الأربعاء، 01 أكتوبر 2025

04:02 م

حلم الألماس يتحول للشاشة الفضية.. حكاية جون بيرد صاحب أول صورة تلفزيونية

جون بيرد

جون بيرد

بروح ابتكارية لا تعرف المستحيل، سطعت أول صورة تلفزيونية عبر شاشة صندوق عجائب الدنيا السحري في أكتوبر 1925، لتكون تلك شرارة الانطلاقة لعالم التلفزيون، عبر وجه أحد الموظفين البسطاء، الذي تحوّل لاحقًا للنجم الأول للشاشة الفضية.

ظهور أول صورة بشرية في التلفزيون

حلم العلماء منذ خمسينيات القرن التاسع عشر، بابتكار جهاز التلفزيون، عشرات المحاولات الفاشلة التي فشلت في تحقيق الابتكار، إلى أن تدخل الشاب بيرد ليجعله واقعًا ملموسًا.

بعد إعفائه من الخدمة العسكرية في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، كان ذهن بيرد مليئًا بالتخيلات والابتكارات البراقة، التي صقلها عنفوان الشباب، فبدأ يجرّب عدة اختراعات لم يحالفها النجاح، فحاول إنتاج ألماس صناعي، بعدها عكف على تصنيع علاج منزلي لمرض البواسير، الذي قوبل بسخرية واسعة من المحيطين، وانتهى بالفشل كما سبقه.

رغم تكرار الفشل فإن بيرد لم يفقد شغفه، وعمل بائعًا للمنتجات الاستهلاكية البسيطة كالجوارب والصابون ليكون قادرًا على تمويل ابتكاراته، وفي عام 1923 استطاع استثمار مقر له في مدينة هاستينجز الساحلية عام ليبدأ تجاربه، مستخدمًا قطع خردة كانت عبارة عن: “علب بسكويت، محركات قديمة، وأقراص كرتونية مزودة بعدسات دراجات”.

من الظلال إلى الوجه البشري

نجح بعد العديد من المرات في إرسال صورة ظلية بواسطة جهازه البسيط، كنموذج أولي للتلفزيون، ليقرر بعدها الانتقال للندن للاستقرار في مختبر متواضع بشارع فريث في سوهو، ولأن جهازه الذي أحضره للندن أصبح مصدرًا لحرارة هائلة، اضطر لاستخدام دمية لتجاربه لاستحضار أول صورة على شاشته أسماها “ستوكي بيل”، لكنه في 1925 شعر بالحاجة لوجود نموذج بشري، لذلك استعان بالشاب ويليام تاينتون.

أول صورة تلفازية بشرية

ووفقًا لما نشرت شبكة الإذاعة البريطانية BBC، جلس الشاب وسط حرارة خانقة وأسلاك متدلية، مقلدًا حركات وجه مضحكة، بينما كان بيرد يترقب النتيجة، وفجأة ظهرت على شاشة صغيرة صورة لوجه متحرك غير واضحة، مليئة بالخطوط والظلال، لكنها كانت حقيقية، حينها صرخ بيرد من السعادة والحماس: "لدي تلفزيون أخيرًا".

أول أجر تلفزيوني

استلم تاينتون نصف كراون على عمله كمتطوعٍ في التجربة، وهو ما سجّل تاريخيًا كأول أجر تلفزيوني، إلا أنه آنذاك علّق واصفًا للصورة بالبدائية، لكن حماسة بيرد كانت المسبطرة على الأجواء، فرد عليه آنذاك: "هذا هو بداية كل شيء، وسيدخل التلفزيون كل بيت في العالم".

وفي يناير 1926، قدم بيرد أول عرض علني للتلفزيون، واضعًا الأساس لتقنيات أكثر تطورًا ظهرت لاحقًا، وبعد وفاته عام 1946 عن عمر ناهز 57 عامًا، تخلد اسمه في تاريخ الإعلام.

أما في عام  1965، عاد تاينتون ليتحدث عن دوره، بينما كان العالم قد صار يشاهد لحظة هبوط الإنسان على القمر عبر الشاشات، ليصبح ما بدأ في مختبر بدائي بلندن ثورة غيرت وجه البشرية.

search