الثلاثاء، 23 سبتمبر 2025

01:04 ص

هل مركبة فضائية؟.. زائر بحجم الجيزة يقترب من الأرض

جزء من رصد وكالة ناسا للفضاء - أرشيفية

جزء من رصد وكالة ناسا للفضاء - أرشيفية

في الأوَّلِ من يوليو الماضي اكتشفَ تلسكوبٌ فضائيٌّ جسمًا يسبحُ في فضاءِ مجموعتِنا الشمسيَّة بسرعةٍ عاليةٍ للغاية، ولم تكن سرعتُهُ وحدَها التي لفتتِ الانتباهَ، بل كان مسارُهُ بينَ النَّجميِّ الذي يُشيرُ إلى أنَّ هذا الجسمَ قادمٌ من خارجِ حدودِ مجموعتِنا الشمسيَّة، بالإضافةِ إلى سلوكِهِ الضوئيِّ والغازيِّ الذي فتحَ البابَ أمامَ الكثيرِ من التكهُّناتِ حولَ هذا الجسمِ الغريب.

فما هي حقيقةُ هذا الجسمِ المثبَتة حتى الآن؟ هل هو متجهٌ نحوَ الأرض؟ هل يُشكِّلُ خطرًا؟ هل هناك احتمالٌ أن يكونَ سفينةَ فضاءٍ خارجيَّة قادمةً من عالمٍ آخرَ إلى مجموعتِنا الشمسيَّة؟

ما هي الحقائقُ المتاحةُ إلى الآن حولَ هذا الجسمِ بينَ النَّجمي؟

  • في 7 مايو 2025 رصدَ التليسكوبُ الفضائيُّ TESS مذنَّبًا يبعُدُ عن الشمسِ حوالي 960 مليون كيلومتر، وعلى الرغم من أنَّ تلك المسافةَ تُعدُّ كبيرةً نسبيًا لرصدِ أيِّ نشاطٍ غازيٍّ لمذنبٍ في الفضاء، إلَّا أنَّ حالةَ الرصدِ هذه أثارت فضولَ العلماءِ قبلَ الاكتشافِ الرسميِّ للمذنب.
  • في 1 يوليو 2025 اكتشفَ التليسكوبُ ATLAS في تشيلي رسميًا مذنَّبًا فضائيًا يسلكُ مسارًا هايبر بوليًّا (خَطِّيًّا – يعبُرُ ولا يعودُ)، ممَّا يعني أنَّه أصبحَ رسميًا ثالثَ مذنَّبٍ بينَ نَجميٍّ يزورُ مجموعتَنا الشمسيَّةَ من خارجِها، وأطلقَ العلماءُ عليه الاسم 3I/ATLAS.
  •  في 21 يوليو 2025 التقطَ التليسكوبُ الفضائيُّ Hubble صورًا للمذنَّبِ أظهرت غلافًا غُباريًا وذيلًا خافتَ الإضاءة، وقد قُدِّرَ قطرُ نواتِه بين 0.32 إلى 5.6 كم، ممَّا يعني أنَّ مساحتَه قد تُعادلُ مساحةَ مدينةِ الجيزة. وتمَّ تحديدُ سرعتِه التي قُدِّرت بنحو 210,000 كم/ساعة، وهذا يجعلُهُ زائرًا يأتي إلى نظامِنا الشمسي.
  • في أغسطس 2025 ظهرت نتائجُ دراساتِ التليسكوب الفضائيِّ James Webb للجسمِ الفضائيِّ وأثبتت أنَّه يحملُ تواقيعَ كيميائيَّة مختلفة جذريًا عن مذنَّباتِ المجموعةِ الشمسيَّة، وعلى خلافِ معظمِ المذنَّباتِ التي تحتوي على وفرةٍ من الماء، فإنَّ هذا المذنبَ يحتوي على نسبةٍ أكبرَ من ثاني أكسيد الكربون.
  • في 7 سبتمبر 2025 رصدَ هواةُ الفلك صورًا للمذنَّبِ أظهرت توهُّجًا أخضرَ اللون، وهو ما يُعتبرُ توهُّجًا غيرَ اعتياديٍّ للمذنَّبات، وجعلَ من المذنَّبِ ظاهرةً فضائيَّةً وبصريَّةً جاذبةً للجمهورِ والإعلام.
  • في 3 أكتوبر 2025 تقريبًا سيكونُ ميعادُ الاقترابِ الأكبرِ للمذنَّب من كوكبِ المريخ، حيثُ سيكونُ على بُعدِ حوالي 30 مليون كم من المريخ، وسيكونُ أوَّلَ جسمٍ بينَ نَجميٍّ تتمكَّنُ المركباتُ الفضائيَّةُ حولَ المريخِ من مراقبتِه.
  • في 29 أكتوبر 2025 تقريبًا سيصلُ إلى مرحلةٍ تُسمَّى "الحَضيضُ الشمسي"، وتعني دُنُوَّهُ لأقربِ نقطةٍ من الشمس، حيثُ يُصبحُ على بُعد حوالي 210 ملايين كم من الشمس.
  •  في نوفمبر – ديسمبر 2025 تقريبًا سيصلُ لأقربِ نقطةٍ من كوكبِ الأرض، عندما يكونُ على بُعد حوالي 270 مليون كم من الأرض، وهي ما يعتبرُه العلماءُ مسافةً آمنةً، قبلَ أن يتَّخذَ المذنَّبُ مسارَهُ إلى خارجِ نظامِنا الشمسي.

