الجمعة، 03 أكتوبر 2025

01:15 ص

طيران أمريكي يحوم بسماء الشرق الأوسط.. هل تتجدد حرب إيران وإسرائيل؟

 الحرب بين إسرائيل وإيران-أرشيفية

الحرب بين إسرائيل وإيران-أرشيفية

رغم مرور وقت قصير على آخر مواجهة بين إيران وإسرائيل، تلوح في الأفق ملامح مواجهة جديدة، وسط مؤشرات متزايدة على أن "الحرب المؤجلة" تقترب، وفق ما أجمعت عليه تقارير وتحليلات صادرة عن صحف ومراكز أبحاث دولية وإسرائيلية، على نحو قد يجعلها أكثر دموية واتساعًا من الحرب السابقة في يونيو الماضي.

إخفاقات الجولة الماضية

وبحسب تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي”، فإن ما يميز الجولة المقبلة هو استعداد طهران لشن هجوم مضاد منذ اللحظة الأولى، بعدما أظهرت حرب يونيو محدودية قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها، فتل أبيب كانت تسعى حينها إلى استدراج الولايات المتحدة نحو مواجهة مفتوحة مع إيران وإضعاف النظام الإيراني، بل وتحويله إلى “سوريا ثانية”، غير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اكتفى بضربة مركزة ضد منشآت نووية إيرانية، رافضًا الانخراط في حرب شاملة، ما أجبر إسرائيل على القبول بوقف إطلاق النار رغم خسائرها الميدانية.

لم تتمكن إسرائيل من زعزعة النظام الإيراني، بل عززت الحرب الروح القومية في الداخل بعد مقتل قيادات بارزة، وكذلك فشلت في فرض تفوق جوي طويل الأمد واضطرت للاعتماد على المظلة الدفاعية الأمريكية، واستُهلك ربع صواريخ "ثاد" خلال أقل من أسبوعين. 

صواريخ “ثاد” الإسرائيلية

واليوم، تعتمد إسرائيل ما تسميه سياسة "القصاص الرحيم" القائمة على ضربات وقائية متكررة، في حين تتوعد طهران بردود أسرع وأكثر حدة لإفشال ما تصفه باستراتيجية "جزّ العشب".

حالة تأهب إيرانية

تشير تقديرات عسكرية إسرائيلية إلى أن إيران باتت في حالة استعداد قصوى، معتمدة على أكثر من 20 ألف صاروخ باليستي وكروز، وفق ما كشفه موقع "نتسيف" العبري استنادًا إلى صور أقمار اصطناعية حديثة. 

واعتبرت باتريشيا مارينز، الباحثة في ملفات الدفاع والأمن، أن طهران أعادت بعد حرب يونيو تأهيل ترسانتها الصاروخية، لتصبح أضخم من ترسانة كوريا الشمالية.

الترسانة الصاروخية الإيرانية- أرشيفية

مأزق المفاوضات النووية

الأزمة النووية بين واشنطن وطهران تشكل بدورها عاملًا إضافيًا في التصعيد، فقد أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، السبت الماضي، أنه رفض طلب الولايات المتحدة تسليم كامل مخزون بلاده من اليورانيوم المخصب مقابل إعفاء من العقوبات لمدة ثلاثة أشهر، معتبرا العرض "غير مقبول". 

وأوضح بزشكيان في تصريحات للصحفيين في نيويورك عقب لقائه ترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن بلاده "لن تسلّم كل ما لديها من أوراق استراتيجية مقابل إعفاء مؤقت".

مؤشرات عسكرية أمريكية

إلى جانب ذلك، رُصدت تحركات غير معتادة لطائرات التزود بالوقود الأمريكية من طراز "KC-135 Stratotanker"، حيث توجهت العشرات منها في 30 سبتمبر إلى قاعدة العديد الجوية في قطر، في واحدة من أكبر عمليات النشر من هذا النوع خلال الأشهر الأخيرة، بحسب وكالة “رويترز”.

طائرات التزود بالوقود الأمريكية

كما تم تحويل مسار بعضها من قاعدة "رايف ميلدنهال" في بريطانيا إلى "بريستويك" بسبب الظروف الجوية قبل وصولها إلى قطر. 

