الجمعة، 26 سبتمبر 2025

03:51 ص

جرائم حرب ومواقف مثيرة للجدل.. الوجه الآخر لـ توني بلير

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير

أصبح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الاسم المطروح على رأي الحكومة الانتقالية في قطاع غزة، ولكن التاريخ لا يمكن أن يغفل للرجل دوره في إشعال حرب أفغانستان والعراق وغيرها من الجرائم.

فاز بلير بثلاثة انتخابات متتالية في المملكة المتحدة، وهو رقم قياسي لم يعادله في العصر الحديث سوى مارغريت تاتشر، ولكن بحلول وقت رحيله، كان حزب العمال الذي ينتمي إليه يعاني من انقسامات داخلية وهزّته الفضائح، وكانت شعبيته في تراجع.

بلير ومأساة حرب أفغانستان

يصف مارك سيدون، وهو كاتب خطابات للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن بريطانيا انجرت إلى حرب أفغانستان التي استُدرجت إليها، حيث قادهم توني بلير إلى أفغانستان، وسافر بنفسه إلى روما للقاء البابا للحصول على دعمه للحرب، ساعيًا لمناقشة القديس توما الأكويني و"نظريته للحرب العادلة" معه.

وأوضح سيدون في مقاله بصحيفة جاكوب أنها كانت حربًا بدأت بلا قصد، وخيضت بمزيج غريب من التهور والتردد، وانتهت بعد معاناة وكارثة، دون أن يُنسب إليها أي مجد يُذكر، لا للحكومة التي قادتها، ولا للقوات الكبيرة التي خاضتها.

لم تُجنَ من هذه الحرب أي فائدة، سياسية كانت أو عسكرية.

نتجت عنها حرب عقيمة استمرت واحدًا وعشرين عامًا، كلّفت أكثر من 2.3 تريليون دولار، وأزهقت أرواح أكثر من 240 ألف شخص، منهم 71 ألف مدني (وفقًا لتقرير صادر عن هيئة تفتيش أمريكية).

فضيحة حرب العراق

كان توني بلير من أشد المتحمسين لحرب العراق التي خاضتها بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة. 

وبدأت موهبته في "التضليل الإعلامي" تُزعج شريحة كبيرة من الناخبين البريطانيين، الذين وجدوا صعوبة في تصديق أن رئيس وزرائهم هو حقًا الرجل الملتزم بالمبادئ الذي يدّعيه.

لم يستطع بلير التخلص من الانطباع العام بأنه استخدم الخداع في الترويج لقضية الحرب على العراق عام 2003، وأن حكومته أخضعت أولويات سياستها الخارجية لأهداف إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، بحسب مركز الدراسات الفلسطينية.

ومع ذلك، فإن التساؤلات حول دوره في حرب العراق لم تؤثر كثيرًا على سمعته الدولية كرجل دولة عالمي وثقل سياسي، وهو السبب نفسه الذي عُرض عليه من خلاله منصب الرباعية.

تجنبت شخصيات عامة عديدة إثارة الشكوك حول سلوكه، حتى في حين أن ظهوره العلني في بريطانيا كان يجذب دائمًا حشدًا من المتظاهرين المطالبين بمحاكمته بتهمة جرائم الحرب.

في السنوات التي أعقبت غزو العراق، تراكمت الأدلة ضد بلير ببطء، لا سيما مع التحقيق الرسمي البريطاني في حرب العراق (تحقيق تشيلكوت) الذي انتهت جلساته في أوائل عام 2011.

تأخر نشر التقرير النهائي مرارًا لأن المسؤولين البريطانيين منعوا الوصول إلى السجلات الرسمية للمحادثات بين بوش وبلير في الفترة التي سبقت الغزو. 

ومع ذلك، أشار السير جون تشيلكوت إلى أنه من المرجح أن ينتقد بلير بشدة، لا سيما بشأن إساءة استخدام المعلومات الاستخباراتية.

في صيف عام 2012، رفض رئيس الأساقفة الفخري ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام والمعارض لنظام الفصل العنصري، علنًا مشاركة بلير منبرًا في قمة القيادة في جوهانسبرغ.

وفي مقال رأي برر فيه قراره، انتقد توتو بلير بشدة ووصفه بأنه مجرم حرب يجب أن يُحاكم في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لغزو العراق، وقال: "في عالم متسق، ينبغي على المسؤولين عن هذه المعاناة وخسارة الأرواح أن يسلكوا نفس نهج نظرائهم الأفارقة والآسيويين الذين حوكموا في لاهاي على أفعالهم".

وأضاف أن غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا قد مهّد الطريق لمزيد من المعاناة في الشرق الأوسط، لا سيما بتمهيده للحرب الأهلية في سوريا، وبإتاحة الفرصة لإسرائيل لإطلاق تهديدات متكررة بضرب إيران لوقف برنامجها النووي المزعوم. وكتب توتو أن بوش وبلير "دفعانا إلى حافة الهاوية التي نقف عليها الآن، وشبح سوريا وإيران أمامنا".

دور مشبوه في فلسطين

في 27 يونيو 2007، استقال توني بلير من منصبه كرئيس وزراء بريطانيا بعد عشر سنوات، وفي اليوم نفسه، عُيّن ممثلًا للجنة الرباعية (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، روسيا)، وهي هيئة أُنشئت عام 2002 للإشراف على العملية الدبلوماسية بين إسرائيل والفلسطينيين.

وكان بلير بمثابة صوت إسرائيل داخل المنظمة، حيث غضّ الطرف عن الجرائم الإسرائيلية، بينما مارس ضغوطًا على الفلسطينيين.

شبكة علاقات مشبوهة

وكان جوناثان باول من الشخصيات التي التقت بالشرع وعملت على تأهيله عام 2021، وهو مقرب من المخابرات الأمريكية وصديق مقرب من توني بلير، ولعب دورًا أساسيًا في تحريك الشرع ووضع الخطة التي أوصلته إلى سدة الحكم في دمشق.

search