ما هو الغريبُ حولَ هذا الزائر؟ وهل هو الزائرُ الأوَّل من خارجِ النظامِ الشمسي؟

على الرغم من أنَّ رصدَ المذنّبات في مجموعتِنا الشمسيّة، حتى ما يصطدمُ منها بالأرض، هو أمرٌ اعتياديّ غير نادر الحدوث، إلا أنَّ عبورَ جسمٍ بينَ نجميّ هو حدثٌ غاية في النُّدرة، إضافةً إلى سلوكِ هذا المُذَنَّب الذي لا يُشبه أيَّ مُذَنَّبٍ آخر على الإطلاق، ممّا خلق حوله الكثير من الفَرَضِيّات، وهنا نستعرضُ أهمّ النقاط المُثيرة حول هذا المُذَنَّب:

  • كونهُ مذنَّبًا بينَ نَجميٍّ هو حادثٌ فريد، حيثُ لم يسبقهُ سوى جسمين فقط: الأوَّل كان 1I/'Oumuamua في أكتوبر 2017 وكان كويكبًا بلا "كوما" أو ذيلٍ واضح، والثاني كان المذنَّب 2I/Borisov الذي شَبَهَ في سلوكِه وتركيبِه وذيلِه مذنَّباتِ المجموعةِ الشمسيَّة العاديَّة.
  • ما يُميِّزه أيضًا عن سابقيه هي سرعتُهُ الهائلة التي تبلغُ 210,000 كم/س، أي أنَّه يمكنُ أن يقطعَ المسافةَ ما بين طنجة في المغربِ العربيِّ إلى دبي في أقلَّ من دقيقتين (100 ثانية تقريبًا)، وهي سرعةٌ تفوقُ كلَّ المركباتِ البشريَّة والجسيماتِ الفضائيَّة المرصودةِ من قبل.
  • ويُعتبرُ تركيبُهُ الكيميائيُّ غيرَ المألوف كما أشارت تقاريرُ التليسكوباتِ الفضائيَّة واحدةً من النقاطِ المثيرةِ للاهتمام، حيثُ يهيمنُ عليه ثاني أكسيدِ الكربون على خلافِ معظمِ المذنَّباتِ التي يهيمنُ عليها الماء، إضافةً إلى رصدِ نشاطِه المائيِّ مُبكرًا مقارنةً بالمذنَّباتِ المعروفة.
  • وأغربُ ما لفتَ الانتباهَ حولَ هذا المذنَّب هو النشاطُ الضوئيُّ الفريد، حيثُ توهَّج بلونٍ أخضرَ غامق أثناءَ الخسوفِ القمريِّ، كما أنَّ العلماءَ أشاروا إلى استقطابٍ ضوئيٍّ غيرِ معهود، ممَّا يجعلُ المذنَّبَ يحملُ بصمةً بصريَّةً فريدة.

مذنَّبٌ أم مركبةٌ فضائيَّةٌ غريبة؟

وعلى الرغم من التأكيدات المتواترة من وكالات الفضاء (NASA, ESA) أنه مجرد مذنّبٍ بين نجميّ له سلوك فريد، إلا أن الكثير من الأوراق والأطروحات قد نُشرت تُرجّح أنه قد يكون تكنولوجيا غريبة عن نظامنا الشمسي، وأكدوا ذلك بسبب التوهّج الأخضر، وشكل وحجم "الـكُوما" أو الذيل، والتركيب الكيميائي، والسرعة الهائلة، مما جعل البعض يُرجّح – في عدة تقارير صحفية – أنه قد تكون سفينةَ فضاءٍ نووية.

وتقول بعض النظريات الأخرى المنشورة، إنه قد يكون بقايا جسم كوكبيٍّ متجمّد، أو جسمًا متفككًا متشظّيًا، ولكن على الرغم من انتشار تلك الفرضيات والمزاعم، إلا أن الرواية الرسمية لا تزال تدور في فلك أنه مجرد مذنّب نادر فقط.

هل من خطرٍ على الأرض؟

وعلى الرغم من تلك النظريّات التي تنتشر عن طبيعة هذا المُذَنَّب، والتي أشارت إلى رَصْدِ انحرافٍ طفيفٍ في مسارِه، جعل البعض يُرجِّحون أنه تِقْنيّةٌ خارجيّة، إلا أن وكالات الفضاء قد أكّدت أنه لا يتخطّى كونه مُذَنَّبًا نادرًا، وأن هذا الانحراف لا يزال يقع في إطار الانحرافات الطبيعيّة لمثل هذه المُذَنَّبات.

كما تؤكّد الوكالات أن المسار المحدَّد للمُذَنَّب ما زال بعيدًا عن الأرض، ولا يُمثّل أيّ خطورة تُذْكَر، في حين لا يزال المهتمّون بالفضاء والظواهر الغريبة يتطلّعون إلى مسار ونشاط هذا المُذَنَّب بشغفٍ شديد.

search