الإثنين، 15 سبتمبر 2025

07:24 م

القمح يزيح البنجر.. هل ينذر رغيف العيش بـ"أزمة سكر"؟

بنجر السكر

بنجر السكر

أثار قرار رئاسة مجلس الوزراء بخفض سعر توريد بنجر السكر في الموسم المقبل إلى 2000 جنيه للطن، بدلًا من 2400 جنيه في الموسم الماضي، حالة من الجدل بين المسؤولين والعاملين في صناعة السكر. 

وبينما ترى الحكومة أن القرار يهدف إلى إعادة هيكلة المساحات المزروعة، ونقل زراعة البنجر إلى الأراضي الجديدة لإتاحة مساحات في الدلتا لزراعة القمح، اعتبره آخرون خطوة غير واضحة قد تهدد الاكتفاء الذاتي من السكر وتدفع المزارعين للعزوف عن زراعته، ما يفتح الباب أمام زيادة الاستيراد لتغطية احتياجات السوق المحلية.

توفير مساحات لزراعة القمح 

وقال رئيس مجلس المحاصيل السكرية، الدكتور مصطفى عبدالجواد، إن العام الماضي شهد مساحات كبيرة منزرعة بمحصول بنجر السكر، موضحًا أن قرار تخفيض سعر التوريد جاء بهدف توفير مساحات في أراضي الدلتا لزراعة القمح بدلًا من البنجر، مع نقل زراعة البنجر إلى الأراضي الجديدة.

وأضاف عبدالجواد، في تصريحاته لـ"تليجراف مصر"، أنه سيتم نقل جزء كبير من المساحات المنزرعة بالبنجر إلى الأراضي الجديدة، على أن تقتصر المساحات المزروعة في أراضي الدلتا على 400 ألف فدان فقط، مؤكدًا أن خفض سعر التوريد لن يؤثر على إقبال المزارعين على زراعة البنجر.

رئيس مجلس المحاصيل السكرية، الدكتور مصطفى عبدالجواد

وأوضح أن المساحة المزروعة بالبنجر في الموسم الزراعي الحالي بلغت 750 ألف فدان، مقارنة بـ600 ألف فدان العام الماضي، مشيرًا إلى أنه لو استمر سعر التوريد المعمول به في الموسم الماضي، لكانت المساحة مرشحة للوصول إلى 900 ألف فدان، وهو ما لا ترغب الدولة فيه، إذ تسعى إلى تحجيم زراعة البنجر وعدم التوسع فيها.

وأكد رئيس مجلس المحاصيل السكرية أنه لا حاجة لزراعة المزيد من البنجر، لأن زيادة المساحات عن حد معين تتجاوز قدرة المصانع على الاستيعاب، ما يؤدي إلى تلف المحصول، حيث يتعرض البنجر للتعفن ولا يصبح صالحًا للاستخدام.

وكشف عبدالجواد أن إنتاج هذا العام من السكر بلغ 2.3 مليون طن من بنجر السكر، و600 ألف طن من قصب السكر، ليصل الإجمالي إلى 2 مليون و950 ألف طن، إضافة إلى 250 ألف طن يتم إنتاجها من المحليات، ليصبح إجمالي الإنتاج نحو 3.2 مليون طن، في حين يبلغ استهلاك مصر حوالي 3.4 مليون طن.

وأشار إلى أن مصر تنتج أكثر من 95% من احتياجاتها من السكر، ويتم استيراد النسبة المتبقية لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

قرار غير واضح وغير مفهوم

من جانيه يري رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية، حسن الفندي،  أن قرار خفض سعر توريد بنجر السكر غير واضح وغير مفهوم، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر سواء كان صناعيًا أو خامًا، وهو ما يستدعي الحفاظ على مساحات الأراضي المزروعة، والاستمرار في العمل بأسعار التوريد التي تم وضعها العام الماضي، والتي أسهمت في زيادة محصول البنجر وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وأضاف الفندي، في تصريحاته لـ"تليجراف مصر"، أن قرار خفض سعر التوريد سيدفع المزارعين إلى التوجه لزراعة محاصيل أخرى، مما سيؤدي إلى تراجع إنتاج البنجر وبالتالي انخفاض إنتاج السكر، الأمر الذي قد يضطرنا إلى الاستيراد من الخارج لتغطية احتياجات الاستهلاك المحلي.

رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية، حسن الفندي

وتساءل الفندي: "لماذا نتجه إلى تخفيض سعر التوريد بدلًا من العمل على زيادة الإنتاج، وتحقيق فائض يسمح لنا بالوصول إلى الاكتفاء الذاتي، بل والتوجه نحو التصدير أيضًا؟".

وأكد أن الفترة الأخيرة شهدت وفرة في إنتاج السكر واستقرارًا في الأسعار، موضحًا أن أي تحركات طفيفة في الأسعار تُعد أمرًا طبيعيًا ويحدث مع أي سلعة في السوق.

وأشار الفندي إلى أن إنتاج مصر من السكر حاليًا يبلغ 2.8 مليون طن، بينما يتم استيراد نحو 400 ألف طن، ليصل إجمالي المتاح إلى 3.2 مليون طن، وهو ما يعادل الاستهلاك المحلي، لافتًا إلى أن إنتاج الموسم الحالي مرشح لأن يغطي الاستهلاك بالكامل دون الحاجة إلى استيراد.

إتاحة المساحة لمحاصيل استراتيجية أخرى

من جانبه قال نقيب الفلاحين، حسين أبوصدام، إن قرار خفض سعر توريد بنجر السكر جاء في الوقت المناسب وقبل بداية الموسم الزراعي الجديد، موضحًا أن سعر التوريد السابق كان مرتفعًا جدًا، ما دفع المزارعين إلى زراعة مساحات أكبر من المتعاقد عليها، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة، أبرزها تأخر حصول العديد من المزارعين على مستحقاتهم حتى الآن.

وأضاف أبوصدام في تصريحاته لـ"تليجراف مصر" أن خفض المساحة المنزرعة من البنجر سيسمح بالتحكم في الإنتاج وزراعة محاصيل استراتيجية أخرى مثل القمح، نظرًا لأن مصانع السكر لها طاقة استيعابية محدودة، موضحًا أن بنجر السكر لا يستخدم إلا في صناعة السكر ولا يمكن بيعه في السوق الحر، وبالتالي فإن زيادة المساحات المزروعة تتسبب في مشاكل كبيرة عند فائض الإنتاج.

نقيب الفلاحين، حسين أبوصدام

إنتاجية الفدان

وأشار إلى أن هناك أنواعًا مختلفة من بنجر السكر، منها وحيد الأجنة وعديد الأجنة، موضحًا أن إنتاجية الفدان الواحد تتراوح بين 20 و50 طنًا، حسب جودة الأرض ومستلزمات الإنتاج.

وأوضح نقيب الفلاحين أن إنتاج طن واحد من السكر يحتاج إلى نحو 7 أطنان من بنجر السكر، مضيفًا أن كل 1.8 طن من البنجر ينتج تقريبًا ربع طن من السكر، بما يبرز أهمية ضبط المساحات المزروعة لتحقيق التوازن بين الإنتاج والقدرة التصنيعية للمصانع.

search