وتزامنت هذه التحركات مع انعقاد قمة عسكرية سرية في قاعدة "كوانتيكو" الأمريكية، ما دفع المراقبين إلى التكهن بوجود تحضيرات لعمل عسكري أمريكي أو لحلف الناتو، ورغم ذلك، لم يصدر البنتاجون أي تعليق رسمي بشأن أهداف هذا النشر.

الموقف الروسي 

على الصعيد الدولي، عبّرت موسكو عن قلقها من تصاعد التهديدات ضد طهران، فقد حذرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من "محاولات لاستخدام ذريعة لضرب إيران مجددًا"، مؤكدة التزام روسيا بحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ومشددة على أن التهديدات المتكررة ضد طهران "لا يمكن تجاهلها".

فيما دخلت معاهدة “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” بين روسيا وإيران حيز التنفيذ رسمياً اليوم الخميس، والتي وصفتها الخارجية الروسية بأنها “نقطة تحول فارقة تعكس الخيار الاستراتيجي لقيادتَي البلدين” في إطار مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، والعمل في ظل “ظروف عالم متعدد الأقطاب”.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحضران حفل توقيع اتفاقية “الشراكة الاستراتيجية الشاملة”

العقوبات الأوروبية والرد الإيراني

تزامنا مع ذلك، أعادت دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا) تفعيل آلية "سناب باك" التي أعادت فرض العقوبات الأممية على إيران. 

وردًا على ذلك، أطلق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، حملة دبلوماسية للتشكيك في شرعية هذه الخطوة، معولًا على دعم صيني وروسي، إلا أن الدعم بقي محدودًا، إذ لم تعلن بكين ولا موسكو رفضهما الالتزام بالقرارات الأممية خشية العقوبات الثانوية الأمريكية.

في سياق ذي صلة، وخلال لقاء جمع القائد العام لحرس الثورة الإسلامية، اللواء محمد باكبور ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء سيد عبد الرحيم موسوي، الأحد الماضي، أكد الأخير مواصلة عملية تطوير وتحديث الأنظمة والمعدات الدفاعية في البلاد، مشددا على الجاهزية الكاملة للقوات المسلحة لمواجهة أي تهديد أو عدوان محتمل بكل قوة.

وأشاد موسوي بجهود الحرس الثوري في مختلف المجالات، مؤكدا أن سياساته وتوجهاته الرئيسة تنسجم مع استراتيجية النظام الرامية إلى تعزيز قدرات الردع والدفاع الشامل.

تهديد مباشر لواشنطن

صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، لفتت بدورها إلى أن إيران تواصل تهديداتها العلنية رغم العقوبات والخسائر في حرب يونيو، ناقلة عن محسن رضائي، تحذيره من أن أي حرب إسرائيلية جديدة "ستتحول تلقائيًا إلى مواجهة مع الولايات المتحدة"، مع تهديد باستهداف مواقع أمريكية في المنطقة إذا جرى استخدام القوة العسكرية ضد إيران.

وأضاف رضائي في مقابلة مع التلفزيون الإيراني الرسمي يوم 28 سبتمبر: "الصهاينة يسعون لتجربة حظهم ضد إيران مرة أخرى، لكن قريبًا ستقع أحداث داخل إسرائيل ستجعل ذلك مستحيلاً"، رافضًا الكشف عن التفاصيل، مؤكدًا أن طهران لن تقبل بمفاوضات جديدة مع الغرب إذا كان هدفها مجرد منح إسرائيل وقتًا إضافيًا للإعداد أو تعزيز موقفها.

لقطات من الحرب الإيرانية الإسرائيلية السابقة أثناء تراشق الصواريخ

وبينما تواصل إسرائيل استعداداتها لما تعتبره "جولة ثانية"، تبدو طهران واثقة من قدرتها على قلب موازين المعركة منذ بدايتها، في وقت تحذر فيه روسيا، وتراقب الصين عن بعد، بينما تظل الولايات المتحدة عالقة بين ضغوط حلفائها في تل أبيب ومخاطر الانجرار إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط.

search