المعادن الثمينة تعيد الكونغو إلى دوائر الصراع.. ماذا يريد المتمردون؟

عناصر من إم 23 (رويترز)
عادت الكونغو الديمقراطية إلى دائرة النزاعات المسلحة مع تجدد المواجهات بين القوات الحكومية وحركة “إم 23" (23 مارس) المتمردة.
وتسبّب هذا التصعيد، الذي يتركز على الحدود مع رواندا في مقاطعتي شمال وجنوب كيفو، في نزوح ملايين المدنيين، بينما أخفقت مبادرات السلام الأخيرة، مثل الاتفاق الذي وقع في 27 يونيو 2025 بوساطة أمريكية وقطرية، في تحقيق تقدم ملموس، وفقًا لصحيفة "مودرن ديبلوماسي".
الصراع ليس جديد
الصراع الحالي ليس جديدًا على المنطقة، إذ يعود إلى الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، التي دفعت ميليشيات الهوتو إلى عبور الحدود إلى الكونغو، ما خلق بؤرة توتر مستمرة منذ ثلاثة عقود، ورغم توقيع اتفاقيات سلام متعددة برعاية قوى خارجية، فإنها غالبًا ما تفشل لأنها لا تعالج أزمة الثقة والأسباب البنيوية للنزاع.
صراع على المعادن
المعادن الثمينة تشكل مركز الصراع في شرق الكونغو، فتنتج المنطقة الكولتان، القصدير، والذهب، وأكدت تقارير أممية أن هذه المعادن يتم تهريبها إلى رواندا ومنها إلى الأسواق العالمية.
وتفرض حركة "إم 23" هيمنتها على مواقع التعدين وشبكات التهريب، ما يضمن لها مصدرًا ثابتًا لتمويل القتال.
من جانبها، تستفيد رواندا من هذه الموارد عبر دعم مباشر أو عبر التغاضي عن نشاط الحركة، مع احتفاظها بإنكار رسمي لأي تورط، وفقًا للصحيفة.
بالنسبة للكونغو، فإن فقدان المناجم والأراضي ليس فقط خسارة اقتصادية، بل أيضًا مسألة سيادة وطنية، وتسعى الولايات المتحدة لتأمين سلاسل إمداد مستقرة، في حين تهيمن الصين فعليًا على قطاع التعدين.
الصراع يتجاوز حدوده العالمية
صراع الكونغو يتجاوز حدوده الوطنية، لأنه يتعلق مباشرةً بالاقتصاد العالمي، فالمعادن المستخرجة تدخل في صناعة الإلكترونيات والبطاريات وتقنيات الطاقة المتجددة، بالتالي، فإن السيطرة على موارد الكونغو تعني النفوذ على قطاعات استراتيجية في السوق الدولية.
مأزق التفاوض
الجولات المتعددة من المفاوضات لم تعالج المطالب الجوهرية، فلا يستطيع الرئيس فيليكس تشيسكيدي سياسيًا القبول بتقاسم السلطة أو إطلاق مئات الأسرى، خشية أن يتم النظر إليه كزعيم ضعيف.
حركة “إم 23” تشترط تنازلات سياسية وإطلاق السجناء قبل أي تقدم في المفاوضات، مستندةً إلى قوتها العسكرية وسيطرتها على مناطق واسعة تمنحها أوراق ضغط مهمة.
خارج حدود الكونغو، تستخدم رواندا "استراتيجية الوكالة" عبر دعم أو التأثير في النزاع مع إنكار المسؤولية، ما يعقد أي مساءلة دولية. أما الوساطات الخارجية، الأمريكية والقطرية خصوصًا، فتبدو متسرعة، تسعى لإحراز مكاسب سياسية سريعة لخفض الضغوط الدولية، لكنها لا تنجح في بناء الثقة المستدامة بين الأطراف.
حدود التدخل الخارجي
رغم اهتمام الولايات المتحدة، فإن نفوذها محدود، فغياب قوة إنفاذ على الأرض يجعل الضغط الخارجي غير كافٍ لإجبار الأطراف المستفيدة من استمرار الوضع على تقديم تنازلات حقيقية، وفي الوقت نفسه، ترى قوى دولية أخرى مثل الصين في استمرار نفوذها على قطاع التعدين ميزة استراتيجية يصعب التخلي عنها، بحسب الصحيفة.
مسار الصراع
المؤشرات الحالية تظهر أن النزاع يتجه نحو مزيد من التصعيد، إذ يعتمد الجيش الكونغولي على متعاقدين أجانب للاحتفاظ بمواقعه، وعززت حركة “إم 23” صفوفها بآلاف المجندين وتبدو مصممة على توسيع نطاق سيطرتها.
على المدى المتوسط، قد يؤدي الضغط الأمريكي على رواندا إلى بعض التنازلات التكتيكية، مثل انسحابات محدودة أو تبادل أسرى، غير أن غياب آليات ملزمة لتنفيذ هذه التعهدات يجعلها حلولًا مؤقتة في أفضل الأحوال، أما على المدى الطويل، فاستمرار تهريب المعادن، واستفادة القوى الإقليمية والدولية من الوضع، يعني أن السلام الحقيقي لا يزال بعيد المنال.

الأكثر قراءة
-
أكثر 5 قرى معرضة لفيضانات النيل في الغربية
-
السنوات العجاف.. ماذا تفعل مصر مع كارثة سد النهضة المحتملة؟
-
قرارات عاجلة وطوارئ في الغربية لمواجهة تداعيات فيضانات النيل
-
غدر إثيوبيا.. ورد مصر!
-
استمرار رفع حالة الاستعدادات بالأقصر لمتابعة مناسيب النيل
-
التفاصيل الكاملة لفيضان المنوفية وغرق أراضي طرح النهر
-
انتهاء خلاف شقيق عماد زيادة وإحدى الشركات الأجنبية في قضية الشيكات
-
هل يتأثر إنتاج كهرباء السد العالي بعد فيضانات النيل؟

أخبار ذات صلة
بعد رد حماس.. نتنياهو يعقد اجتماعًا طارئًا بلا بن جفير وسموتريتش
04 أكتوبر 2025 01:22 م
انتخابات ودستور مؤقت.. أبو مازن يعلن "خارطة الطريق" في فلسطين بعد انتهاء الحرب
04 أكتوبر 2025 12:40 م
مستشار أبو مازن: شيء واحد "يُرعبنا" بعد موافقة حماس على خطة ترامب
04 أكتوبر 2025 11:31 ص
بـ3 شروط.. "حماس" توافق على خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة
04 أكتوبر 2025 10:57 ص
أكثر الكلمات انتشاراً