الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

05:54 ص

أزمة رضا المواطن عن الخدمات الصحية.. بين ثقافة التلقي وضغط الإمكانات

بعد السلام والتحية؛ منذ سنوات طويلة والعبد الفقير إلى الله، يهتم بأمر الصحة والطب وحق كل مواطن في التطبيب، والحصول على تأمين صحي شامل بالمجان.

يبدو الحديث عن رضا المواطن عن الخدمات الصحية في مصر أمرًا معقدًا، بل يكاد يكون مستحيلًا في ظل الواقع الحالي. 


المشكلة لا تقتصر على قصور الموارد أو كثافة الضغط على المستشفيات، بل تتعداها إلى فجوة واضحة بين مقدمي الخدمة ومتلقيها، تتداخل فيها الثقافة الصحية لدى المواطن مع التحديات الهيكلية التي تواجه المنظومة.

المواطن في كثير من الأحيان يفتقر إلى الثقافة الصحية، فيتعامل مع بعض الإجراءات التنظيمية باعتبارها قيودًا لا داعي لها فالانتظار في العيادات يصبح شكوى متكررة، والالتزام بالتعليمات الطبية يُنظر إليه وكأنه عبء، وحتى تحديد عدد المرافقين للمرضى يثير تذمرًا، سواء من “البهوات”، أو عامة الناس ويصر الكثيرون على زيارة مرضى العناية المركزة في أي وقت، رغم خطورة الأمر.

إذا أردنا أن نضرب مثالًا عمليًا، يمكن النظر إلى مستشفى الهرم، حيث يتجاوز عدد المترددين على العيادات الخارجية يوميًا 700 إلى 1000مريض، في حين أن الطاقة الاستيعابية الحقيقية لا تتجاوز 500 تذكرة يوميًا، هذا الضغط الهائل يجعل وقوع الشكاوى أمرًا متوقعًا، بواقع 28 عيادة علاجية يوميا.

وفي الواقع عزيزي المواطن لو تصورنا ان المترددين 1000 مريض ومعهم 1000 مرافق فانه بهذا المنطق لايمكن القضاء علي الزحام بسهولة ويسر، بينما نجد ان عدد اسرة الطواريء تبلغ 19 سريرا ومعدل التردد يبلغ 200 حالة او يزيد دون مرافقين فكيف السبيل الي حل تلك المعضلة، دون تتوعية الناس او تبصرتهم بذلك. 

وفي قسم الطوارئ بمستشفى الخانكة، نجد 20 سريرًا فقط، بينما يصل عدد الحالات المترددة يوميًا إلى نحو 90 حالة، فكيف يمكن تحقيق الرضا في ظل هذا التفاوت الكبير بين الإمكانات والاحتياجات؟ لا عجب إذن أن يشعر بعض المرضى بالإهمال، أو أن يصفوا أنفسهم بأنهم “مُلقون” بلا رعاية كافية، رغم أن الفريق الطبي قد يكون طلب لهم الفحوصات اللازمة، وأجرى التدخلات الطبية الممكنة.

ويبلغ بحسب معلومات الفقير الي الله عدد اسرة العيادة الخارجية بالمستشفي 15 عيادة يتردد عليها ما يزيد عن ال 700 متلقي خدمة، هذه الحقائق يجب ان يتم توعية الناس بحقيقة الامر في تقديم الخدمات الطبية بين الواقع والمامول. 

هذه الأمثلة تعكس فجوة حقيقية بين مقدمي الخدمة ومتلقيها، وهي فجوة تحتاج إلى إصلاح شامل، يبدأ من ترسيخ ثقافة صحية لدى المواطن، ويمتد إلى تطوير البنية التحتية للمستشفيات وزيادة عدد الكوادر الطبية.

إن تحسين رضا المواطن عن الصحة ليس مجرد مسألة موارد مالية، بل قضية وعي وتنظيم.

ولا يمكن الوصول إلى حالة الرضا المنشودة إلا إذا تعاون المجتمع مع الدولة في الالتزام بالقواعد، وفهم طبيعة التحديات، وإعلاء قيمة النظام في كل تفاصيل تقديم الخدمة الصحية.


يُعَدُّ رضا المواطن أحد أهم المؤشرات التي تقاس بها كفاءة الحكومات وجودة الخدمات العامة.

فهو يعكس مدى استجابة السياسات لاحتياجات الأفراد، وقدرتها على تحقيق التوازن بين تطلعات المجتمع وإمكانات الدولة.
ورغم الجهود المبذولة، فإن تحقيق رضا المواطن الكامل يظل تحديًا معقدًا، نظرًا لاختلاف أولويات الأفراد وتباين تطلعاتهم.

عزيزي القاريء حتي لا ننسي عليك ان تعرف ان الإعلام يلعب دورًا محوريًا في نقل صوت المواطن، وتعزيز الحوار المجتمعي حول القضايا الحيوية.

وكذلك المجتمع المدني له دور محوري في مراقبة الأداء الحكومي، ودعم مبادرات التنمية.

إن رضا المواطن ليس مجرد شعور لحظي، بل هو نتيجة مباشرة لتفاعل متكامل بين الدولة والمجتمع.

وعلينا ان نعلم ان الطب مهنة كغيرها من المهن والوظائف مثل الصحافة والمحاماة والتدريس والشرطة والجيش بها من الوجاهة ما تجعل صاحبها يحتاج إلى المال للمسكن والمأكل والمشرب “الحسن” الذي يليق بهم، وذلك ما يجب علينا من أفراد المجتمع المدني أن نبيّنه للناس.

search