ليسوا رجالاً.. وكلنا شركاء في الجريمة!!
ثلاث زوجات قتلن في أقل من شهر، ثلاث شابات دفنّ في عمر الوعود، ثلاث جرائم متوالية، ومع ذلك نتعامل وكأن الموت داخل عش الزوجية أصبح خبرًا اعتياديًا لا يستحق سوى مصمصمة الشفاة والحوقلة والدعاء لهن على عجل بالرحمة!
هذه الجرائم ليست فردية، لكنها جرس إنذار يصم الآذان، ورغم ذلك يختار أغلب من في المجتمع ألا يسمعوه!
القاتل في هذه الحالات ليس بلطجياً أو مجرماً يلاحق النساء، لكنه "الزوج" الرجل الذي ينام على السرير ذاته، ويأكل معها على الطاولة نفسها، ويفترض أن يكون لها درع الحماية والأمان، لكنه يتحول إلى مصدر التهديد الأكبر!
كثير منه لديه بنات في أعمار مختلفة، وبدلاً من أن نناضل من أجل حمايتهن، وتحصينهن ضد هذه المخاطر، نختار الصمت والنكران، لنكون شركاء في هذه الجرائم!
هناك عوامل أساسية تؤدي إلى تكرار مثل هذه الجرائم الخسيسة، أولها ثقافة ذكورية تعطي الأولوية والقوامة للابن على البنت طوال فترة التربية، فنربي الذكور على العنف، بينما نربي الفتيات على الصمت،
ثقافة منحطة تقول للولد، اضربها حتى تهابك، وصوتك العالي رجولة، وزوجتك ملك، فيما تقول للفتاة، تحلي واصبري، واستري على زوجك وبيتك، ولا تفكري في الطلاق فهو عار وخزي وتهديد!
العامل الثاني، يتمثل في غياب الحصانة القانونية للمرأة، فلا توجد ملاجئ قانونية للمرأة حال تعرضها للتهديد، أو أوامر فورية بابتعاد الزوج، أو رقابة عليه ورادعاً لسلوكياته وعنفه.
بكل أسف نحن ننتظر وقوع الجريمة حتى نشجب ونؤيد ونتحرك في أماكننا، وكأن العدالة تفيد بعد الموت، بالله عليكم المرأة تحتاج إلى الحماية وليس القصاص!
العامل الثالث بالغ السوء والتردي، أن لدينا مجتمع يشرعن العنف ويبرره بل ويلوم الضحية، فهناك دائماً من يقول، أكيد استفزته، أكيد خانته أكيد غلطت، فنحن أسوأ من يشيطن المجني عليها ويحولها إلى متهمة، ولعل واقعة نيرة أشرف ضحية زميلها في جامعة المنصورة الذي قتلها جهاراً نهاراً في الشارع أسوأ شاهد على ذلك، فحتى الآن هناك من يبرر للقاتل، بل كثيرون تطوعوا للدفاع عنه، وجمعوا له التبرعات!!
ومن العوامل كذلك، إعلام تافه يطارد الترند وليس الحقيقة، وبدلاً من مواجهة العنف، يركز على توافه منها" كانت لابسة إيه وقت الحادث" ماذا فعلت لتدفعه إلى قتلها؟!
لماذا تموت النساء بهذه الطريقة؟، الإجابة تتمحور حول العوامل السابقة وأسباب أخرى مردها إلى أن حياة النساء لا تزال تعامل من قبل الكثيرين كشيء يمكن التضحية به، من أجل السمعة والشكل الاجتماعي، ولم الموضوع، والحفاظ على بيت لا يستحق من الأساس الحفاظ عليه!
حتى تتحقق العدالة، يجب أن نوفر حلولاً وإجابات لتساؤلات مهمة، مثل، لمن تلجأ المرأة التي تخاف من زوجها؟!
فحين تلجأ إلى أهلها يلومونها، والشرطة تعتبر ما يحدث مجرد خناقة زوجية، والمجتمع سوف يحاكمها قبل الجاني!
إنها ببساطة معركة غير عادلة، امراة تقف وحدها في مواجهة رجل وأهل ومجتمع كامل؟
الحل ليس وعظاً أو منشوراً أو ترند نشارك فيه، بل يجب أن يكون سياسياً وثقافياً، ويتطلب إرادة حقيقية وليس شكلياً!
من الضروري وجود قانوني أسري فوري وناجز، يجرم العنف، ويمنع الزوج من الاقتراب من ضحيته، لينقذ الأرواح قبل دفنها،
كما يجب توفير مأوي للنساء ضحايا العنف، تكون مجهزة ومدعومة، وليس مجرد غرفة في جمعية خيرية،
من الضروري وجود شرطة مختصة لديها آليات تدخل سريعة وقوية، تتحرك فور تلقي البلاغات، وتتعامل مع كل أنواع الاعتداء على المرأة حتى لو كانت لفظية، فعظيم النار يأتي من مستصغر الشرر!
والأهم من كل ذلك، كسر الصمت المجتمعي، فالعنف ليس شأنا عائلياً، لكنه جريمة حتى لو حدثت داخل غرفة النوم.
من الضروري أن نربي أبناءنا كيف يكونوا رجالاً وليسوا ذكوراً، فالرجل لا يعتدي على زوجته، أو يستضعفها ويقمعها ويهينها ويذلها حتى لو كان هو مصدر الإنفاق عليها.
كما يجب أن يكون للمدارس دور في ذلك، فتعلم التلاميذ من الصغر، ضبط النفس، واحترام المرأة، وحل الخلافات بالعقل والأدب والاحترام.
النساء لا يقتلن لأنهن ضعيفات، فالمرأة المصرية جبل، تتحمل ما لا يطيقه غيرها، تعمل وتربي وتراعي في صمت ودأب وإيثار.
النساء يقتلن لأننا لا زلنا نسمح للقاتل بأن يكون قوّاماً قوياً، ونبرر له، وندافع عنه، ونصوب سهامنا على ضحيته لأنها الحلقة الأضعف!
الأكثر قراءة
-
من "المدفعجي" إلى الرحيل المفاجئ، قصة الساعات الأخيرة لمحمد صبري
-
المدفعجي محمد صبري، ابن الزمالك البار الذي لعب مع جيل العظماء
-
ليسوا رجالاً.. وكلنا شركاء في الجريمة!!
-
سمير فرج: افتتاح طريق الكباش جعل الأقصر أكبر متحف مفتوح بالعالم
-
وفاة محمد صبري لاعب الزمالك السابق في حادث تصادم
-
مواقيت الصلاة في مصر اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025
-
بعد إعلان موعد الزفاف، من هو خطيب حورية فرغلي؟
-
تعادل مثير يحسم مواجهة العراق والإمارات في ذهاب ملحق المونديال
مقالات ذات صلة
من الورقة الدوارة إلى المرشح الفضائي.. هل ينتصر الناس لمن يستحقهم؟
09 نوفمبر 2025 02:11 م
بعث جديد من قلب مصر.. نحن أولاد الأصول
31 أكتوبر 2025 03:28 م
يوم حزين.. ويوم سعيد
27 أكتوبر 2025 07:34 م
لم يعد سرًا.. فاستقيموا!
23 أكتوبر 2025 06:42 م
أكثر الكلمات انتشاراً