابية، أعتقد أن معظمكم شاهده وسمعها، لكن سأتوقف معكم عند أخطاء أو ملاحظات بارزة في هذا المشهد العبثي الذي لا نتمنى تكراره.. 

أولاً، تقصيت عن الواقعة، وعلمت أن الشخص الذي ظهر في الفيديو "رجل قانون" وهذا أمر صادم من وجهة نظري، فمن المفترض أنه يدرك جيداً أن أخذ الحق يجب أن يكون بالقانون وليس بالتطاول أو الاعتداء في طريق عام.

ثانياً، لم تقتصر إساءته إلى السائق الآخر فقط، بل استخدم عبارات تمييزية طبقية، لا يمكن قبولها أو التجاوز عنها، حين قال له محقراً "فلاح من المنوفية" فأساء إلى فئة عظيمة يمثل أبناؤها أصل هذه الأرض الطيبة، وهم الفلاحين.

كما تجاوز ضد أهل المنوفية، وهذا وإن كان لا يستحق الرد عليه شخصياً، لكن من الضروري التصدي بحزم للنزعة الطبقية التي تسيطر على كثير منا، حتى أصبحت محل تندر واستخفاف سمج، يظهر في مئات الفيديوهات والمنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي التي تعكس قدراً كبيراً من التعالي، وتقسم الوطن إلى قسمين "إيجيت" التي يسكنها الأغنياء وأصحاب المناصب العليا، ومصر التي يستوطنها الفقراء و"الفلاحين!

بكل أسف شديد، نحن نتفنن في التجبر على غيرنا، وكلما أوتي أحدنا نفوذاً أو مالاً يتفرعن على من هو أضعف منه، ويمكن أن نلمس ذلك في كل مكان، ولا حل لذلك سوى تفعيل قوانين رادعة ضد التمييز والطبقية!

ثالثاً، الحكم عن جهل على محتوى الفيديو الذي وصل إلينا، فما شاهدناه كفيل بإثارة حالة غضب عارمة ضد الشخص الذي سب وضرب السائق الآخر، دون أن نتقصى عن سبب المشكلة، وما الذي أوصله إلى هذه الدرجة من الحدة والغضب..

وثمة رواية بأن الطرف الذي صوّر الواقعة، بلوجر معروف، تعمد استفزاز "رجل القانون" وتصويره لحاجة في نفس يعقوب، ربما طمعاً في الانتشار وتحقيق ملايين المشاهدات، مثل غيره من المؤثرين المستعدين لفعل أي شيء من أجل الشهرة وزيادة عدد المتابعين، ومن ثم أربأ بنفسي وبكم أن نتجنى على أي من الطرفين قبل انتهاء جهات التحقيق مع عملها.

رابعاً، النيابة العامة أعربت عن تقديرها أخيراً لتفاعل أفراد المجتمع مع محيطهم من خلال توثيق كثير من الجرائم والتجاوزات التي تم التعامل معها بناء على فيديوهات وصور وصلت من الناس، لكن النيابة حذرت -في المقابل- من مغبة النشر دون الحصول على تصريح مسبق، لأنه جريمة في ذاته، وفعل كريه يستدعي محاسبة صاحبه، إذ يمثل انتهاكاً لخصوصية الآخرين، وإثارة الحقد والكراهية.

ومن ثم أنا مع محاسبة طرفي الواقعة بـ"القانون" وليس بالعضلات أو اللسان، فحين تسود العدالة لا يمكن أن يحدث تمييز بين أي من طبقات المجتمع، سواء كانوا أصحاب ياقات بيضاء أو فلاحين وعمال!

أخيراً، أشكر وزارة الداخلية على تفاعلها السريع والحاسم مع كل ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي، وردع كل من يسيء إلى مصر وشعبها بالقبض على كثير من صانعي الوضاعة والابتذال والمحتوى الخادش للحياء.
 

search