الإثنين، 29 سبتمبر 2025

06:27 ص

بعد حريق المحلة.. من يحمي العمال من نيران المصانع المخالفة؟

حريق - صورة أرشيفية

حريق - صورة أرشيفية

مع صباح كل يوم يستيقظ عمال مصنع “غزل البشبيشي” في المحلة الكبرى، بحثًا على لقمة العيش، قبل صباح يوم الجمعة الماضي كان كل شيء يسير على ما يرام، قبل أن تحدث الفاجعة التي هزت أركان محافظة الغربية، بعد حريق خلف 44 شخصًا بين ضحية ومصاب، فضلًا عن رحيل أحد أفراد الحماية المدينة.

الحريق المفجع فتح باب التساؤل حول اشتراطات الأمان والسلامة بالمصانع ودور المحافظين في هذا الأمر خصوصًا بعدما تم اكتشاف أن المصنع غير مرخص بالأساس.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قال في أحدث تقرير له إن عدد حوادث الحرائق بلغ 46 ألف حادث عام 2024، مقابل 45 ألف حادث عام 2023 بنسبة ارتفاع 3.2%.

أين هيئة التنمية الصناعية؟

من جانبه أكد خبير التطوير والتنمية المستدامة واستشاري المناطق غير الأمنة، الحسين حسان، أن "أي مصنع لابد أن توجد به لافتات  إرشادية توضح طريقة الإخلاء واستخدام معدات الحريق وإعداد خطط للإخلاء والطوارئ والسلامة، وعلى الرغم من ذلك لم نر مثل ذلك في هذا المصنع، متسائلًا: “أين دور هيئة التنمية الصناعية مما يحدث في بعض المصانع، ويؤثر على أكل عيش الناس؟".

الحماية المدنية وملف التراخيص

وأوضح حسان في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، هناك العديد من الأجهزة الحديثة في المناطق الصناعية للكشف عن الحرائق، وتكون مرتبطة بالحماية المدنية وهو ما لم يتحقق في هذا المصنع.

وقال حسان، "إن من بين معايير السلامة أن تكون هذه المنشأة مرخصة من الجهة المختصة وتلتزم بلوائح السلامة والصحة المهنية المنصوص عليها وخاضعة لرقابة من جهات التفتيش، ولذلك قرر محافظ الغربية تشكيل لجنة متخصصة لفحص ملف تراخيص المنشآت والمصانع بالمحلة بعدما اكتشفوا أن المصنع يعمل بدون ترخيص".

غياب أنظمة كشف الحرائق

وأكد خبير التطوير والتنمية المستدامة على ضرورة وجود أنظمة إنذار مبكر وكشف الحرائق والتي تفتقدها المصانع في مصر، حيث كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن حرائق الحوادث تأتي بنسبة 20.9%، يليها الإهمال بنسبة 10.4%، وبسبب (أعقاب السجائر، وأعواد الكبريت، ومادة مشتعلة) بنسبة 31.6%، والماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي بنسبة 18%.

وأكد أن الغلايات الموجودة في مصنع المحلة تتعامل مع ضغوط عالية وفق مواصفات فنية عالية، متسائلًا "هل تم التعامل مع تلك الغلايات وعمل شبكة خاصة لهذا المصانع؟، وهل تم استخدام الخامات المقاومة للحريق من حوائط وأرضيات؟".

سوء رقابة

وأوضح أن أنظمة الأمان وإطفاء الحرائق تغيرت في العالم من معدات حديثة وسريعة بدلًا من طفايات الحريق وخراطيم المياه بالإضافة إلى طائرات تقوم بعمليات الإطفاء، مشيرًا إلى أن أغلب المصانع تستخدم أنظمة قديمة لإطفاء الحرائق مع غياب خزانات المياه لحالات الطوارئ في المصانع، الأمر الذي يجعلنا نفكر في وجود سوء رقابة على المصانع.

مخارج الطوارئ

وأشار حسان إلى أن أغلب المصانع والمنشآت الحيوية العامة لا توجد بها مخارج طوارئ، مع عدم وجود فحص وصيانة دورية للمعدات والأجهزة للتأكد من عدم وجود مشكلات بها، وعدم وجود فحص مستمر للأسلاك الكهربائية داخلها.

وأكد أنه لا بُد من اختيار الخرسانات المناسبة للمصانع ومراقبة تلك التي تحتوي على آلات حرارية، وتولد شررًا بشكل مستمر، مشددًا على أهمية وجود مساءلة وعقوبات على المسؤولين لمنع تكرر تلك الكوارث مرة أخرى.

أين الجهات الرقابية؟

من جانبه قال عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، سيد شمس الدين، أن حريق مصنع المحلة الذي تبين أنه غير مرخص وجه الضوء حول تقصير الجهات المختصة في محافظة الغربية، خصوصًا أنه يعمل منذ سنوات، متسائلًا "كيف لذلك أن يحدث؟".

وتساءل شمس الدين خلال تصريحات لـ"تليجراف مصر"، "أين الجهات الرقابية التابعة للتنمية الصناعية من هذا الأمر؟، ولماذا لم تتم معاينة هذا المصنع؟، قائلًا: إحنا مش بنصحى أو بنتحرك إلا لما تحصل مصيبة؟".

وأكد أن اشتراطات السلامة للمصانع مسؤولية الدفاع المدني، وتراخيص المصانع أيضًا، ولكن لأن المصنع غير مرخص فتعتبر اشتراطات السلامة غير مطبقة.

دور المحافظين غائب

فيما قال أستاذ الإدارة المحلية، الدكتور حمدي عرفة، إن هناك فجوة كبيرة بين عدد مفتشي السلامة والصحة المهنية والمنشآت الحكومية والخاصة والسبب قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، مشيرًا إلى أن ظاهرة اشتعال الحرائق انتشرت في الفترة الماضية بشكل لافت وطالت منطقة وسط البلد ومبنى سنترال رمسيس وفي المصانع بالمدن الصناعية في المحافظات.

وأشار عرفة لـ"تليجراف مصر"، إلى أن دور المحافظين يقتصر على التواجد في الشارع في موقع الحادث لرفع آثار الحريق دون حل حقيقي وملموس لأزمة المحال والأكشاك المخالفة في مصر وتوفير بديل لأصحابها، ولكن طبقًا لقانون الإدارة المحلية، المحافظون مطالبون بالتنسيق واتخاذ القرارات البديلة في حالة الأزمات التي تخص عامة المواطنين ومنها الحرائق.

 

روشتة للتعامل مع الحرائق

وأضاف عرفة أنه لا بُد من وجود تخزين آمن للمواد القابلة للاشتعال في أماكن مخصصة ومغلقة، وتوفير تدريب للموظفين على إجراءات السلامة والإخلاء ووجود مخارج الطوارئ، ولكن على الرغم من ذلك اكتشف المسؤولون أن العمال في المصنع لم يكن لهم عقود عمل تربطهم به.

وأوضح أنه لا بُد من وجود فرق وموظفين فنيين في الوزارات للسيطرة على الحرائق بالتنسيق مع إدارة الدفاع المدني، ووجود منظومة إطفاء واستشعار للحرائق للتعامل معها في وقتها ووجود بدائل وخطط استراتيجية للتعامل معها.

وأشار عرفة إلى أن علم إداره الأزمات يمر بعدة مراحل منها التنبئو بالأزمة ووضع الاستراتيجيات البديلة للأزمات قبل حدوث الأزمة، وسيناريوهات التعامل مع مرحلة الأزمة أثناء وقوعها، وبعد انتهائها.

search